الجهة اياها التي تربط، استخباراتياً، بين انفجار العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت ومقتل لقمان سليم في احدى مناطق الجنوب والذي كشف بعض جوانبه الكرنفال السياسي، والديبلوماسي، في منزله في الضاحية. دائما مع التوقف عند «الصندوق الأسود»، أي هاتف الرجل. كيف ألقي في مكان معين، وكيف عثر عليه؟ ومن استدرجه الى هناك ليعود ليلاً ومنفرداً؟
المعلومات اياها تشير الى نشاطات مريبة لأجهزة استخبارات عربية واقليمية، حيث التقاطع في نقاط معينة، والتنسيق في نقاط أخرى. هذه النشاطات لا تقتصر على بعض البيئات اللبنانية، بل تمتد، ايضاً، الى مخيمات فلسطينية ذات حساسية جغرافية محورية. كذلك مخيمات للنازحين السورين في مناطق ذات اتجاهات سياسية، وطائفية، محددة.
كل هذا يطرح في ظل عناوين فضفاضة، وطوباوية، اذا ما أخذنا بالاعتبار ما يجري في شقوق الجدران، بعد وصول الطبقة السياسية الى أقصى حدود الهلهلة، لتعيش البلاد تحت ضغط أسئلة تعكس مدى القلق العام في ظروف تشي باحتمالات أكثر من أن تكون كارثية.
ماذا اذا استجاب رئيس الجمهورية لدعوات التنحي؟ وماذا اذا استجاب الرئيس المكلف لدعوات الاعتذار عن مهمته، وهي المهمة التي تدور، ويدور معها صاحبها، في حلقة مقفلة؟
لا مجال لاعتبار الأزمة الحكومية، بكاملها، صناعة لبنانية. شخصية سياسية سنية قالت لنا «حتى البطاطا نستوردها من الخارج. بدّك ايانا ما نستورد الحكومة؟».
لاحظت أن المشكلة في تعدد المرجعيات الخارجية للطائفة، وحيث التناقض التكتيكي، وحتى الاستراتيجي، في مقارباتها (الجيوسياسية) للساحة اللبنانية. مثل هذا حدث على الأرض السورية ولحساب ما بدا أنه كوندومينيوم تركي ـ اسرائيلي استنفد كل الأدوار، وكل المليارات، العربية؟ الدول العربية، والاقليمية، في الدوامة الأميركية. كيف لها ادارة الدوامة اللبنانية التي أشبه ما تكون بالدمية الروسية الشهيرة ان بتضاريسها السياسية، والاقتصادية، أو بوجود مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، ومئات آلاف النازحين السوريين، الذين طالما بحثت السيناريوات بتثميرهم في تغيير البنية الديموغرافية والبنية الدستورية للدولة اللبنانية.
الداخلي المعقد، والخارجي المعقد، في الملف الحكومي. الشاشات تضج بالوجوه الببغائية، وبالآراء الببغائية، لنقول مرة أخرى، بذلك الجدل اللولبي كما لو أننا في الليلة الأخيرة من سقوط القسطنطينية. السؤال هنا: تحت أي سقف سيكون لبنان؟ لا سقف، ولا جدران. هكذا يتم تحويل لؤلؤة الشرق الأوسط الى أرض يباب…
الحل لم يعد في استقالة الرئيس ميشال عون ليؤتى بالحجاج بن يوسف الثقفي، أو بقسطنطين الأكبر، ولا في انسحاب الرئيس سعد الحريري ليؤتى بمهاتير محمد أو بمحمد علي باشا.
حتى الكلام عن بهاء الحريري كبديل من «العائلة المقدسة» بدا باهتاً. نقول للشيخ بهاء الذي لم تتلطخ يداه ان الذين حولك، ولا نستثني أحداً من المستشارين المرئيين، واللامرئيين، هم مثال للضحالة، وللتفاهة، وأن من يديرون الخيوط أحرقوك من الخطوة الأولى.
ها أنك عالق في ثقب الباب. لا تملك سوى الرثاء لذلك اللبنان بعدما كنت وعدت، ونكثت، بخطة للانقاذ. لقد خسرت صدقيتك، وسقطت، لتقتصر الأريحية الحريرية حيناً على بعض أجهزة التنفس (ولبنان يختنق) وحيناً على بعض اللقاحات (ولبنان يحتضر).
لعلها الفرصة الأخيرة أمام قصر بعبدا، كذلك أمام بيت الوسط، لاختراق التابو الداخلي، والتابو الخارجي، على الأقل ليوجد من يقود عربة الموتى. اثنان في مرمى الانفجار. هل يفقهان…؟!