نوال الأشقر-لبنان24
صحيح أنّ دولار السوق الموازية كسر رقمًا قياسيًّا ببلوغه حاجز الـ 10000 ليرة، ولكنّه لم يتمكّن بعد من بلوغ مستوى الجنون السياسي، أبطال هذا الجنون يقاربون الإرتفاع الدراماتيكي بسعر الصرف، كورقة في لعبة عض الأصابع التي تخوضها القوى في مواجهة بعضها البعض، ينبري فريق لاتهام الآخر بتحريك الشارع للضغط عليه حكوميًّا، من دون يأبه هذا وذاك للتداعيات الكارثيّة لتحليق الدولار على يوميات اللبنانيين ومأكلهم ومشربهم.
ماذا بعد الـ 10000 ليرة؟ من يلجم الدولار بعد تجاوزه الحاجز النفسي المتمثّل بالرقم عشرة؟ ومن يتحكّم بسعره هبوطًا وصعودًا؟
منذ انكشاف الإزمة المالية، أثبت الدولار أنّه لا يحتكم في بورصته لقواعد العرض والطلب فقط، ولا تحكمه المعطياتُ الإقتصادية وحدها، بل هناك معادلة سياسية تفرض إيقاعها على سعر الصرف، “مسار الدولار في لبنان غير مبني على أيّ علم” وفق مقاربة الخبير الإقتصادي انطوان سعادة في حديث لـ “لبنان 24″،إذ ليس هناك مكان في العالم يتفلّت فيه الدولار من أيّ قاعدة علمية إلّا في لبنان، كذلك غير مبني على الحالات السياسية، بدليل أنّه انخفض على أثر تكليف الرئيس سعد الحريري، ثم عاود الإتفاع عند التعثر في التأليف، بعدها حكم عملية التأليف الستاتيكو نفسه، ورغم ذلك بقي الدولار يتقلّب صعودًا وهبوطًا، فما الذي حصل سياسيًّا كي يرتفع الدولار بمقدار ألفي ليرة في الآونة الأخيرة، ولماذا ارتفع إلى عشرة الآف، بعدما تمّ التمهيد لذلك في الأيام العشرة الأخيرة بارتفاعات تدريجية؟ ولماذا لم يبلغ هذا المدى بعد الزيارة الأخيرة للحريري إلى بعبدا وما أعلنه عن تعثر في التأليف؟
يتحدّث سعادة عن معادلة غرائبيّة تتحكّم بالسعر “إذ يتحرك سعر الصرف ليلًا بعد إقفال الأسواق المالية والتجارية أيضًا، بمعزل عن أيّ مؤشرات سياسية أو اقتصادية، كأن يصل خبر ليلًا أنّ الدولار وصل إلى هذا الحد، وهي ظاهرة ليست موجودة في أيّ مكان في العالم، كما أنّ دولار لبنان لا يذهب إلى الجامع يوم الجمعة ولا إلى الكنيسة يوم الأحد، بمعنى أنّ سعره يتقلّب في العطل الأسبوعية أيضًا”.
أضاف سعادة ” منذ التسعينيات انتهج المصرف المركزي سياسة تثبيت سعر الصرف على 1500 ليرة، فكان الدولار ممسوكًا من قبله، ولطالما تدخل مصرف لبنان لعدم جعله ينخفض تحت هذا السقف، في المراحل التي شهدت ازدهارًا اقتصاديًا كما حصل في العام 2008 ، والعكس صحيح بحيث كان يتدخّل لعدم تجاوزه هذا السقف، وقد عايشت الأسواق المالية هذه المعادلة على مدى ثلاثين عامًا، وفجأة بليلة وضحاها تُرك الدولار ليتفلّت، من دون أن يترافق ذلك مع برنامج اقتصادي، وبالتالي من الطبيعي أن يشهد هذا السيناريو”.
في المدى المنظور لن يتخطى السعر حاجز العشرة الآف بنظر سعادة “لن يجرؤا في هذا الوقت على رفعه، ورأينا كيف سارعت المناصّات إلى خفضه 300 ليرة، في وقت كان يفترض أن يرتفع على وقع الحوادث الأخيرة وليس العكس، فكيف عاد السعر الى ما دون العشرة ؟”.
بنظره لا سقف للدولار، والسياسات الترقيعية كالبطاقة التمويلية ستؤدي إلى ارتفاعه لحدود 13 ألف، كونها تتطلب طبع عملة، وما ينتج عن ذلك من تضخم، وأيّ تغيير في سعر المنصّة في المصارف سيرفع سعر الدولار في السوق الموازية من جديد ليكسر رقمًا قياسيًا آخر، بالمقابل سينخفض إلى حدود كبيرة فور التوصّل إلى حلّ سياسي.