“ليبانون ديبايت” – بولس عيسى
بعد أشهر على تعطيل تأليف الحكومة وحرب البيانات المضادة التي شهدناها، لا شك في أن بعض المؤشّرات بدأت تظهر باتجاه الحلحلة، فمن تراجع رئيس الجمهورية عن انتقاد الرئيس المكلّف، وذلك بحسب ما نقله عنه زواره، إلى تأكيد “حزب الله” على لسان نائب الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، أن المشكلة عند الرئيسين، بمعنى أن الحزب مصرّ على الإمساك بالعصا من وسطها، مروراً بموقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، الذي وافق فيه على مبادرة الحزب بتوسيع الحكومة وأزال عقبة الدرزي الثاني، كلها مؤشّرات تعطي انطباعاً وكأن الأمور بدأت تسلك باتجاه تأليف الحكومة.
وفي هذا الإطار، تحدّثت أوساط قريبة من فريق “8 آذار”، أن محاولة تأليف الحكومة ستنجح عاجلاً أم آجلاً، وأن “حزب الله” أوصل رسالة إلى كل من يعنيهم الأمر بأنه مع التأليف أولاً، وبأنه لن يُبَدّي تحالفه مع رئيس الجمهورية ميشال عون و”التيار الوطني الحر”، على أن يكون سعد الحريري رئيساً للحكومة، وبالتالي، على العهد أن يتدبّر أمره وفقاً لهذه المعادلة.
وكشفت هذه الأوساط، أن أسباب عدّة تدفع “حزب الله” إلى التمسّك بسعد الحريري رئيساً للحكومة:
ـ السبب الأول، بأنها باتت على شبه يقين وقناعة بأن علاقة الحريري مقطوعة بالمملكة العربية السعودية، وهذا الأمر يدفع الحزب إلى المزيد من التمسّك بالحريري، لأنه يعتبر أن مصدر الخطر عليها المتأتي من المملكة، يضمحل بحكم أن الأخير أصبح بعيداً عن الرياض، ولا يستطيع مجرّد زيارتها، وبالتالي، هذا الأمر يجعله بمنأى عن ضغوطها في موضوع تأليف الحكومة.
ـ السبب الثاني، هو أن “حزب الله” لديه أولوية واعتباراً أساسياً في استبعاد أي فتنة مذهبية في لبنان، وبالتالي، يدرك أن الحريري من هذا الرأي أيضاً، ولن يذهب في أي اتجاه مخالف لهذا.
ـ السبب الثالث، هو أن الحزب اعتاد وتعوّد على الرئيس الحريري ، وهو يعتبر أن العلاقة بينهما اختُبِرَت، والأخير أصبح يدرك كيفيّة التعاطي معه والعكس صحيح، ومن هنا أصبح “حزب الله” على قناعة بأن علاقته مع الحريري من الممكن أن تشكّل تجربة ناجحة، في ظل ما شهدته ما بعد إسقاط حكومة الحريري الأولى، مروراً بالتسوية على حكومة الرئيس تمام سلام، وصولاً إلى يومنا هذا.
ـ السبب الرابع، مرتبط بما بعد عهد الرئيس عون، وخطورة ألا يكون هناك رئيساً للجمهورية، باعتبار أن “حزب الله” يريد في هذا الظرف، أن يكون لديه جسراً قوياً شيعياً ـ سنياً، فإذا ما كان رئيس الحكومة ضعيفاً في ظل الفراغ الرئاسي، فمن الممكن أن يصار إلى تعبئة البيئة السنية بهذا الإتجاه أو ذاك، لذا يريد الحزب أن يضمن من خلال هذا الجسر التهدئة لتمرير مرحلة الفراغ الرئاسي المرتقبة التي ربما قد تطول.
ـ السبب الخامس، يتمثل بأن أي رئيس حكومة آخر، غير سعد الحريري، لن يتمكن من أن يقوم بما يمكن أن يقوم به الرئيس المكلّف لناحية شبكة علاقاته، فهو الأكثر مصداقيّة في الشارع السني، كما حيال الخارج، وبالتالي، هو الأكثر قابلية للنجاح نظراً لكل ما يمكن تحقيقه لجهة منع الإنهيار، باعتبار أن الحزب يخشى كثيراً من ذلك، لأنه يريد الحفاظ على الوضع الراهن وموازين القوى الداخلية إلى أطول فترة ممكنة، الأمر الذي يجعل الحريري في نظر الحزب الأقدر من بين كل الأسماء التي من الممكن أن تطرح كبديل له.
فوفق الأوساط، هذه هي نظرة فريق “8 آذار” إلى طبيعة هذه المرحلة، والأمور لا بد ذاهبة باتجاه ولادة الحكومة.