ماذا يريد “التيار الوطني الحر”؟

اندريه قصاص-لبنان24

بعد التباين في وجهتي نظر كل من البطريركية المارونية و”حزب الله” في ما يتعلق بموضوعي الحياد والمؤتمر الدولي من أجل لبنان، يمكن القول أن “التيار الوطني الحر” اصبح يرى نفسه حجرًا بين شاقوفين، أو وفق المثل الشعبي “لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير”، وقد بدا ذلك واضحًا من خلال بيانين صدرا عنه رسميًا، وتضمّنا كلامًا واضحًا لا لبس فيه ولا يحتاج إلى الكثير من الإجتهاد، سواء بالنسبة إلى موقفه من “حزب الله” أو من مبادرة بكركي.
ففي موقف لافت أقر “التيار”، في الذكرى السنوية الخامسة عشرة لـ”اتفاق مار مخايل”، بفشل تفاهمه مع “حزب الله” في ما يتعلق بـ”مشروع بناء الدولة”.
وعلى رغم تذكيره بأنّ “التفاهم جنّب لبنان شرور الانقسام” إعترف، وبعد تجارب عديدة في أكثر من موقع، بأنه لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون”، معتبراً أنّ “الذكرى السنوية للتوقيع تعتبر مناسبة للتمعن في هذا التفاهم”.

أما بالنسبة إلى موقفه من مبادرة بكركي، فقد اصدر “التيار” بيانًا إستباقيًا لـ “يوم الحشد” في بكركي، أكد فيه أن علاقته بالبطريركية المارونية تقوم على إحترام هذا الموقع ودوره، تاريخاً وحاضراً. “فـ”التيار” يشارك بكركي هواجسها في حماية الوجود ‏وسعيها إلى تثبيت الشراكة المتوازنة بين اللبنانيين في الحكم، ورفضها لكل ما يمسّ الهوية اللبنانية حدوداً ونسيجاً اجتماعياً ونمط حياة”. وشدّد على رفض إقحام لبنان في سياسة المحاور، والتزامه محور لبنان دون غيره، وتحييده عن أي صراع لا يرتبط بمصلحة لبنان، مع التأكيد على الانخراط في الصراع مع إسرائيل.

فما بين هذين المحورين ( بكركي وحارة حريك) المتباعدين في التوجه والخيارات يقف “التيار الوطني الحر” حائرًا، وإن كان البيانان الآنفا الذكر حاولا وضع النقاط على الحروف وفق بعض القناعات، التي تولدّت نتيجة تجارب مشتركة مرّ عليها خمس عشرة سنة، وإنسجامًا مع توجه مغاير لقاعدته الشعبية، التي بدأت تتأثر بالأجواء العامة التي تحيط بالساحة المسيحية، والتي باتت تتعاطف مع مواقف البطريرك الراعي، بعدما تبيّن لها صوابية كلامه، وحرصه على المصلحتين الوطنية والمسيحية، وسعيه إلى إعلاء شأن الدور المسيحي الحضاري غير المرتبط بمصالح ضيقة لا تعود بالنفع إلا لفئة محدّدة من المسيحيين.

وقد تأكد لهذه القاعدة أن بكركي حريصة على موقع رئاسة الجمهورية، أيًّا يكن الرئيس، وهي متمسكة بأن يكون له دور فاعل على المستوى الوطني بإعتبارة فوق المصالح الآنية، وذلك إنطلاقًا من مسلمات وثوابت لم تحد عنها بكركي، على رغم التباعد في بعض الأحيان بين نظرتها ونظرة الرؤساء المتعاقبين للأمور، وهي ثوابت تاريخية عاشتها بكركي مع كل العهود، فكانت لكل رؤساء الجمهورية السند والعضد.
وفي رأي بعض القيادات العونية المنفصلة عن “التيار” أن الخطاب الوطني لبكركي شدّ من عصب القاعدة الشعبية لـ”التيار”، بعد المواقف غير المستقرّة على خطّ واحد لوزير السابق جبران باسيل، وقد رأت في كلام الراعي “في سبت الحشد” ما يعبرّ عن تطلعاتها، خصوصًا أنه ذكرّها بالبدايات النضالية لـ”التيار العوني”.
من جهتها، ترى مصادر مقرّبة من قيادة “التيار” أن الخط البياني الذي ينتهجه رئيسه لا يختلف في مضمونه مع هواجس بكركي، وإن كان الأسلوب مغايرًا، ولكن الأهمّ أن نظرة كل منهما للأمور الوطنية تلتقي عند ثوابت وطنية راسخة لا يمكن أن يختلف عليها إثنان.

Exit mobile version