بين البطريركية المارونية وحليفه الاقرب “حزب الله” يقف تيار “المردة” محرجاً. كلف النائب الكسرواني فريد الخازن لصلته القوية مع بكركي الدخول على خط الوساطة بين “الحزب” وبكركي لحل الازمة الناشئة بينهما. لعلها من الاوقات الصعبة التي يجد فيها زعيم “المردة” سليمان فرنجية نفسه بين فكّي كماشة. يهمه ان يكون على وئام مع “حزب الله” وألا تكلفه غالياً العلاقة المتوترة بين “الحزب” وبكركي، لذا لاذ وتياره بالصمت، فلا عاونوا البطريرك ولبوا نداءه ولا جاهروا بتأييد أو رفض أي فكرة من أفكاره، وهي وضعية عبّر عنها الخازن الذي زار بكركي ليؤكد انه مع حلفائه في “المردة” متفقون مع سيدها، وفي حين أعلن أنه حين زار بكركي استبقاه الراعي الى مأدبة غداء، كشفت مصادر عليمة أن الخازن زار الصرح البطريركي من دون موعد مسبق حتى أنّ البطريرك أثناء توجهه يومها إلى مأدبة الغداء فوجئ بوجوده فبادره بالقول: “مبين هون”، ليجيبه الخازن: “جايي إسأل خاطرك”.
لسليمان فرنجية احترامه وموقعه لدى البطريرك لكن المفارقة أن بكركي لم تستفسر منه عن أسباب غيابه وتياره عن مهرجان السبت، ويرجح البعض أن يكون الراعي مدركاً سلفاً أن فرنجية ليس حراً في قراراته بالنظر الى تاريخه السياسي وعلاقته مع “حزب الله” ومستقبله الرئاسي، ولذا فمن البديهي ألا يكون في عداد المشاركين.
وبين بكركي التي لم تفتقد وجوده و”حزب الله” العاتب يبدو زعيم بنشعي محرجاً، وقد يكون يعرف ضمناً ان طرح بكركي لن يوصل الى مكان ما، لكنه لن يستطع الخروج عن خيمة مرجعية الموارنة لا سيما مع وجود من يقف في مواجهته والمزايدة عليه في زغرتا، وهو يبحث عما يعيد المياه الى مجاريها بين حليفه التاريخي والمرجعية التاريخية التي ينتمي اليها. فخلال الايام القليلة الماضية كل الاطراف كشفت اوراقها ومواقفها في لحظة التشنج بين بكركي و”حزب الله”، فيما سجل غياب وحيد على خريطة المواقف لسليمان فرنجية الذي بقي الصامت الأكبر على الساحة المسيحية، ما يطرح السؤال عن سر هذا الغياب بكل أبعاده.
لسليمان فرنجية اهتماماته التي تتعدى لبنان واتصالاته وزياراته التي لم تنقطع، وهو لا شك محرج لما آلت اليه الأمور نتيجة الانقسامات السائدة. ويحيل عضو المكتب السياسي لتيار “المردة” المحامي وضاح الشاعر المتسائلين إلى آخر حديث لفرنجية، يوم دعا إلى التنبه “لأنّ الوقت ليس وقت عراضات ولا تحسين مواقع، فالخطر الذي يداهم لبنان هو خطر وجودي يجب ان يستنفر الجميع لمواجهته، لا التلهي بصغائر الأمور واختراع أسباب لا تصدق لتبرير التأخير في تشكيل الحكومة”.
ويقول الشاعر: “سعى البطريرك لايجاد الحلول بين رئيسي الجمهورية والرئيس المكلف وحين لم يجد حلاً كانت فكرته بعقد مؤتمر دولي. كلّ فسر هذه الدعوة من الوجهة التي تناسبه وهي قد تكون عبارة عن فكرة يمكن ان تكون خاضعة للبلورة بعد النقاش بما يزيل اي التباس بشأنها”، داعياً إلى “عدم اعطاء الأشياء اكبر من حجمها”، ومتسائلاً: “أليس مؤتمر سيدر مؤتمراً دوليا؟”.
يؤيد عضو المكتب السياسي في “المردة” أي طرح يساعد لبنان، وقد يكون من الافضل بلورة صورة الموضوع أكثر، ولكن ما طرحه الراعي لا يستلزم تلك الضجة حوله، معارضاً في المقابل “استخدام ساحة بكركي لتوصيل الأحقاد”. ويؤكد الشاعر ان “جلوس الاطراف سويةً هو باب الخلاص”، مشدداً على موقع بكركي “كمرجعية وطنية من مؤسسي الكيان اللبناني كغيرها، ونحن في تناغم معها ولسنا ضدها”. واذا كانت طرحت فكرة كمحاولة انقاذ للوضع “فهذه يبنى عليها ويمكن وضع صيغة عملية لها، لنرى امكان قابليتها للبلورة من عدمه”. ويتابع: “نحن مع الحياد وهذا صحيح لكن الحياد كلمة مطاطة وهل يمكن الحياد فيما بقعة من أرضنا لا تزال محتلة وسماؤنا منتهكة يومياً؟”، مؤكداً في هذا السياق على “علاقة استراتيجية لا تزال تربط “المردة” بـ”حزب الله” حيث التلاقي على الكثير من النقاط، والاستقلالية تبقى في أماكن محددة”. ويختم: “نحن معنيون ونحن ام الصبي وقلة كلام سليمان فرنجية لا تعني أي موقف سلبي من أي طرف، إنما كل ما يحتلّ تفكيره في الوقت الحاضر الخطر الوجودي وألا يكون لبنان ساحة تستقر فيها الخلافات الخارجية”.