البناء
أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب «أننا لم نتقاعس عن أداء دورنا في تصريف الأعمال ونقوم بواجبنا عند المستوى الأعلى من تصريف الأعمال وفق ما يسمح به الدستور». ولفت إلى أن «اللبنانيين يعانون أزمة اجتماعية خطيرة وهي مرشحة للتفاقم إذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة»، معلناً أنه «إذا كان الاعتكاف يساعد على تشكيل الحكومة فأنا جاهز للجوء إليه، على الرغم من أنه يخالف قناعاتي».
وقال دياب في كلمة وجهها إلى اللبنانيين أول من أمس «لقد بلغ لبنان حافة الانفجار بعد الانهيار. والخوف من ألاّ يعود ممكناً احتواء الأخطار. فهل المطلوب أن يتحلل البلد؟ وهل يستكمل تحلل الدولة بعد أن أصبحت الحلقة الأضعف؟ اللبنانيون يعانون أزمة اجتماعية خطيرة، وهي مرشحة للتفاقم إذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة لديها صلاحيات وخلفها زخم سياسي داخلي ودعم خارجي للتعامل مع هذه الأزمة». وسأل «ألا يشكل مشهد التسابق على الحليب حافزاً كافياً للتعالي على الشكليات وتدوير الزوايا من أجل تشكيل الحكومة؟»، مضيفاً «لا يمكننا لوم الناس على صرختهم، بينما يدور تشكيل الحكومة في حلقة مفرغة وبالتالي تتعمق معاناة اللبنانيين وتتراكم المشكلات الاجتماعية».
وتابع «بكل أسف، اليوم، وبعد نحو سبعة أشهر على استقالة حكومتنا، لم تتشكل الحكومة الجديدة، وهو ما وضعنا أمام معضلة كبيرة وتعقيدات كثيرة واجتهادات متباينة حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال. البعض يطلب من الحكومة المستقيلة أن تمارس صلاحيات حكومة قائمة بذريعة الظروف الاستثنائية. والبعض يحذّر من تجاوز حكومة تصريف الأعمال ما حدده الدستور من صلاحيات تصريف الأعمال ضمن الحدود الضيقة. لكن حسم هذا النقاش هو في مجلس النواب باعتباره مرجعية تفسير الدستور. الظروف الاجتماعية تتفاقم، والظروف المالية تضغط بقوة، والظروف السياسية تزداد تعقيداً، والبلد يواجه تحديات جسيمة لا يمكن لحكومة عادية مواجهتها من دون توافق سياسي، فكيف يمكن لحكومة تصريف أعمال أن تواجه تلك التحديات؟».
وقال «نحن لم نتقاعس عن أداء دورنا في تصريف الأعمال، ونقوم بواجبنا عند المستوى الأعلى من تصريف الأعمال وفق ما يسمح به الدستور. بدل فتح هذا النقاش الذي يزيد الانقسامات، يجب تركيز الجهود على الإسراع بتشكيل حكومة جديدة تستكمل مسيرة الإصلاحات التي بدأتها حكومتنا وتستأنف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على قاعدة الخطة الإصلاحية التي وضعناها بعد تحديثها. اليوم، وفي ظل تعاظم التحديات، يجب ألا يتقدم أي عمل على جهود تشكيل الحكومة الجديدة، أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد. فالمعادلة واضحة: لا حل للأزمة الاجتماعية من دون حل الأزمة المالية، ولا حل للأزمة المالية من دون استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولا مفاوضات مع صندوق النقد من دون إصلاحات، ولا إصلاحات من دون حكومة جديدة. أي نقاش آخر خارج هذا السياق هو عبث سياسي، ومحاولة لتقاذف المسؤوليات، وهو ما قد يطرح أمامي خيار الاعتكاف وتعطيل الهامش الذي نتحرك فيه لتسيير أمور البلد، حتى أشارك في الضغط لتشكيل الحكومة».
أضاف «إذا كان الاعتكاف يساعد على تشكيل الحكومة، فأنا جاهز للجوء إليه، على الرغم من أنه يخالف قناعاتي، لأنه يؤدي إلى تعطيل كل الدولة ويضر بمصلحة اللبنانيين. من يتحمل مسؤولية هذا المسار الانحداري السريع؟ ومن يستطيع التعامل مع التداعيات الخطيرة التي ستترتب على هذا المسار؟ شو ناطرين؟ المزيد من الانهيار؟ المزيد من معاناة الناس؟ الفوضى؟ هل صحيح أن التسوية تحتاج إلى تسخين، وأنه لا يمكن تشكيل الحكومة على البارد؟ لم يعد لدى اللبنانيين القدرة على تحمل المزيد من الضغوط. ألا يستحق اللبنانيون تضحيات صغيرة من أجل مصلحة الوطن؟ ماذا سنفعل بوزير بالزايد أو وزير بالناقص إذا انهار كل البلد؟ فلنترك أوهام السلطة وطموحاتها جانباً، لأن الآتي من الأيام لا يبشّر بالخير إذا بقي العناد والتحدي والمكابرة حواجز أمام تشكيل الحكومة العتيدة».
وختم دياب «لبنان بخطر شديد، واللبنانيون يدفعون ثمن الانتظار الثقيل. الله يحمي لبنان. الله يحمي اللبنانيين».
وصدرت مواقف تعليقاً على تلويح دياب بالاعتكاف، طالبةً منه الاستمرار في تصريف الأعمال والضغط لتشكيل الحكومة، فيما أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، أن «في غياب الحكومة الجديدة نتيجة حسابات خاطئة لا بدّ من تفعيل حكومة تصريف الأعمال فوق الخلافات والسجالات السياسية».
ورأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر أن دياب «يحمل مسؤولية هو غير قادر على معالجتها، لأنه لا يوجد حكومة فاعلة وقادرة على اتخاذ التدابير لأنها مستقيلة وتصرف الأعمال بالحد الأدنى»، مشيراً إلى أن «الوضع تحول إلى كارثي، ودياب رفع الصرخة من باب أن البلد ذاهب إلى طريق الانهيار».
وسأل «هل مشكلة تشكيل الحكومة داخلية فقط؟»، معتبراً «أن لا أحد يفكر بالمصلحة العامة، والانهيار سيشمل الجميع، والسقف سيقع على الجميع من دون استثناء».
وتوجه عضو تكتل لبنان القوي النائب سليم عون عبر حسابه على «تويتر»، إلى دياب بالقول «ليس بالاعتكاف يكون الضغط لتشكيل الحكومة، بل بتفعيل عمل حكومتك حتى ولو كانت مستقيلة، فتأخذ الإجراءات الضرورية التي تبدأ بإزالة العوائق أمام التدقيق الجنائي والمباشرة به فوراً ولا تنتهي بإقرار القوانين الإصلاحية كافة. هكذا تكون قد أصبت عصافير عدّة بحجر واحد».
واتصل الوزير السابق وديع الخازن بدياب، مشدّداً على ما ورد في كلمته التي وجهها إلى اللبنانيين، طالباً منه «الاستمرار في تصريف الأعمال وعدم الإعتكاف، والضغط على الأفرقاء المعنيين لتشكيل حكومة إنقاذ ومهمة».
وكان الرأي متفقاً، بحسب بيان للخازن «على أنّ الوضع لم يعد يحتمل المزيد من الاجتهادات والمحاصصة والتشاطر، خصوصاً أن كل العوامل الداخلية والخارجية تتجمع في الأفق لتشكل ضغطاً هائلاً على أنفاس البلاد».
وأكد لدياب أنه «أصبح من الضروري إعلان حال طوارئ وطنية بعدما وصلنا إلى هذه الحال المأسوية التي تُنذر بشرّ مستطير وفوضى عارمة قد تحرق الأخضر واليابس»، معتبراً أنه «حان الوقت لإنقاذ الوطن من غفلته وتخبّطه في المجهول».