“فورين بوليسي”: هؤلاء هم خصوم “الحرب المقبلة” في الشرق الأوسط

نشرت صحيفة “فورين بوليسي” مقالاً تحليلياً عم الصراع المقبل في الشرق الاوسط، مشيرة الى أن “الصراع لن يكون بين الدول العربية وايران، بل ستُشكّل المنافسة بين تركيا وإيران و”إسرائيل” مستقبل المنطقة.

وكتب الخبير الإيراني-الأميركي في شؤون الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ولي نصر: “لأكثر من عقدين، نظرت الولايات المتحدة إلى سياسات الشرق الأوسط على أنها لعبة شدّ حبال بين الاعتدال والراديكالية- العرب ضد إيران. لكن على مدى السنوات الأربع التي قضاها دونالد ترامب في رئاسة أميركا، كان الوضع مختلفاً، حيث تنامت الانقسامات بين القوى الثلاث غير العربية في المنطقة: إيران وإسرائيل وتركيا”.

واعتبر أن المنافسة المحتملة على تشكيل الشرق الأوسط لم تعد بين الدول العربية وإسرائيل أو السنة والشيعة، ولكن بين الخصوم الثلاثة غير العرب. وبات العرب يشعرون بالتهديد، بينما توسّع إيران نفوذها في المنطقة وتقلّص الولايات المتحدة التزامها. ويتعيّن على السياسة الخارجية الأميركية محاولة احتواء هذا التنافس الإقليمي الجديد على القوى بدلاً من تأجيجها.
تركيا مصدر عدم استقرار
أصبح سعي إيران لإمتلاك قدرة نووية، واستخدامها لعملائها ووكلائها للتأثير على العالم العربي ومهاجمة المصالح الأميركية وإسرائيل مألوفاً الآن. الجديد هو ظهور تركيا كمصدر لا يمكن التنبؤ به لعدم الإستقرار، حيث باتت تتبنّى بشكل أكثر حزماً ماضيها الإسلامي، وتتطلّع إلى الحدود الماضية المرسومة منذ قرن. وأصبح الطموح التركي الآن قوة لا يستهان بها.
في الوقت الحالي، تحتلّ تركيا أجزاء من سوريا، وتتمتّع بنفوذ في العراق، وتقاوم النفوذ الإيراني في كل من دمشق وبغداد. زادت تركيا من العمليات العسكرية ضد الأكراد في العراق، واتهمت إيران بتأمين ملاذ للعدو الكردي التركي، “حزب العمال الكردستاني”.
لقد أدخلت تركيا نفسها في الحرب الأهلية الليبية وتدخّلت مؤخراً بشكل حاسم في النزاع في القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان حول ناغورنو قره باخ. ويتطلع المسؤولون في أنقرة أيضاً إلى توسيع الأدوار في القرن الأفريقي ولبنان، في حين يشعر الحكام العرب بالقلق من الدعم التركي للإخوان المسلمين.
تعارض المصالح التركية-الايرانية
ويتعارض التوسّع التركي مع المصالح الإقليمية الإيرانية في بلاد الشام والقوقاز بطرق تستحضر الماضي الإمبراطوري لتركيا. وفي القوقاز، كما في سوريا، تتشابك المصالح التركية والإيرانية مع مصالح روسيا. ويتزايد اهتمام الكرملين بالشرق الأوسط، ليس فقط في النزاعات في ليبيا وسوريا وقره باخ، ولكن أيضاً على الساحة الدبلوماسية من أوبك إلى أفغانستان. وتحافظ موسكو على علاقات وثيقة مع جميع الجهات الفاعلة الرئيسية في المنطقة، وتميل أحيانًا لصالح أحدهما ثم الآخر. لقد استخدمت هذا التوازن لتوسيع ميزتها. لا يزال ما تريده من الشرق الأوسط غير واضح، ولكن مع تضاؤل الاهتمام الأميركي، تستعد شبكة العلاقات المعقّدة لموسكو للعب دور كبير في تشكيل مستقبل المنطقة.
توترات اسرائيلية-ايرانية
ووسّعت إسرائيل أيضاً وجودها في العالم العربي. وفي 2019، اعترف ترامب بمطالبة إسرائيل منذ نصف قرن بمرتفعات الجولان، التي استولت عليها من سوريا في 1967، والآن يخطط القادة الإسرائيليون بصوت عالٍ لتوسيع حدودهم من خلال ضم أجزاء من الضفة الغربية رسمياً.
وتصاعدت التوترات بين إيران وإسرائيل بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة مع توغّل إيران في العالم العربي. ويخوض الاثنان الآن حرب استنزاف في سوريا وفي الفضاء السيبراني. كما استهدفت إسرائيل برامج إيران النووية والصاروخية بشكل مباشر وألقت اللوم عليها مؤخراً في اغتيال أكبر عالم نووي إيراني.
تدهور العلاقات التركية-الاسرائيلية
لكن الصراع على الشرق الأوسط لا يتعلّق فقط بإيران. تدهورت علاقات تركيا مع إسرائيل والسعودية والإمارات ومصر منذ عقد. مثلما تدعم إيران حماس ضد إسرائيل، فقد حذت تركيا حذوها، لكنها أثارت غضب الحكام العرب أيضاً من خلال دعم جماعة الإخوان. ويتعارض الموقف الإقليمي الحالي لتركيا- الممتد إلى العراق ولبنان وسوريا والقرن الأفريقي بينما تدافع بقوة عن قطر وحكومة طرابلس في الحرب الأهلية الليبية- بشكل مباشر مع السياسات التي تنتهجها السعودية والإمارات ومصر.
منافسات متداخلة
لم تعد القوة الدافعة في الشرق الأوسط الأيديولوجيا أو الدين بل السياسة الواقعية القديمة الطراز. ونظراً لأن المنافسات المتداخلة بين هذه الدول تتقاطع في المنطقة، فمن المرجح أن تصبح المنافسات أكثر صعوبة، وكذلك نمط التحالفات التكتيكية. وقد يستدعي ذلك تدخل روسيا، التي أثبتت بالفعل أنها بارعة في استغلال انقسامات المنطقة لصالحها. قد تحذو الصين حذوها أيضاً، وقد يكون حديثها عن الشراكة الاستراتيجية مع إيران والاتفاق النووي مع السعودية مجرد بداية.
دور إدارة بايدن
وختم نصر قائلاً إن “الشرق الأوسط على حافة الهاوية، ويتوقّف مستقبله السلمي على المسار الذي تتبعه الولايات المتحدة. إذا أرادت إدارة بايدن تجنّب التدخلات الأميركية التي لا نهاية لها في الشرق الأوسط، فعليها استثمار المزيد من الوقت والموارد الدبلوماسية في المنطقة. وعلى واشنطن أن تُكثّف نشاطها في الشرق الأوسط كخطوة أولى لتحقيق قدر ضئيل من الإستقرار. يجب أن تبدأ من خلال تبنّي رؤية أوسع للديناميكيات الإقليمية، ووضع التخفيف من التنافس بين القوى الإقليمية الجديدة على رأس أولوياتها”.

Exit mobile version