بعدما توضحت الى حد ما المواقف السياسية من طروحات البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، وازاء نقاط ما يثار من تساؤلات حول كيفية تطوير العلاقة بين الكرسي البطريركي و”حزب الله”، بدأت حركة اتصالات من قبل سعاة الخير لبلورة الامور وازالة سوء الفهم. وتكشف مصادر مطلعة على خط بكركي – “حزب الله” أن البحث انطلق فعلياً خلال الساعات الماضية حول مشروع زيارة مرتقبة لوفد من “حزب الله” على مستوى رفيع الى بكركي لم يحدد موعدها بعد، وتقول المصادر ان التأخر بالزيارة ليس ناتجاً عن تحفظ “حزب الله” بقدر ما هو رهن تهيئة الظروف لضمان نجاح اللقاء.
كثيرة هي المواضيع التي وضعت على سكة النقاش المشترك بعيداً من التوتر وسوء الفهم الذي طبع الايام لا بل السنوات الطويلة التي مضت. لا “حزب الله” قصد طوال تلك الفترة العداء مع بكركي ولا بكركي ناصبت العداء لـ”حزب الله”. وتعتقد البطريركية المارونية انها ليست اصلاً في صراع مع “حزب الله” انطلاقاً من كونها خارج الصراع السياسي، ورغم كل الطروحات التي لها طابع سياسي فهي تعتقد ان طروحاتها وطنية وليست سياسية بمعنى الدخول في الزواريب السياسية.
في المقابل توقف “حزب الله” عند نقطتين صدرتا عن البطريرك الراعي، الاولى في خطابه عندما لم يتطرق الى الاستراتيجية الدفاعية، وانما تحدث عن نظام دفاع للبنان يستفيد من كل قدرات الشعب في اطار الدولة اللبنانية، لتكون هذه المرة الاولى التي يتحدث فيها عن نظام دفاعي للبنان. اما الثانية فتمثلت في سياق ما ورد في مقابلته التلفزيونية الاخيرة حين قال: “ليست ابوابنا المفتوحة انما قلوبنا مفتوحة لـ”حزب الله” ولا عداء لنا تجاهه ولا ندعو الى نزع سلاحه وكأننا ننزع بارودة خردق بل ان يحصل الموضوع ضمن سياق معين”.
ربما يكون العتب المستجد مرتبطاً باعتبار البطريرك ان طرح الافكار يستوجب الرد عليه بأفكار، وحين يُطرح مشروع فليكن الرد بمشروع وليس عبر أشخاص يطلقون العنان للشتائم والكلام الذي لا يشرف قائده، تماماً كما حصل من خلال منصات دينية واعلامية. وهذه يعتبرها الراعي في غير محلها لانه بغض النظر اذا كان كلامه صارماً او معتدلاً فهو كلام مهذب، ومعروف ان مثل هذه الطروحات سيعارضها “حزب الله” لكن لتكن المعارضة بالموقف وليس بالشتيمة.
هذه الملاحظات وغيرها شكلت ركيزة البحث في الاتصالات واللقاءات التي عقدت بعيداً من الاضواء والتي ستستكمل تباعاً الى ان يتم الوصول الى صيغة مشتركة حول القضايا المطروحة، تشكل ركيزة للقاء بين البطريرك ووفد قيادي من “حزب الله” يتم التحضير له من خارج لجنة الحوار المشتركة، التي وإن عادت الحرارة الى خطوط التواصل بين اعضائها بعد سنوات من القطيعة من خلال الاتصال الذي تم بين عضوي اللجنة المير حارث شهاب وعضو اللجنة الحاج محمد الخنسا، الا ان الاتفاق على خط بكركي – “حزب الله” قائم حول عدم قدرة اللجنة بحد ذاتها على ان تلعب الدور المفترض ان تلعبه، بدليل انها لم تستطع ان تخترق الجمود القائم، وقد تحتاج الى هيكلية جديدة، خصوصاً انها لم تظهر فعالية في المنعطفات التي يجب ان يكون لها حضور ولا أن تستبق الاحداث والخلافات، وكان دورها ضعيفاً ولا يمكن ان تخلق دينامية علاقة بين البطريركية و”حزب الله”، بدليل الازمة الصامتة التي مضى عليها سنوات. بحيث لم يكن هناك تواصل سياسي وتشاور حول القضايا الخلافية او الوفاقية وهنا تبين لدى المعنيين من قبل الطرفين ان اللجنة الموجودة ليست فعالة ولا تمد خطوطاً لا لـ”حزب الله” تجاه بكركي ولا لبكركي تجاه “حزب الله”. وتقول المصادر المطلعة على خط بكركي – “حزب الله” اذا كان دور هذه اللجنة مقبولاً في فترة حيث لم تكن فيها الامور متشنجة ولا هناك استحقاقات، فاليوم باتت تفرض القضايا والملفات الشائكة نوعية محاورين مختلفين وهذا ما سنشهده في الايام القليلة المقبلة.
وتأتي الاتصالات واللقاءات المستجدة على خط بكركي – “حزب الله” لتنهي الفتور في العلاقة بين الطرفين والذي انطلق مع زيارة الراعي الى القدس حيث حصل نوع من التباعد وانقطع الحوار لكن لم تحصل قطيعة. منذ تلك الزيارة في العام 2014 اقتصرت زيارات “حزب الله” الى بكركي على زيارتين فقط، احداهما في العام 2019 قبل تشكيل الحكومة والثانية بعد وفاة البطريرك صفير، اما التواصل الاخير فكان قبل عامين عبر تواصل النائب السابق ابراهيم امين السيد معزياً الراعي بوفاة شقيقه.
فتور كان يزعج البطريركية التي يفترض ان تكون منطلقاً لأي حوار بين اللبنانيين. ومع السجال المستجد وخلال الاسابيع الماضية نشطت وساطة الاصدقاء المشتركين كان من بينهم النائب فريد الخازن الذي كشف انه عمل وانطلاقاً من العلاقة التاريخية التي تجمع العائلة مع بكركي، على تقريب وجهات النظر بين بكركي و”حزب الله” وازالة الفتور الذي اعترى العلاقة، مضيفاً: “ما حاولنا القيام به في المرحلة الاولى بعد كلمة البطريرك ورد الامين العام السيد حسن نصرالله هو توضيح صورة ما قيل بأن الراعي لم يقصد التدويل ولم يلمح من قريب او بعيد الى البند السابع او مجلس الامن، بالمقابل فعندما استخدم نصرالله عبارة “ما حدا يمزح معنا” والتي استفزت الرأي العام لم يكن يقصد البطريرك”، موضحاً ان “المسألة لا تحتاج الى تكليف لا من “المردة” ولا من بكركي “بيتنا واهلنا ونبقى معهم ولهم”. اتردد لزيارتها مرتين او ثلاث مرات بالشهر”، متحدثاً عن زيارة مرتقبة يقوم بها ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية الى بكركي قريباً.
البحث على خط بكركي – حارة حريك انطلق برعاية المعنيين مباشرة، بينما سيتم البحث في اعادة تفعيل الحوار ضمن قنوات فعالة. وتختم المصادر: “بوشرت الاتصالات التي من غير المعروف الى اين ستؤدي”.