الحدث

انعكاسات خطاب “بكركي” على الشارع السني… دغدغة ولكن!


ايناس كريمة-لبنان 24

لم يشكّل التحرّك الشعبي الذي حصل في “بكركي” والخطاب السياسي الذي رفع سقفه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي شرارة تؤدي الى تكرار أي من مشاهد حراك 17 تشرين او تظاهرات العام 2005 بعيد استشهاد الرئيس رفيق الحريري. لكن، ومن دون شك، فإن الحدث بحدّ ذاته جسّد منعطفا جدياً في علاقة “بكركي” مع بعض القوى الداخلية التي تتقاطع معها في المبادىء السياسية. ويبقى السؤال الأساسي هل نجح خطاب الراعي في استقطاب اللبنانيين من مختلف الطوائف تحت شعاره الجديد؟

من الواضح أنه، وحتى هذه اللحظة، لم يستطع الخطاب تحقيق غايته المنشودة، ولكنّه، ووفق مصادر مطّلعة، قد يتمكّن من إحراز هدفٍ سياسي مع تراكم العمل السياسي لـ “بكركي”، إذ ان المسار الذي انطلق مع انتفاضة 17 تشرين لم تُكتب نهايته بعد، بل بدا وكأنه يستكمل خطواته من أمام الصرح البطريركي قبل أمس، لكنّ اللافت في الأمر ان المشاركة “السنيّة” انحصرت ببعض الوجوه من الحراكات الشعبية شمال لبنان والتي اتخذت مقرّا ثابتاً لها “ساحة النور” في طرابلس. فأين هو الشارع السنّي اليوم؟

تشير المصادر الى أن الشارع السني في العام 2005 شكّل العمود الفقري لانتفاضة الأرز وساهم بشكل واسع في تأجيج حراك 17 تشرين رافعاً رايات المطالب المحقة ولم يبخل بالحشد على مختلف الساحات اللبنانية، الا انه اليوم يبدو منقسماً الى فريقين أساسيين، الاول هو الفريق المتضرّر من الازمة المعيشية والاقتصادية في البلاد، وهذا القسم يشكّل نسبة كبيرة من الشارع، اما الفريق الثاني فهو لا يزال يحكتم الى مرجعيته السياسية وهو على عكس ما يحاول الاعلام التسويق له، فئة وازنة أيضا، إذ لا تزال القوى السياسية على اختلاف أحزابها تحظى بتأييد واسع في هذا الشارع رغم بعض الانتقادات العالية النبرة من حين الى آخر.

من هنا، لا يبدو ان القيادات السنية تنوي الذهاب بعيدا في مواجهة “حزب الله” تحت راية خطاب البطريركية المارونية، إذ ان هذه القيادات الوازنة ليست في وارد تحريك قواعدها الشعبية للضغط على الحزب، بل تتعايش معه كمكوّن سياسي أساسي في لبنان وتنظّم الخلاف معه ضمن أسس محددة، لذلك نرى مثلا الرئيس المكلف سعد الحريري يبتعد عن الشعارات الكبرى المواجهة للمشاريع السياسية لـ”حزب الله” في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ على لبنان.

وهكذا، يمكن القول بأن جزءاً أساسياً من الشارع السني لم يحرّك ردود فعل جديّة على خطاب “بكركي” لأن قياداته لا تبدو في وارد الاصطفافات السياسية على الاطلاق، اما الجزء المتبّقي فيمثّل مجموعات الحراك الشعبي والذي يحمّل “حزب الله” مسؤولية الانهيار انطلاقاً من تغطيته لأداء التيار “الوطني الحر” والسكوت عن ممارساته الكيدية في حق طرابلس، ويتظاهر بصورة متقطّعة في شوارع المدينة وغيرها من المدن ضمن شعارات سياسية في إطار تحركاته المطلبية والمعيشية، وبمعنى آخر، فإنه لا يرى نفسه جزءاً من محور سياسي في لبنان لأنه يرفع بكل ما للكلمة من معنى شعار “كلن يعني كلن” لكن ذلك لا يعني انه مستعد للوقوف في ساحات المواجهات السياسية مدركاً أن حقّه في المطالب المعيشية اولوية.

مما لا شك فيه أن خطاب “بكركي” نجح في دغدغة الشارع السني سياسيا، غير أن الاخير وحتى هذه اللحظة لا يبدو جاهزاً لأن يكون رأس حربة في أي اشتباك داخلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى