خبير أذربيجاني: وجود تركيا كعضو في الناتو يمكن أن يكون مصدر قلق لروسيا
الوقت- تحظى منطقة “جنوب القوقاز” بأهمية كبيرة بسبب موقعها الاستراتيجي. ونظرا لمواردها من الطاقة، فقد جذبت هذه المنطقة دائما انتباه الجهات الفاعلة الإقليمية والخارجية. اليوم إلى جانب روسيا وإيران، تعد تركيا أيضا إحدى القوى الإقليمية التي تلعب دورا في جنوب القوقاز.
على الرغم من أن تركيا اكتفت بعملية التفاوض خلال فترة الثلاثين عاما من نزاع ناغورنو كاراباخ لأنها لم تكن تريد الخلاف مع روسيا، إلا أنه مع بدء “حرب كاراباخ الثانية”، اعلنت حكومة أنقرة دعمها رسميا لباكو. وبطبيعة الحال، فإن أهم سبب لدعم تركيا لأذربيجان هو الوضع في منطقة ناغورنو كاراباخ. لأنه من الآن فصاعدا، يمكن أن يكون لها مدخلا مباشراً إلى جنوب القوقاز وآسيا الوسطى.
لهذا السبب حاولت تركيا تحسين علاقاتها مع حكومات جنوب القوقاز في السنوات الأخيرة بسبب اهتمامها الخاص بهذه المنطقة. ولهذه الغاية، حاول حتى تطبيع العلاقات مع الحكومة الأرمنية. على سبيل المثال، في 10 أكتوبر 2009، تم التوقيع على بروتوكولين بشأن “إقامة العلاقات الدبلوماسية” و “توسيع العلاقات الثنائية” بين تركيا وأرمينيا بوساطة السويد. كانت هذه الاتفاقية من أهم الخطوات التي اتخذها كلا البلدين لتطبيع العلاقات بينهما.
وعلى الرغم من أن السلطات التركية ذكرت في ذلك الوقت أن سبب هذا الاتفاق هو اهتمامها بإقامة علاقات مع أرمينيا وجنوب القوقاز وأثارت غضب السلطات الأذربيجانية، إلا أن هذه الاتفاقات لم تصل إلى أي نتيجة.
وفي هذا الصدد تم اجراء مقابلة مع الدكتور النور إسماعيل الخبير الأذربيجاني ورئيس مركز بيلكه سام للبحوث الاستراتيجية للبحث في أهداف تركيا وخططها في جنوب القوقاز.
مع انتصار أذربيجان في حرب كاراباخ الثانية، أصبح طريق تطوير التعاون بين أذربيجان وتركيا أكثر سلاسة. كيف ستزداد العلاقات بين باكو وأنقرة من الآن فصاعدا؟
النور إسماعيل: العلاقات التركية الأذربيجانية تطورت في جميع المجالات منذ عام 1991 بعد استقلال حكومة باكو. فكلا البلدين لديهما علاقات جيدة للغاية. وفيما يتعلق بمسألة الدعم العسكري التركي، يجب أولاً أن أوضح ما يعنيه دعم أنقرة العسكري لباكو.
كان هناك تعاون بين تركيا وأذربيجان في الصناعات الدفاعية والعسكرية. وأجرت القوات المسلحة للبلدين مناورات مشتركة باستمرار. وكانت أذربيجان على الدوام تزيد من قوتها العسكرية قبل تحرير أراضيها. كما اشترت باكو أسلحة عسكرية من تركيا وروسيا وإسرائيل.
وبالطبع، تكشف نظرة سريعة على مسار حرب كاراباخ الثانية أن الطائرات التركية دون طيار التي اشترتها أذربيجان كانت مفيدة جدا لها. في الواقع، كان الدعم العسكري التركي لأذربيجان في حرب ناغورني كاراباخ ضمن هذا الإطار.
تحاول تركيا متابعة سياستها الخارجية بما يتماشى مع مصالحها الوطنية، وفق قوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية. ولهذا السبب، لا يمكننا اعتبار الانتصار في ناغورنو كاراباخ مجرد نقطة تحول لتركيا. لان تركيا تعمل بانتظام على تطوير علاقاتها مع دول منطقة القوقاز لسنوات عديدة بسبب قواسمها المشتركة الثقافية والعرقية والتاريخية.
لذلك، من المتوقع أن تزداد العلاقات العسكرية والسياسية بين أنقرة وباكو من الآن فصاعدا. مع زيادة التبادلات العسكرية، تزداد التدريبات والتعاون في صناعة الدفاع. وسيستمر هذا التعاون طالما أن البلدين لا يهددان بعضهما البعض عسكريا وفي الشؤون الداخلية.
ما هي البرامج الاقتصادية وبرامج الطاقة التي ستتابعها تركيا في منطقة جنوب القوقاز من الآن فصاعدا؟
النور إسماعيل: تركيا في وضع استراتيجي مهم. لذلك سيكون وجودها في المنطقة مستمرا وستحافظ على مكانتها في المشاريع المهمة. دعمت أنقرة مشاريع مثل خط أنابيب باكو – تبليسي – أرضروم أو خط أنابيب النقل باكو – تبليسي – كارس في جنوب القوقاز لسنوات عديدة منذ حوالي عام 1990. ومن الآن فصاعدا، ستواصل تركيا دعم مثل هذه المشاريع. على سبيل المثال، من الممكن أن تدعم مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي في تركمانستان.
مهدت نتيجة حرب كاراباخ التي استمرت 44 يوما الطريق أمام تنفيذ مثل هذه المشاريع. بالطبع، إذا التزمت أرمينيا باتفاق وقف إطلاق النار.
ومع احتلال ناغورنو كاراباخ، كان التواصل مع نانخجوان يمر من طريق آخر، لكن مع تحرير هذه المنطقة، لن يكون طريق الاتصال قصيرا، بل مباشرا، وهو أيضا أمر جيد لتركيا. ومن المتوقع أن يزداد الاستثمار التركي في المنطقة من الآن فصاعدا. وفي مجال الصناعات الدفاعية، ستزداد العلاقات الثنائية بين تركيا وأذربيجان وجورجيا.
ما هي نظرة روسيا إلى وجود تركي أقوى في جنوب القوقاز؟
النور إسماعيل: للأسف هناك لوبي مناهض لتركيا في روسيا. كما لو كانت منطقة القوقاز ساحة خلفية لروسيا، لهذا السبب لا يريدون لتركيا أن تكون موجودة في هذه المنطقة. إذا أردنا التحليل من وجهة نظر أمنية، يجب أن نقول إن وجود تركيا كعضو في الناتو يمكن أن يكون مصدر قلق لروسيا.
بالطبع، لم تكن طبيعة تركيا كعضو في الناتو أولوية في العلاقات بين أنقرة وموسكو. إن تركيا معنية بحل بعض القضايا في القوقاز، مثل الشؤون الداخلية لجورجيا، في إطار القانون الدولي. حيث يشمل الوجود التركي في منطقة القوقاز في الغالب علاقاتها مع أذربيجان وجورجيا. وبالطبع، أبعاد تفاعلها مع أذربيجان واضحة، لكن جورجيا مهمة أيضا لتركيا.
تفضل أرمينيا أيضا العزلة بدلاً من تطوير العلاقات مع تركيا. وبالنظر إلى التطورات الأخيرة في أرمينيا وفوضاها الداخلية، يمكن تصور أنه بعد حرب كاراباخ الثانية، ستتخلى يريفان عن موقفها العدائي تجاه تركيا.
وفقا لبعض الخبراء، فمن خلال التدخل في قضية ناغورنو كاراباخ، أرادت تركيا بالفعل إرسال رسالة سياسية إلى أوروبا وإظهار وجودها في المنطقة، ما هو تحليلك حول هذا الامر؟
النور إسماعيل: لقد رأينا دعما سياسيا تركيا لأذربيجان خلال حرب ناغورني كاراباخ، لكن الحقيقة هي أن احتلال ناغورني كاراباخ الذي دام 30 عاما كان له أيضا تأثير سلبي على الأمن الإقليمي لتركيا.
لهذا السبب، حاولت تركيا خلال الثلاثين عاما حل هذا الصراع من خلال الدبلوماسية. وخلال هذه السنوات الثلاثين، لم يضغط الأوروبيون على حكومة يريفان لمغادرة أراضي أذربيجان وتصرفوا بشكل سلبي، ولهذا السبب فان دعم أنقرة السياسي لباكو في حرب ناغورنو كاراباخ الثانية ارسل رسالة إلى الحكومات الأوروبية.
وبالنظر إلى موقع كبار المسؤولين الأتراك، يمكن للمرء أن يفهم أهداف تركيا في جنوب القوقاز. كما ان أنقرة اقترحت عقد اجتماع 6 اطراف أو 3 + 3. تركيا قوة إقليمية، لذلك فبالنسبة لقوة إقليمية، فإن أمن دول المنطقة لا يقل أهمية عن أمنها. لذلك، فهي تولي اهتماما لتطوير التعاون في المنطقة.
ومن القضايا المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار تطوير العلاقات بين جورجيا وأذربيجان مع تركيا. ومن الضروري أن تولي أرمينيا اهتماما خاصا لإصلاح علاقاتها مع هذا البلد.