بعد حصاره فاتيكانياً باسيل قد يدفع أنصاره إلى الشارع
منير الربيع|المدن
الآفاق السياسية مسدودة كلها في لبنان. والكلمة فيه حالياً للشارع والواقع الاجتماعي الملتهب. فالتحركات الاحتجاجية تتطور يومياً، ولا يبدو أنها ستتوقف. بل هي مرشحة للتزايد والتوسع، في ظل غياب أي مبادرة جدية قادرة على إرضاء اللبنانيين.
أساطين المناورات
ولقد بات اللبنانيون على قناعة بأن معركتهم لا تقتصر على تشكيل الحكومة. وهو رهان خاسر قياساً إلى ما يطالبون به. فالشروط والشروط المضادة، توضح أن أي حكومة تتشكل ستكون حكومة استحقاقات وانتخابات، حكومة إعادة توزيع المكاسب السياسية بين المنظومة، وفرض توافقات للمرحلة المقبلة. لذا لا يمكن الرهان عليها في أي عملية إصلاح. وحتى المجتمع الدولي بدأ يتصرف على هذا الأساس مع المناورات والمبادرات المطروحة.
ويتقاذف رئيس الجمهورية والرئيس المكلف المناورات، فيما يحاول فريق عون وصهره ممارسة المزيد من الضغط على سعد الحريري في حملة إعلامية مركزة، فتحمِّله مسؤولية ما يجري وتدهور سعر الدولار، فيما هو يجول على عواصم العالم. وهذا جانب من اللعبة التقليدية التي يجيدها عون وباسيل لإشاحة الأنظار عن المشكلة الأساسية.
بقايا العونيين وباسيل
الشارع في المقابل يتجه إلى الانفجار أكثر فأكثر في وجه رئيس الجمهورية، وخصوصاً داخل البيئة المسيحية. وهذا ما تؤكده مصادر متابعة، وتلاحظ أن التيار العوني برئاسة جبران باسيل يُعمِلُ تفكيره في كيفية مواجهة هذه التحركات، ولو اقتضى الأمر إنزال بقايا مناصريه إلى الشارع، وتوجيه التظاهرات والاتهامات نحو قوى سياسية معارضة لعون. ومن بين الأفكار التي يطرحها العونيون، أن تتركز حملتهم على الحريري ونبيه بري ووليد جنبلاط، وتتوسع.
لا يريد التيار العوني ترك الساحة المسيحية لمتظاهرين يعارضون رئيس الجمهورية. يرون في ذلك حصاراً لهم في الشارع، لإضعافهم فيه حتى التلاشي. فتسيطر عليها قوى أخرى تناهضهم، ويكون لها الحظوة الأكبر فيها.
ويركز جبران باسيل كل جهوده لاستعادة تعويم نفسه مسيحياً. حاول الالتفاف على البطريرك الراعي، من خلال رسالته إلى الفاتيكان، وعمله على إحياء الحوار بين بكركي وحارة حريك. ففي الأسبوع المقبل يعقد اجتماع بين الطرفين. لكن المعلومات تؤكد أن البطريرك لن يتراجع عن مواقفه.
قبل مدة حوّر باسيل موقف البابا أمام السلك القنصلي، فأوّله بأنه يدعو إلى حماية الوجود المسيحي في لبنان. وحاول أيضاً أن يكون في عداد الوفود التي استقبلت للبابا فرنسيس في العراق. وطلب عبر قنوات متعددة، أن يكون حاضراً في الاستقبال. لكن المعلومات تؤكد أن الفاتيكان هو الذي رفض ذلك، وأبلغ الأمر إلى السلطات العراقية التي أبلغت موقفها الرافض لمراجعيها لبنانيين. وينطوي رفض الفاتيكان حضور باسيل على عدم تحويل الزيارة البابوية مناسبة سياسية، يستغلها باسيل وأمثاله بحضورهم لغايات خاصة.
الكلمة للشارع والخوف عليه
في المقابل، تحاول القوى السياسية المتصارعة استعمال التحركات الشعبية المتصاعدة لإثبات وجودها وحضورها في الشارع، واختراق الاحتجاجات وتحوير وجهتها. فحزب الله وبيئته وجمهوره، مثلاً، يعتبرون قطع طريق الجنوب من المحرمات، وقد يؤدي قطعها إلى توترات. لكن الشارع في حال تفلت، انفلاته مثل انفلات سعر صرف الدولار وتحليقه المتسارع.
ووسط هذا الغليان، تستمر القوى السياسية في مناوراتها موحية بأن هناك مبادرات تُبحث في الكواليس لتشكيل الحكومة. لكن المعلومات تؤكد أن الطرق مقفلة كلها حتى الآن، ولا بصيص أمل في آخر النفق.
الكلمة مجدداً للشارع، والخوف أيضاً من مآلات الشارع.