خلاصة الوسطاء: لا أحد يريد حكومة “لا تسكتوا”!
غداة ما نقلته “نداء الوطن” من هواجس اقتصادية متخوفة من انفجار اجتماعي وشيك على وقع تجاوز الدولار في السوق السوداء حاجز الـ10000 ليرة، انفجر صاعق الغضب الشعبي أمس على امتداد الـ10452 كلم²، شرقاً وشمالاً وجنوباً وبقاعاً وساحلاً، فاشتعلت “جهنم” على أرض الواقع بعدما كوت بنيرانها اللبنانيين من مختلف المناطق والطوائف، على مرأى ومسمع من أركان المنظومة المتحكمة برقاب الناس بقوة القهر والإجرام.
هي انتفاضة “لا تسكتوا” التي دعا إليها البطريرك الماروني بشارة الراعي اللبنانيين، بعدما لمس بالجرم المشهود إمعان أهل الحكم في غيّ محاصصاتهم السلطوية على حساب هموم البلد وأبنائه، وما مشهدية النيران المشتعلة في كل الساحات والاتجاهات سوى دليل على أنّ المواطنين كفروا بحكامهم، وقرروا “ألا يسكتوا” بعد اليوم في مواجهة سلطة “حرامية” سرقت أموالهم وآمالهم وتركتهم يقاتلون الفقر والجوع باللحم الحي.
وبينما رقعة الغليان تأخذ بالاتساع لتنبئ بأنّ الأمور بدأت تسلك طريقها نحو دويّ “انفجار اجتماعي كبير”، ترى مصادر واسعة الاطلاع أنّ “قوى السلطة لن تستعجل الحلول ولا قمع التحركات الميدانية، إنما ستحاول بدايةً استخدام وجع الناس كورقة ضاغطة في لعبة “عض الأصابع” التي تخوضها في مواجهة بعضها البعض، أملاً بأن تدفع حماوة الاضطرابات في الشارع هذا الفريق أو ذاك إلى تقديم تنازلات لم يكن ليقدمها في ما لو استمرت الأوضاع محكومة بوضعية الـ”ستاتيكو”، حتى أنّ بعض هذه القوى لن يتوانى عن السعي إلى ركب موجة غضب الناس ومحاولة تجييرها باتجاه تصفية الحسابات السياسية مع خصومه”.
وفي هذا السياق، تنقل المصادر عن الوسطاء العاملين على خط الملف الحكومي أنهم “توصلوا إلى خلاصة مفادها أنّ أياً من الأطراف المعنية لا يريد حكومة في الوقت الحالي، إنما تركيز الجميع أصبح منصباً على تسجيل النقاط وتجنب تلقي أي ضربة قاضية على حلبة التأليف”، كاشفةً أنّ كل مساعي المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم “اصطدمت بحائط مسدود، لكنه لا يزال يحاول تدوير زوايا المبادرات والطروحات التي يحملها إلى المعنيين، من دون أن يتمكن بعد من تسجيل أي خرق يُذكر في جدار المواقف المتصلبة”.
وآخر هذه الطروحات، بحسب المصادر نفسها، كان يتمحور حول “إقناع رئيس الجمهورية ميشال عون بأن يختار إسم الوزير الذي سيتولى حقيبة الداخلية مقابل تخليه عن شرط الحصول على الثلث المعطل في الحكومة، فاستمهله عون بعض الوقت للتفكير بالموضوع ثم عاد ليتبلّغ المعنيون على لسان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل رفض هذا الطرح، مبدياً تمسكه بأن تكون حصة رئيس الجمهورية 7 وزراء من دون نقصان”.
وفي المقابل، تبدي أوساط محسوبة على الفريق السني اعتراضها على إقدام الرئيس المكلف سعد الحريري على أي خطوة من شأنها تقديم أي تنازل يفضي إلى إسناد حقيبة الداخلية إلى “التيار الوطني الحر”، ليقينها بأنّ أي وزير داخلية ينتمي إلى هذا “التيار” سيعمد إلى تكريس “الممارسات الكيدية في أروقة الوزارة بحق بعض رؤساء الأجهزة الأمنية والمدراء العامين، ويستدلون في ذلك على سلسلة من الشواهد والدلائل، تبدأ من “إدارة السير” ولا تنتهي عند المديرية العامة للأمن الداخلي”.
تزامناً، وبعدما تداولت بعض الأوساط العونية خلال الساعات الأخيرة معلومات تؤكد أنّ التشكيلة الوزارية التي قدمها الرئيس المكلف إلى رئيس الجمهورية تم نسفها واستبدالها بتشكيلة جديدة ومرشحين وزاريين جدد، نفت مصادر مواكبة عن كثب لمستجدات الملف الحكومي صحة هذه المعلومات، مكتفيةً بالقول: “لا الحريري اقترح صيغة جديدة وأسماء جديدة، ولا اللواء عباس ابراهيم نقل أي لوائح وأسماء جديدة، وكل ما يشاع في هذا المجال لا يعدو كونه محض خيال”.