هل تأتي الحلول على نار الدواليب في الربع الساعة الأخير؟
هيام عيد-الديار
بعد السجالات التي اشتعلت في الساعات الماضية بشكل مفاجئ، وعلى كل الجبهات السياسية، تزامناً مع اشتعال الشارع في أكثر من منطقة بعدما اتّسعت خارطة الإحتجاجات لتشمل مناطق جديدة، يبدو من الضروري العودة إلى المبادرات الإنقاذية التي طرحتها بكركي أولاً، ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري ثانياً، وذلك، بصرف النظر عن محاولات إحباط المحاولتين، حيث تحدثت أوساط سياسية واسعة الإطلاع، عن أن مفعول الوساطات ما زال قائماً على الرغم من ارتفاع سقف الخطاب السياسي، ذلك أن أي مسار مختلف عن الحوار البنّاء وتدوير الزوايا الذي اقترحه رئيس المجلس النيابي، يعني الانزلاق نحو «الانتحار»، وخصوصاً أن الخطوط العريضة التي حملتها والتي تلتقي مع ما كان بدأه البطريرك الماروني بشارة الراعي، ركّزت على الحوار ودعت إليه سواء في الداخل أو في إطار الامم المتحدة، ولكنها بقيت من دون أي أصداء إيجابية.
وبعيداً عن عمليات الأخذ والردّ التي تلت خطاب البطريرك الراعي، تشير هذه الأوساط، ألى أن معارضة تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، والمطالبة بمؤتمر دولي بعد انسداد الطرق الداخلية، تدفع حكماً نحو العودة إلى تعميم المبادرات الأخرى وأبرزها مبادرة الرئيس بري، «المتشائم» من الواقع الحالي، والذي يركّز على أهمية اعتماد معيار التوازن والانفتاح في المقاربة الحكومية، وذلك مع الأخذ في الاعتبار في كل ما طرأ على المشهد الداخلي، والذي أصبح اليوم مالياً وأمنياً بامتياز، مما يجعل من أي سجال أو بحث في الحقوق والحصص التي تعود لأي طرف سياسي، نوعاً من الترف والابتعاد عن الحقيقة، سيما أن ما ينتظر الحكومة المقبلة، يجعل من العديد من المرشحين لدخولها في موقع حسّاس بسبب التحديات والمهام الصعبة التي تنتظر كل شخصية ستتولى المؤسّسات التي تعاني أزمات باتت تهدّد استمراريتها في المرحلة المقبلة.
وعلى الرغم من الصورة القاتمة التي ترسمها المصادر المطلعة نفسها، للشارع في لبنان قبل الوضع السياسي، فهي تحرص على التمسّك بمعيار «الإستقلالية» في أي بحث حكومي قد يطرأ على نار الإطارات المشتعلة في الشارع، كون الحلول تُطبَخ في لبنان في الربع الساعة الأخير قبل الانفجار وسقوط كل المهل. ونبّهت الى الإنقسامات المستجدة والاصطفافات التي بات الشارع يمثّل الساحة الوحيدة لها، مع ما يحمله هذا الأمر من مؤشّرات ذات أبعاد سياسية وأمنية ستطبع الأسابيع المقبلة، خصوصاً فيما لو حصل هذا الأمر بالتزامن مع استمرار سعر صرف الدولار الأميركي بخرق سقف العشرة الآلاف ليرة، مع ما يعنيه ذلك من فوضى تبدأ بالاحتجاجات في الشارع، وتشرّع البلاد على سيناريوهات حاضرة أو مستحضرة من الماضي القريب، ترتدي طابع «الخربطة» إن لم نقل التفجير على كل المستويات، وعندئذ لن تستطيع أي مبادرات أو محاولات، أو حتى وساطات وحوارات داخلية، أن تقف في وجهه، وأن تحافظ على ما تبقى من معادلة الإستقرار الإجتماعي والأمني والسياسي والمالي.