عبثية الشارع لا تصلح ببلد لا يحكمه نظام واحد ؟؟!
ما يحصل اليوم وبالأمس وغدا بالشارع ما كان ليكون في ظروف طبيعية ولا يمكن ان يكون تحت ذريعة سياسية او غيرها في السنوات السابقة،، وان حصل في مكان ما قبل ذلك كان يجهض بدقائق ويمر على هامش نشرات الأخبار لرفع العتب لا اكثر ..
اذا الذريعة لاي مجموعة ان تنزل الى الشارع وتقطع الطرقات وتعبث بالأمن وتعتدي على الناس وعلى الاملاك العامة والخاصة قائمة وطبيعية بظل انهيار اقتصادي ومالي لا يتوقف على مدار الساعة ولم تعد تصلح تسميته بالانهيار بل بالتحلل ..
صحيح ان غالبية التحركات التي نشهدها اليوم تقف خلفها احزاب بالسلطة وخارجها وتحركها عن بعد وعن قرب بشكل محكم؟ وهذا لا يحتاج الى بحث واستقصاء عميق لان كل منطقة تعرف ناسها ولمن ينتمون وان عبارة شلحوا الأحزاب والطائفة نكتة سخيفة لا اكثر ، وقد يسأل البعض لماذا هذه الأطراف تحرك الشارع وتقفل الطرقات وهي مسؤولة عن الانهيار ، يجيب البعض بانها رسائل سياسية بين كل المكونات الاساسية لاحداث خرق بجدار الجليد بالحكم والحكومة والإدارة السياسية والمالية للبلاد ..
ربما هذا التوصيف واقعي نوعا ما ؟ لكن هل يصرف واين يصرف وهل بإمكان اَي طرف السيطرة التامة على الشارع مدة اطول بهذه الظروف والانهيارات المتتالية ؟ بالتأكيد لا ليس بإمكان اَي طرف ان ينجح بلعبة الشارع حاليا وان يخرج منها سالما …
واذا أردنا عرضنا بعض المحطات التي تبنت فيها الاطراف السياسية النزول الى الشارع بشكل مباشر ماذا حقق نزولها سنكتشف عقمها بتحقيق أهدافها ؟؟
عام ٢٠٠٥ جاء قرار دولي بانهاء الوصاية السورية على لبنان وهذا ما حصل يوم ٦ اذار بإعلان الرئيس الاسد سحب قواته من لبنان ، نزل يوم الثامن من اذار مئات الاف لدعم سوريا وهذا الحشد لم يستطيع ابقاء جندي سوري واحد، ثم رد على هذا الحشد بحشد مماثل ب ١٤ اذار لإنهاء وجود حلفاء سوريا في لبنان وايضا لم يستطع هذا الحشد تحقيق ذلك ..
عام ٢٠٠٧ قامت قوى ٨ اذار بحشد ٣ تظاهرت بشهر واحد كانت الأضخم بتاريخ لبنان وأرفقتها بقطع كل طرقات لبنان واعتصام بوسط بيروت دام عام ونصف لاسقاط حكومة السنيورة ولم تنجح كل هذه الامور الا بعد اشتباك مسلح ب ٧ أيار ٢٠٠٨ انتج اتفاق الدوحة الذي لم يسقط حكومة السنيورة بل عدل بتوازناتها فقط ،
وصولا الى انتفاضة. ١٧ تشرين والتي شاركت بها معظم احزاب السلطة بشكل مباشر وغير مباشر بالاضافة الى مجموعات وجمعيات مدنية جلها مقرب من بعض اطراف السلطة ، فماذا حقق هذا التحرك سوى انه كان فرصة مجانية لتبرير الانهيار وتحويل الأموال الى الخارج واقفال المصارف وحجز اموال المودعين وانهيار الليرة وإعادة تعويم السلطة وكل اطرافها المتعاقبة منذ ٣٠ عاما ، حتى ان هذه الانتفاضة لم تستطيع فرض نفسها بالتوازنات مع السلطة ..
بالمختصر لن يكون بمقدور اَي شارع احداث اَي تغيير سوى الفوضى والعبث لسبب بسيط هو ان لا نظام موحد في لبنان يحكم.. بل أنظمة متعددة وتوازنات طائفية مترابطة بشكل وثيق بتوازنات إقليمية ودولية ،وعليه ما يمكن ان يحدث تغيير فعلي في لبنان هو اشتباك داخلي مباشر وليس بالتظاهر وقطع الطرقات او بتبدل التوازنات الخارجية النافذة في لبنان …
#يتبع
عباس المعلم / كاتب سياسي