نون -اللواء
جمهوريات الموز، أو التفاح أو حتى البرتقال، أصبحت أكثر تقدماً وإستقراراً، من الجمهورية اللبنانية المتهالكة، والمخلعة الأبواب والمؤسسات، والتي تفتقد إلى أدنى قدرات السلطة، وإلى أبسط مقومات المسؤولية الوطنية.
الشوارع مشتعلة بغضب الناس، والمواطنون يتنازعون على كيس حليب في السوبرماركت، والمؤسسات الاقتصادية والتجارية تنهار بالجملة والمفرق، والعملة الوطنية في إنخفاض مستمر أمام الدولار والغلاء الفاحش، ورواتب الموظفين والعاملين في القطاعين الخاص والعام تقزمت، وودائع اللبنانيين في المصارف تبخرت، والبطالة متفشية في أوساط الشباب، والفقر يجتاح الطبقة الوسطى ويغتال صمام الأمان في المجتمع اللبناني..
أمام هذا المشهد المأساوي، والذي زاده إنفجار المرفأ بؤساً وخراباً، يسأل رئيس الجمهورية حاكم البنك المركزي لماذا وصل الدولار إلى عشرة آلاف ليرة؟
لم يطرح الرئيس خطة معينة لوقف إنحدار العملة الوطنية، ولم يقترح الحاكم جديداً للحد من الإنهيار المالي، واكتفى الطرفان بصدور البيان الأعرج من بعبدا، وكفى المؤمنين شر القتال، وكأن الوضع المتأزم والذي بلغ ذروة الإنهيارات في مختلف القطاعات يُعالَج ببيان يتلاعب بآلام المنكوبين، دون أن يصف المسؤول العلاج الشافي لأوجاع الناس، وأمراض البلد.
مَن في البلد لا يعرف أن الإنهيارات المتوالية، وتداعياتها المدمرة في كل المجالات هي نتيجة سوء الإدارة السياسية، ونهم المنظومة الحاكمة في الهدر والفساد، وهذا التسيب في السلطة التنفيذية بسبب التعطيل المتمادي في تأليف الحكومات، والذي بلغ ذروته مع إنتظار الرئيس تمام سلام سنة إلا أسبوعين، للإفراج عن حكومته، بُعيْد التوقيع على الإتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة؟
من يستطيع إنكار أن الصراعات السياسية والحزبية والتهافت على مغانم السلطة أوصل البلاد والعباد إلى هذا الإفلاس، وما يجره هذه الأيام من ويلات؟
الا يعلم من بيده السلطة والقرار أن التأخير المستمر في تأليف الحكومة العتيدة يُفاقم التعقيدات ويُضاعف الإنهيارات، ومع ذلك ما زالت سياسة العناد هي التي تتحكم في لعبة الحقائب، ومحاولات الإستئثار بالقرار؟
الدولار اليوم بعشرة آلاف، وطريق صعوده ستبقى مفتوحة إلى الأعلى طالما بقيت الحكومة أسيرة الخلافات الأنانية، والمعالجات الجدية غائبة، والعجز هو المهيمن على مواقع القرار!