زياد العسل – الديار
حلف حزب الله والتيار الوطني الحر حاجة وضرورة وطنية
يعيش لبنان والمنطقة تحولات كبرى، نتيجة اشتداد الصراع الإقليمي والدولي، ومحورية هذه البقعة من العالم على المستوى الاقتصادي والسياسي ،وقوة لبنان التي فرضت حالة ردعية كبرى في سياق الصراع الكبير الذي يجري في المنطقة عموما ومع إسرائيل على وجه الخصوص.
وفي حديث خاص بـ «الديار» رأى استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الدكتور صادق النابلسي أن الأزمة اللبنانية الداخلية تنبثق من تقاطعات داخلية وخارجية على السواء، ومن هذا المنطلق فالأزمة متشعبة الابعاد، فصراع محور المقاومة مع أعدائها والصراع الاقليمي والدولي يرخي بظلاله على المشهد اللبناني، انطلاقا من موقعية لبنان الجغرافية والتاريخية، فلا شك أن موضوع التوازنات الداخلية هو أمر أساس من خلال حسابات وقلق كل تيار او حزب سياسي، وسعيه لتحصين نفسه داخليا، بالإضافة إلى أن هناك في الخارج، من ينفخ بنار الأزمة الداخلية انطلاقا من الرغبة بكسر لبنان واضعافه، ولعل أكبر مثال على ذلك، ما قاله فيلتمان اننا لا يمكن أن نترك الساحة اللبنانية ليملأ آخرون الفراغ.
أضاف النابلسي : ان المبادرة الفرنسية هي خير دليل واضح وصريح على رغبة فرنسا بحجز مقعد سياسي واقتصادي في لبنان، فضلا عن تاريخية علاقات لبنان وتأثير السعودية ومصر على سبيل المثال في العلاقات مع لبنان تاريخيا، وتأثير هذه المسارات في شكل المشهد السياسي، لذلك فالعرقلة الداخلية ليست سوى تجسيد للعرقلة الدولية والقرار الدولي المتخذ لتأزيم وتعقيد الواقع السياسي، وذلك كرد على انتصارات لبنان ومقاومته التي قلبت وغيرت المشهد السياسي برمته. وأكد ان المقاومة اليوم تعمل بجهد حثيث على محاربة الفساد واجتثاثه، لتحصين انتصاراتها في وجه العدو الإسرائيلي، ولكن هذا ليس بالأمر السهل نظرا للعديد من الاعتبارات السياسية، وطبيعة النظام والتركيبة اللبنانية التي تفرض عوائق كثيرة في إطار هذا المشروع الحق والمفصلي على مستوى الكيان.
وقال النابلسي انه رغم حملات تشويه السمعة التي تعرضت لها المقاومة من الداخل مؤخرا، والتي يحضر عليها بشكل ممنهج من الخارج منذ فترات طويلة، بعد فشل محاولات إخضاع لبنان سياسيا وكسر مقاومته في ما يتعلق بمستقبل المنطقة، يرى النابلسي أنه في السنوات الأخيرة تطور مسار الصلح مع العدو الإسرائيلي، وهذا ما دفع بعض الدول للزحف باتجاه «إسرائيل» والتطبيع معها، واليوم نجد أن «إسرائيل» تجاوزت ما يعرف بقضايا الوضع النهائي او القضايا الداخلية، مركزة على استثمار الضعف والوهن في بعض الدول العربية.
وشدد على ان هذه التحالفات وموجات التطبيع لن تغير البتة في المشهد السياسي العربي، لأن الشعوب بالتاكيد رافضة لحالات الانبطاح والتطبيع التي نشهدها، ولكن الحقيقة التي فرضت نفسها تتمثل بالقوة الردعية للمقاومة وحلفائها وسوريا، التي باتت تفرض سؤالا جوهريا حول زوال اسرائيل، وهذا ما اعترف به نتنياهو نفسه في أكثر من موضع حول القلق الوجودي الذي ينتاب الكيان وساسته، بالإضافة لحالة الرعب التي تتملك الصهاينة من الصواريخ الدقيقة التي يسميها ساسة الكيان ومستوطنيه بالصورايخ المتوحشة، ومستقبل المنطقة بات واضحا أنه مستقبل قوة لمحور المقاومة وليس مستقبل سلام كما يروج البعض ويعمل مليا لذلك.
عن علاقة حزب الله بالتيار الوطني الحر، يؤكد النابلسي أن التحالف بشقه الاستراتيجي لن يهتز، اما البعد الداخلي فمن البديهي أن تكون هناك تباينات بين الجانبين، والطرفان مصممان على السعي لمحاربة الفساد، ولكن الحزب والتيار غير قادرين على فرض معادلة إصلاحية كاملة، فثمة تيارات وأحزاب أخرى في المشهد اللبناني، والتركيبة اللبنانية التي حالت دون ذلك في الكثير من المواضع والملفات الكبرى، فبقاء هذا التحالف جنّب لبنان الكثير، وهو ضرورة وحاجة وطنية كبرى ينهي استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، مؤكدا أن درب الخلاص وبصيص النور، يتمثل بخروج الشباب اللبناني من الإنتماءات الضيقة، نحو فضاء الانتماء الوطني والقومي العام، بعيدا عن الأهواء الزعماتية والفئوية التي لم تأت لوطننا الا بالويلات.