عون ـ الحريري.. بين التشكيل والتفشيل
“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
لا يبدو أن هناك أفقاً قريباً لعملية تشكيل الحكومة، فكل ما يظهر حتى الساعة، أن التفشيل هو الذي يتحكّم بمسار التأليف القائم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المُكلّف سعد الحريري، خصوصاً إذا تمّت المقارنة بين المهلة الزمنية التي كُلّف بها الحريري وبين عدد اللقاءات التي جمعته برئيس الجمهورية، والتي تُعتبر قليلة جداً في سياق عمليات التأليف الصعبة، بالإضافة طبعاً إلى أن كل هذه “الجهود” لم تُثمر حتى عن توافق على أي بند من بنود تأليف الحكومات.
يدلّ الواقع المتشعّب والمُعقّد بين “بعبدا” و”بيت الوسط” على أن القصة بينهما أبعد من مجرّد أسماء وأكبر من أحجام، فالموضوع تحوّل اليوم إلى ما يُشبه تثبيت أقدام سياسي على قاعدة “نحن هنا”، وأن أي تفكير إلغائي لن يمرّ بعد الآن، وأن أي هجوم سياسي سيُقابَل بهجمات مُضادة في أكثر من مكان. من هنا، وبحسب القراءات والنتائج التي تُستَشّف من الشارع، فإن الميزان السياسي والمعنوي، يميل اليوم لصالح الحريري، الذي بدأت علاقاته الدولية تنشط بشكل لافت، على خلاف الرئيس عون، المُتحصّن ببند دستوري يُجيز له موافقة أو رفض، أي تشكيلة حكومية لا يراها مناسبة له.
في ظل هذا الوضع المُقلق الذي لم تُبدّده كل تلك اللقاءات بين عون والحريري، مع ما سبقها واستتبعها من مساع ومبادرات ظلّت جميعها في خانة المحاولات لا غير، ثمّة خشية كبيرة مما قد تحمله الأيام المُقبلة من هواجس قد تصل إلى تهديد الوضع الداخلي، مما يُنذر بحالات تُشبه الحرب الأهلية، خصوصاً في ظل المشاهد التي تناقلتها معظم الوسائل الإعلامية للتضارب بين المواطنين على خلفية الحصول على مواد غذائية مدعومة. وعليه، ترى أكثر من جهة حزبية وسياسية، ضرورة الوقوف عند مطلب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، التي دعا فيها إلى مؤتمر خاص بلبنان برعاية أممية، مع دعم هذا الموقف ووضعه ضمن صفة “مُعجّل مكرّر”.
في السياق، تشير مصادر مقرّبة من “بيت الوسط”، إلى أن “هناك مُحاولة دائمة يقوم بها النائب جبران باسيل، من خلال رمي الكرة باتجاه الحريري أولاً، على خلفية تحميله مسؤولية تأليف الحكومة، وثانياً محاولة وضعه في مواجهة مباشرة مع الشارع، هذا مع العلم أن مشكلة اللبنانيين اليوم هي مع العهد الذي يُمعن بوضع العصي في دواليب المساعي الخارجية والداخلية، ويرفض حتى التوافق ضمن الحدّ الأدنى، على أي تشكيلة تتناسب مع الأوضاع الحالية”.
وتضيف المصادر نفسها: نستغرب كيف أن لا همّ لرئيس الجمهورية اليوم سوى انتشال “صهره” من الأزمات السياسية الواقع فيها، وتأمين مستقبله السياسي، بينما يسعى الحريري لوجود حكومة يُمكنها التفاهم مع المُجتمعين الدولي والعربي من أجل مدّ يد المساعدة للبنان ووقف الإنهيار الحاصل، وهذا الأمر لا يُمكن حصوله أيضاً في ظل وجود سلاح غير شرعي، لذلك لا بد من بحث جدّي في طرح البطريرك الراعي، من أجل رفع هيمنة السلاح عن الواقع اللبناني.
وبحسب المصادر، فإن عرقلة التأليف سواء من عون وباسيل بشكل مباشر أو من خلال دعم من “حزب الله”، لا يُمكن أن تستمر، الّلهم إلا في حال أراد هذ الحلف، العودة إلى سلوك طريق “7 أيار” وجرّ الشارع إلى مواجهات لا نعرف هذه المرّة كيف ستنتهي.
أما حول فرضية اعتذار الحريري أو حشره من أجل تقديم تنازلات في موضوع التأليف، فتشير المصادر، إلى أن الإعتذار غير وارد خصوصاً في ظل غياب البديل، ناهيك عن أن الإعتذار سيُسرّع بالإنهيار بشكل كبير. أما لجهة التنازلات، فترى المصادر، أن ما طرحه الحريري لغاية اليوم من تسهيلات من أجل الوصول إلى حكومة إختصاصيين، هو أبرز شروط النجاح، ولا يُمكن التنازل عنه، وبالتالي، فليتنازل البقية عن الإصرار على توزير بعض الأسماء البعيدة كل البعد عن كلمة “اختصاصيين”.