بولا مراد-الديار
مرحلة دقيقة دخلتها البلاد: الكلمة للشارع
انتقلت اللعبة بين مختلف القوى من المناكفات السياسية والسجالات العالية النبرة الى الشارع. فقد بات محسوما، وبحسب المعطيات المتوافرة، ان الكباش بات في الشارع سواء من خلال احزاب تحرك جماهيرها وان لم يكن تحت لوائها الحزبي لفرض شروطها بالسياسة، او من خلال قدرتها على تمييز نفسها وامتصاص الاحتقان الذي بلغ ذروته بين اللبنانيين الذين كفر معظمهم بزعمائه وبات ينتظر اي فرصة او استحقاق لقلب الطاولة على رؤوسهم.
وفي هذا المجال، تؤكد مصادر واسعة الاطلاع ان الايام والاسابيع المقبلة ستكون حساسة وحرجة بحيث من المتوقع ان يتم التصعيد في الشارع سواء من قبل عدد من الاحزاب وبالتحديد تيار «المستقبل»و»الحزب التقدمي الاشتراكي»و»القوات» لمواصلة محاصرة العهد، او من قبل مجموعات الحراك المدني التي باتت تنتظر تحرك الاحزاب للاستفادة من زخمها والتجييش لنزول مؤيديها كما الاغلبية الصامتة التي من المفترض ان تكون كلمتها وحركتها وازنة في اي اختبار.
وتشير المصادر الى ان الانتقال الى الشارع يأتي بعدما وصلت كل المساعي لحل ازمة الحكومة الى حائط مسدود وبالتحديد بعد فشل الوساطات التي بذلت لرأب الصدع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كما سقوط الطروحات والمخارج التي تقدم بها اكثر من طرف وبخاصة حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري لانزال عون والحريري من اعلى الشجرة، التي يبدو انهما يتمسكان بالبقاء عليها.
ويعول الحريري، بحسب المصادر، على «ضغوط دولية من المفترض ان تبلغ اوجها كحد اقصى خلال شهر او اثنين، بحيث يتكىء على كون الجو الدولي يخدمه شخصيا ولا يخدم الرئيس عون والنائب جبران باسيل بعدما اقنع الجميع وعلى رأسهم الفرنسيين انه يتمسك بمبادرتهم ويلتزم بجميع بنودها بخلاف الرئيس عون الذي يسعى لافراغها من مضمونها وصولا لضربها، سواء من خلال اصراره على تسمية ثلث عدد الوزراء فارضا ثلثا معطلا من شأنه ان يشكل سيفا مسلطا على رأس الحكومة يهدد بانهيارها في اية لحظة، وصولا لسعيه وان بشكل غير معلن لحث الحريري على الاعتذار بعدما تحول الخلاف بينهما اي بين عون والحريري كما بين الاخير وباسيل الى خلاف شخصي اكثر منه خلاف بالسياسة».
بالمقابل، لا يبدو ان «الثنائي»عون- باسيل بصدد المهادنة او تقديم اي تنازلات، بحيث تشير المصادر الى انه «وبعد فرض عقوبات اميركية على باسيل، بات «الثنائي»على يقين انه لم يعد هناك ما يخسره اكثر مما سبق ان خسره، فالى جانب العقوبات، اوشك عهده ان ينتهي موصوماً بالفشل، من دون ان ننسى شعبية «التيار» التي تراجعت بشكل كبير ما يجعله يعد للمئة قبل السير مثلا بانتخابات فرعية يدفعه اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بهدف احراجه».وتضيف المصادر: «لذلك بات سيناريو بقاء حكومة دياب تصّرف الاعمال حتى انتهاء عون متقدما على غيره من السيناريوهات».
وفي خضم كل ذلك، يقف اللبناني مذهولا بقدرة القوى السياسية على تجاوزه وتخطيه سعيا وراء مصالحها واجنداتها سواء الخاصة او تلك المرتبطة بدول اخرى.. فمع تجاوز سعر صرف الدولار العشرة آلاف ليرة ما يؤدي لانعدام قدرته الشرائية، تجده يبحث عن حصة غذائية هنا او صندوق اعاشات هناك.. راضخا لواقع ان زعماءه حولوه مجرد متسول تماما كدولته التي تستجدي برامج مساعدة تفاقم دينها دينا ما يجعلها اقرب من اي وقت مضى لمصاف الدول الفاشلة.