الوقت- ودعت مدينة صيدا والجنوب و”تجمع العلماء المسلمين” في لبنان في مأتم مهيب، رئيس مجلس أمنائه القاضي الشيخ احمد الزين، “الذي كان رائداً من رواد العلم والفضيلة، ورمزاً من رموز الوحدة الاسلامية وداعماً للمقاومة الاسلامية والفلسطينية وناصراً للشعب الفلسطيني وشعوب الأمة العربية والاسلامية”.
جرت مراسم تشييع الراحل في المسجد العمري الكبير في صيدا، “الذي كان إمامه ويؤم فيه الصلاة لعشرات السنين”، حيث أم الصلاة على جثمانه الطاهر رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في لبنان الشيخ ماهر حمود، في حضور مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، النائب اسامه سعد، وفد من حركة “أمل” برئاسة عضو المكتب السياسي المهندس بسام كجك ممثلا الرئيس نبيه بري، ممثل سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان المستشار الثقافي عباس خاميار، ممثل “حزب الله” مسؤول منطقة صيدا الشيخ زيد ضاهر، الى جانب علماء المدينة ووفود علمائية من كافة المناطق وشخصيات من الاحزاب والتيارات والجمعيات اللبنانية والفلسطينية.
سيرة الشيخ أحمد الزين
أحمد توفيق عز الدين أحمد الزين من مواليد عام 1933 في صيدا البلد القديمة بدأ دراسته في كلية المقاصد الاسلامية في صيدا ثم انتقل بعدها إلى المدرسة الرشدية الرسمية في المرحلة التكميلية وعاد مجدداً إلى مدرسة المقاصد الإسلامية حتى نال شهادة البكالوريا، وفي عام 1953 توجه إلى الأزهر الشريف في القاهرة ودرس في كلية الشريعة بقرار استثنائي من شيخ الأزهر آنذاك ” محمد خضر حسين” بسبب عدم امتلاكه لشهادة شرعية بل كانت شهادته مدنية، بقي الشيخ أحمد الزين لمدة 6 سنوات في كلية الشريعة في الأزهر الشريف وحصل في نهايتها على شهادة العالمية وإجازة في القضاء الشرعي.
عاد الشيخ احمد الزين إلى لبنان في عام 1960 وعين خطيباً للجمعة في مسجد العمري ودرس مادة الدين في كلية المقاصد الاسلامية، تم تعيينه في العام 1967 قاض شرعي في حاصبيا وفي عام 1974 انتقل إلى القضاء الشرعي في صيدا حتى العام 2001 عندما أحيل للتقاعد بسبب بلوغه السن القانونية.
حياته النضالية
كان الفقيد الشيخ أحمد الزين متأهباً للدفاع عن الجنوب وحاضراً بين المحرومين والمعذبين وكان من الأوائل مع الإمام الصدر في إحداث هيئة نصرة الجنوب عام 1970 أمام التلكؤ الرسمي والبرودة الحكومية في مواجهة الأحداث. الفقيد الشيخ أحمد الزين كان دائماً حاضراً في صيدا وعلى مساحة الجنوب ولبنان في مواجهة الاحتلال وحاضراً في مؤتمرات ومنتديات طهران والعديد من الدول العربية التي أشهرت خيار المقاومة والوجهة فلسطين ومقاتلة العدو الصهيوني بما تيسر من سلاح، مع الإصرار على الانتصار.
الفقيد أحمد الزين كان صوتاً للوحدة الإسلامية والتلاقي والاعتدال والداعم والمساند للقضية الفلسطينية والداعي لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر وكان يقف إلى جانب كافة فصائل المقاومة الفلسطينية بكل أطيافها.
ولقد أفنى الفقيد عمره مجاهداً في شتى الميادين لتقريب وجهات النظر بين المسلمين ونشر وزرع المحبة والتسامح ورفض الفتن ومحاربتها، وكان رحمه الله له دور كبير فاعل في التصدي للعدو الصهيوني وخصوصاً في مدينة صيدا وهو من أبنائها البارين لها، وكان يجاهر بمواقفه الواضحة إلى جانب المقاومة في لبنان وتبني خياراتها ولا يقبل فيها اي مساومة، ومجاهراً بضرورة الجهاد والمقاومة العسكرية حتى تحرير كل حبة تراب محتل من رجس الاحتلال الصهيوني الغاشم ووجوب إزالة هذا الكيان من الوجود.
وكان من آخر ما صرّح به رحمه الله: نرفض الحياد ونتمسك بالمقاومة حتى استرجاع كامل الحقوق العربية.
بدوره تلقى تجمع علماء المسلمين العديد من برقيات التعزية برحيل الشيخ المناضل أحمد الزين إلا أن أبرز هذه التعزيات كانت من قائد الثورة الإسلامية في ايران سماحة السيد على الخامنئي (دام ظله) حيث جاء في نص البرقية
“بسم الله الرحمن الرحيم
جانب حجة الإسلام سماحة السيد حسن نصرالله دامت بركاته،
لقد تلقيتُ خبر وفاة العالم المجاهد القاضي الشيخ أحمد الزين رئيس مجلس أمناء تجمع العلماء المسلمين في لبنان، وأرى من واجبي التقدّم بالعزاء في هذا الحدث الأليم، الى العلماء الأعزاء وأسرة الفقيد ومحبيه وتلامذته في لبنان وسائر البلاد عموماً وإلى سماحتكم خصوصاً.
إن دفاعه المسؤول والعلمي عن نهضة الإمام الخميني وعن المقاومة في وجه جبهة الاستكبار والصهيونية، وحضوره الثابت في المواجهات المناهضة للاستكبار لشعوب المنطقة خلال السنوات الطويلة، لن يغيب عن ذاكرة تاريخ المقاومة أبداً.
أتقدم بالعزاء مجدداً الى الشعب اللبناني لاسيما رفاق الفقيد وزملائه في تجمع العلماء المسلمين في لبنان، سائلاً المولى عز وجل أن يتغمد المرحوم بواسع الرحمة والغفران”.
عن الإمام الصادق (ع) :
“إذا مات العالم ثُلم في الإسلام ثَلمة لا يسدّها شيء إلى يوم القيامة”
رحم الله الشيخ المناضل أحمد الزين برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه وألهم أهله وعائلته ومحبيه الصبر والسلوان ولا نقول إلا ما يرضي الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.