الشيخ الدكتور خلدون عريمط* – أساس ميديا
إنّ ما تتطرق إليه البطريرك بشارة الراعي في كلمته الوطنيه الأخيره الجامعة من مقرّه في بكركي، وتركيزه على ضرورة الالتزام بالوحدة الوطنيه وبوثيقة الطائف وتطبيق بنودها، أمام جمهور المواطنين اللبنانيين من كل المكونات، يؤكّد بلا شك أنّ الطروحات الطائفيه الحاقدة التي مارسها بعض أركان السلطه للحفاظ على مصالحه باسم الطائفه، ومواقف وتصريحات وبيانات فائض القوّة من البعض الآخر، التي تبرّر وجود سلاح الدويلة على حساب سيادة الدولة والقانون، لم تعد مقبولة، من البطريرك الراعي وما يمثّل، ولا مبرّرة لدى اللبنانين جميعًا. اللبنانيون الذين عانوا ويعانون نتائج وتداعيات عقلية “أنا أو لا أحد”، وسلوك الحاكم المهووس بالسلطة، ولا من الذين ارتضوا أن تكون الساحه اللبنانية امتدادًا لمشاريع ومحاور إقليمية تهدّد وحدة اللبنانين وتنوّعهم الوطني، وتبعد لبنان ومصالح شعبه عن أشقّائه وعمقه العربي.
على كلّ القوى السياسيه وأذرعها أن تدرك أنّ حياد لبنان عن صراعات المنطقة وعن المحاور الإقليمية، وعدم تدخّل بعض اللبنانيين، من خلال مليشياتهم، في شوؤن الدول العربية، هو الخطوة الأولى نحو بناء الدولة الوطنية الجامعة القوية والقادرة وحدها وبسلاحها، على مواجهة أطماع العدو الصهيوني في أرضنا ومياهنا وبحرنا.
والحياد الإيجابي لا يعني إبعاد لبنان عن أشقّائه العرب وأصدقائه، وإنّما الحفاظ على سيادة لبنان ووحدته وحريته وعروبته، وإخراجه من جاذبية المشروع الصفوي الإيراني، الذي ما دخل شعبًا إلّا ومزّقه، ولا أرضًا أو وطنًا إلا ودمّره.
من حقّ لبنان واللبنانيين أن يعيشوا أسيادًا وأحرارًا على أرضهم. وحدهم ينتخبون رئيسًا لجمهوريتهم، ووحدهم يشكّلون حكومة في إطار الدستور والقوانين، وينتخبون مجلسًا نيابيًّا باسم الشعب اللبناني، ولا ينتظرون صفقات ومصالح الدول أو الدولة التي تدّعي أنّها تهيمن على عاصمته وبحره، وعلى عواصم عربية أخرى. وهدف هذه الدولة جمع المزيد من الأوراق السياسية للتفاوض بها لتأمين مصالحها في هذا الشرق العربي المكلوم، ولتقاسم النفوذ والهيمنة مع القوى الكبرى التي مزّقت الوطن العربي ورعت الاحتلال الإسرائلي لأرض فلسطين المباركة.
* رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام