صونيا رزق-الديار
موقفه لن يغيّر شروط المعنيّين بالتشكيلة بل سيساهم في إسقاط آخر معالم الدولة!
وسط كل اساليب العرقلة المتبعة لعدم تشكيل الحكومة، بسبب الخلافات على الحصص والشروط المضادة، اعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب إتجاهه للاعتكاف، الذي سيزيد الطين بلّة ويقضي على آخر ثغرة مفتوحة في الجدران المقفلة، قائلاً: «إذا كان الاعتكاف يساعد في تشكيل الحكومة فأنا جاهز للقيام به، رغم أنه يخالف قناعاتي»، مع علمه بأنّ موقفه هذا لن يغيّر بشروط المعنيين بالتشكيلة، لانّ احداً منهم لن يتراجع عن موقفه تحت حجج مصالح البلد، فيما الحجج معروفة وهي لا تتخطى مصالحهم الشخصية فقط، مما يعني انّ خطوة دياب هذه في حال نفذها ستعطّل الدولة اكثر مما هي في تعطيل كارثي، اي سيسقط آخر معالمها، وبالتالي ستضّر باللبنانيين الباحثين عن ضوء خافت يعيد اليهم بصيص الامل، بعد ان فقدوه بسبب الدولة المنهكة.
وفي هذا الاطار يقول مصدر سياسي مطلّع لـ«الديار»: «رئيس الحكومة المستقيلة لم يهدّد بذلك من عدم، بل بناءً على طلب سياسي لترك البلد في مهب الريح والمجهول، وبالتالي الضغط اكثر على المعرقلين، علّهم يستشعرون الخوف على البلد الذي غرق وبات في القعر، بالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية التي عدنا لنشهدها منذ عصر الثلاثاء الماضي، والتي تعّم مختلف المناطق اللبنانية والمرشحة الى التفاقم، مع فوضى عارمة قد تصل الى توترات امنية مناطقية طائفية، تعمل على تحقيقها طوابير مندسّة لضرب الاستقرار الامني، وهذا يمكن تمريره في لبنان بدقائق نظراً لهشاشة وضعه من كل النواحي، خصوصاً مع بروز ظاهرة الجوع والعوز والفقر التي دخلت بيوت اكثرية اللبنانيين، وهذا يعني ان هدف هؤلاء المندسين سيتحقق بدقائق في حال بقيت السلطة في سباتها العميق، غير آبهة بما يُحضّر للبنان بهدف إيصاله الى الهاوية نهائياً، وإعادة التوتر خصوصاً الى المناطق التي كانت تسمى خطوط تماس، والتي عدنا الى سماعها منذ بدء انتفاضة 17 تشرين، بحيث سادت تلك المشاهد المأساوية خصوصاً خلال الاسبوع المنصرم، مع تحضيرات لضرب الامن في مناطق حساسة طائفياً ومذهبياً».
ورأى المصدر بأنّ موقف دياب حتى ولو كان فقط في اطار التهديد، فالافضل عدم التذكير به لانه لن يوصلنا الى التشكيلة الحكومية، معتبراً بأنّ تهديده هذا ليس سوى ورقة بيد الرئيس المكلف سعد الحريري، لكنها بالتأكيد غير مضمونة بل مرفوضة في بعبدا، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل سيكون لها بالمرصاد، واصفاً هذه الورقة بـ«ردّ جميل» للحريري، الذي وقف الى جانب دياب حين طلب القاضي فادي صوان الاستماع اليه في ملف انفجار مرفأ بيروت.
فيما على خط الوقائع القصة اكبر بكثير من ذلك، يضيف المصدر، لان بعبدا لم تعد مقتنعة منذ اشهر بدخول الحريري الى السراي، وهدفها تقديم اعتذاره بالتكليف بأسرع وقت، فيما هو فهم اللعبة ولن يقدمها لهم على طبق من فضة، لانه باق ولن يعتذر مهما حصل، وقد قال كلمته ومشى في خطاب ذكرى 14 شباط، فيما على ارض الواقع من غير الوارد ان يتعايش عون وباسيل مع الحريري سياسياً، وضمن الحكم الواحد كرئيس جمهورية ورئيس حكومة معاً، لان الكيمياء بينهما مقطوعة ولا مجال لعودتها، وهذا ما ينقله المقرّبون منهما مع كلام متبادل بالعرقلة، وتقاذف الاتهامات بالتعطيل وإيصال الوضع الى ما نحن فيه اليوم، مما يؤكد بأن لا حكومة اقله في المدى القريب، وكل ما يحكى عن تسويات ووساطات لن تصل الى اي نتيجة، فنحن نعيش في قلب الانهيارات ولا احد يسأل.
وابدى المصدر تخوفه من ان تكون الكلمة من الان فصاعداً للشارع والفوضى، في ظل ما نسمعه يومياً وما نراه عبر مواقع التواصل، من بيانات من هنا وتهديدات من هناك، واخبار عن انهيار متواصل للعملة الوطنية امام الدولار، الذي لا سقف له والمرشح وصوله الى رقم خيالي، من دون اي مبادرة في الاسواق المالية لتجميد ذلك السقف المخيف.