أخرجت “القوات اللبنانية” نفسها من البازار الحكومي والسلطوي منذ اندلاع إنتفاضة 17 تشرين الأول 2019، وتركت الأكثرية الحاكمة ومن يطمح للعودة إلى “جنّة” الحكم يتخبّطون من دون أن يصلوا إلى حلول.
“لو أن القوات تشارك في الحكومة لكانت حُلّت مشكلة الثلث المعطّل”، هذا الشعار يُطلق مؤخراً من أجل التصويب على “القوات” ومحاولة إحراجها لدفعها إما إلى المشاركة الحكومية وإغراقها في وحول الحكم، أو لدخولها في صراع جديد مع “التيار الوطني الحرّ”.
ويؤجّج محور “حزب الله” هذه النظرية بغية مساندة حليفه “التيار الوطني الحرّ” في صراعه مع الرئيس المكلّف سعد الحريري، مع معرفة هذا المحور أن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أذكى من أن يدخل في لعبة حكومية مع فريق يعتبره المسؤول عما وصلت إليه أوضاع البلاد.
ومن يقرأ جيداً مسار تأليف الحكومات بعد 2005، يُدرك أن هذه النظرية ساقطة لأنه حتى لو قبلت “القوات” المشاركة فإنه سيتم خلق عقد جديدة، والدليل أن كل التصويب من محور “الممانعة” بعد إنتخابات 2018 كان في اتجاه أن مطالبة “القوات” بحقيبة سيادية ومن ثمّ خدماتية يؤخّر التأليف، وعندما رضيت بالحصة التي عُرضت عليها تم خلق مشكلة تمثيل سنّة 8 آذار.
وعلى قاعدة أن مشاركة “القوات” ستمنحها حتماً 3 وزراء إضافة إلى وزير لتيار “المردة” وعندها يسقط الثلث المعطّل، بحيث ينال “التيار الوطني” ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون 5 وزراء في حكومة مؤلفة من 18 وزيراً، تهزأ “القوات” من كل هذه الطروحات وتعتبر أنها محاولة لرمي المسؤولية عليها، في حين أنها منذ 17 تشرين وما قبله وخلال إنعقاد طاولة الحوار الإقتصادي في بعبدا كان مطلبها واضحاً وهو تأليف حكومة إختصاصيين مستقلة.
وتؤكّد مصادر “القوات” لـ”نداء الوطن” أن أحداً لم يفاتحها بشكل رسمي بهذا الطرح، لا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ولا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ولا الرئيس سعد الحريري، والجواب معروف من الآن وهو لا مشاركة في أي حكومة، فما الفارق بين حكومة سياسيين أو حكومة تسمّي القوى السياسية وكلاء عنها؟
وترى “القوات” أن آلية تأليف الحكومة عادت إلى ما قبل 17 تشرين، فالمطروح كان حكومة إختصاصيين مستقلة، وإذ نشاهد “التناتش” على الحصص بين جميع المكونات وكأن البلاد بألف خير ولا مانع من تعطيل التأليف والوضع العام يحتمل كل هذا الدلع. وتتشبّث “القوات” بموقفها المُطالِب بحكومة إختصاصيين مستقلّة، إذ إن تسمية القوى السياسية للوزراء يعني العودة إلى نقطة الصفر وما دونه، لأن الممارسة ستبقى هي ذاتها والسلوك كذلك، وبالتالي فإنه في ظل وجود هذه الأكثرية الحاكمة لا أمل بأي إصلاح أو تقدّم، وهذا الأمر يظهر جلياً من خلال تأليف الحكومة الحالية.
وتستشهد “القوات” برفضها طلب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تسمية السفير مصطفى أديب بينما سار “حزب الله” بطلب ماكرون، وبالتالي فإن الإعتراض القواتي لم يكن على شخص أديب بل “لأننا نعرف أن هذه الاكثرية ستفشّل أي حل، وبالتالي إعتذر السفير أديب وعادت الأكثرية الحاكمة لفرض شروطها ومنع الإصلاح ودفع لبنان نحو الإنهيار.
وتؤكد “القوات” أن الحل هو بالذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة لتغيير هذه الاكثرية الحاكمة وكل ما عدا ذلك لا ينتج حلولاً للأزمة اللبنانية، وتجزم بأنها لن تشارك بأي حكومة ومن يطلب منها ذلك “يروح يخيّط بغير مسلّة”.