–ديانا غسطين–سفير الشمال
يحتفل العالم في الثامن من آذار في كل عام بـ ″يوم المرأة العالمي″، كيف لا وهي الام والاخت والصديقة والحبيبة والزوجة ومربية الاجيال، وهي كل الدنيا.
وعلى الرغم من ذلك، لا تزال النساء في يومنا هذا يعانين من تصرفات مجتمع ذكوري تبدأ بالتهميش لتنتهي احياناً كثيرة بالقتل. فماذا عن ظاهرة العنف ضد النساء ولماذا نشهد ازدياداً في نسبتها؟
في السياق، تشير الصحافية والناشطة النسوية حياة مرشاد في حديث لـ”سفير الشمال”، الى ان “السبب الاساسي وراء ارتفاع نسبة العنف ضد النساء في السنتين الاخيرتين هو كورونا والازمة الصحية. فالمعروف انه عند الازمات وعدم الاستقرار (امني، سياسي، اجتماعي، مالي وصحي) يزداد العنف ليس فقط ضد النساء بل ضد الفئات الاكثر تهميشاً ايضاً.
والأسوأ الحجر المنزلي المترافق مع فيروس كورونا، ارخى بظلاله على النساء لا سيما اللواتي يعشن مع رجال معنِّفين”.
وتضيف: “الدراسات العالمية تقول ان المنزل هو من الاماكن الاكثر خطورة للنساء اذ ان اعلى نسب عنف تتعرض له النساء تكون على ايدي اشخاص مقربين مثل الاب، الاخ، الزوج، او الشريك الحميم. اليوم، الحجر المنزلي بالاضافة الى عدم القدرة على التنقل للوصول الى الخدمات، او التواصل مع العالم الخارجي بشكل سهل مثل قبل ادى الى ارتفاع نسبة التبليغ عن العنف لاكثر من 100% في لبنان وفي مختلف دول العالم”.
وحول عمل الجمعيات النسوية تقول مرشاد: “حماية النساء من العنف قضية وطنية. الا انه يهمني ان اوضح ان الدور الذي تلعبه الجمعيات النسوية في هذا الخصوص، لا يعفي الدولة من تحمل مسؤولياتها تجاه النساء. فالدور الاكبر والاهم في هذه القضية هو للدولة مثل سن القوانين الخاصة بحماية النساء، كما تأمين الموارد اللازمة لذلك”. وتكمل “على سبيل المثال، فإن صندوق دعم الناجيات المنصوص عليه في قانون العنف الاسري الصادر عام 2014، لم تقر له موازنة حتى اليوم. حتى الآليات التطبيقية وطريقة تعامل القضاء والامن مع ملفات قتل النساء يجب على الدولة ان تكون مسؤولة عنها”.
وتتساءل مرشاد عن سبب غياب مراكز الإيواء الوطنية للنساء المعنفات اسوة بالعديد من الدول العربية المجاورة.
وتتابع: “اليوم المنظمات للاسف تقوم بدورها وفي نفس الوقت تحاول لعب الدور الذي غيب عنه الدولة وذلك على الصعد التالية:
أولاً، على صعيد رفع التوعية حول موضوع العنف ضد النساء، عبر تشجيع الناس على التبليغ عن العنف، كما التوقف عن تبريره. فهذه ليست قضية شخصية انما قضية مجتمع. كما عبر رسائل التوعية للنساء والتي تشجعهن على كسر حاجز الصمت وحماية انفسهن.
ثانياً، المناصرة والحملات التي تتوجه مباشرة الى السياسيين وصناع القرار. فلولا عمل المنظمات النسائية لما ابصر قانون حماية المرأة من العنف الاسري النور. فقد عملت الجمعيات على تحضير هذا القانون ومسودته وضغطت على مدى سنوات لاقراره ، ثم تعديله في العام 2020، وستستمر هذه الجمعيات بعملها هذا من اجل ان يبقى هذا القانون قادراً على حماية النساء. والكلام عن العنف ضد النساء لا يعني فقط قانون العنف الاسري، فهناك اسباب عدة تشجع على العنف ضد النساء منها قوانين الاحوال الشخصية التي تأخذ الولد من حضن امه بسبب قوانين حضانة جائرة وتميز ضدهن في الطلاق والنفقة والزواج والارث وسواها، لهذا تناضل هذه المنظمات في سبيل إقرار قانون مدني للاحوال الشخصية من اجل خلاص النساء. وعلى الصعيد التشريعي، تعمل بعض المنظمات عبر الضغط على المحاكم الدينية من اجل تعديل النصوص الدينية المجحفة. فنحن حاضرون دائما لرفع الصوت والدعوة الى التغيير سواء في الشارع او البرلمان او عبر كل منصات الاعلام.
ثالثاً: تقوم بعض الجمعيات بالعمل المباشر مع النساء المعنفات، عبر تأمين مراكز الايواء ولو بقدرة استيعابية ضيقة، (علماً ان هذا الموضوع هو من واجب الدولة التي عليها ايضا التعاون مع هذه المنظمات وتأمين الحماية اللازمة لمراكز الايواء التابعة لها). او عبر توفير الدعم النفسي والاجتماعي والاستماع للنساء، وهناك منظمات توفر الخدمات القانونية عبر محامين ومحاميات يتوكلون للدفاع عن النساء بدون مقابل وبيتابعون قضاياهن في المحاكم وحتى يتكفلون بتكاليف تقرير الطبيب الشرعي”.
حياة مرشاد، والتي ورد اسمها على قائمة “بي.بي.سي” لأكثر 100 امرأة مؤثرة لعام 2020، تؤكد ان “يوم المرأة هو اولاً لنحتقل بأنفسنا كنساء وبنضالاتنا، فرغم كل شيء ناضلنا كثيراً لنكن موجودات ونظل قادرات على الوقوف بوجه هذا النظام الابوي الذي يقتلنا بدم بارد كل يوم”. وتدعو الى “ان نتذكر كل النساء المناضلات والملهمات في حياتنا، اللواتي يصنعن التغيير كل يوم واوجه لهن المعايدة”.
وتختم كلامها قائلة: “لا يجب ان ننسى ان نساء كثيرات لا زلن يعانين خلف الابواب المغلقة في مجتمع يمارس التمييز ضدهن ويهمشهن ويعنفهن عبر القوانين، العادات والتقاليد، النصوص الدينية، الاعلام واماكن اخرى. من هنا، فليكن هذا اليوم مناسبة لنشدد على احقية مطالبنا وقضايانا، ونجدد الوعد بالاستمرار في النضال لأن المعركة صعبة وقاسية الا اننا لا نملك ترف التراجع. فكل ما تراجعنا كل ما اخرنا عجلة المساواة لاجيال النساء القادمة”.