حركة حماس تتجسس على القبة الحديدية.. كيف تم ذلك؟
الوقت- أعلن جهاز الأمن العام في الكيان الإسرائيلي (شاباك)، أنه ألقى القبض على مواطن فلسطيني ويحمل الجنسية الاسرائيلية أيضاً وتربطه علاقات عائلية بغزة، وذلك بتهمة نقل معلومات عن منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي في الكيان الاسرائيلي إلى قادة حركة حماس في الأراضي الفلسطينية وتحديداً في قطاع غزة.
وأضاف الشاباك في بيان له نشره باللغة العبرية إن محمد أبو عذرة (43 عاماً) متهم “بارتكاب جرائم تشمل الانتماء إلى منظمة إرهابية ونقل معلومات إلى العدو” وفق تعبيرهم.
وجاء في البيان أن والدة أبو عذرة وزوجته من قطاع غزة وأن والده بدوي فلسطيني (يحمل الجنسية الاسرائيلية) وهذا ما سمح له بالعبور ذهاباً وإياباً بين منزله في الكيان الإسرائيلي و قطاع غزة المحاصر.
وتابع “هذا الأمر سمح للجناح العسكري لحركة حماس بتجنيده وعقد اجتماعات مباشرة معه في قطاع غزة حيث وفر لهم فرصة فريدة للحصول على معلومات عن الأراضي في الكيان الإسرائيلي وتنفيذ مهمات لمصلحتهم”.
كما قال البيان إنه من بين المهمات التي تم تكليفه بها من قبل حركة حماس “جمع وتقديم معلومات” عن مواقع منظومة بطاريات القبة الحديدية المضادة للصواريخ. وتستخدم هذه المنظومة بشكل متكرر للتصدي للصواريخ التي تطلق من قطاع غزة باتجاه مستوطنات العدو الصهيوني.
وأضاف الشاباك إنه تم توقيف أبو عذرة في 3 فبراير ووجهت إليه تهم رسمية في المحكمة في مدينة بئر السبع في جنوب الكيان الإسرائيلي.
وتابع البيان أن جهاز الأمن العام في الكيان الإسرائيلي “ينظر بجدية إلى مسألة استغلال الجنسية الإسرائيلية لمساعدة النشاطات الإرهابية، وسيواصل العمل بهدف إحباط كل النشاطات الإرهابية التي تقوم بها حماس … ومحاكمة من يساعد الإرهابيين” وفق ما جاء في بيانهم.
قضايا مشابهة
لم تكن قضية أبو عذرة هي الأولى من نوعها حيث أعلن الشاباك عن قضية مماثلة في يناير 2020، عندما اعتقل مواطنين فلسطينيين يحملان الجنسية الاسرائيلية و قال إنهما استخدما قدرتهما على التنقل بين قطاع غزة و الكيان الإسرائيلي لتزويد حركة حماس بتفاصيل حول منشآت أمنية إسرائيلية ومعلومات استخباراتية أخرى.
وجاء في بيان صادر عن جهاز الامن العام في الكيان الإسرائيلي، “الشاباك” حينها، أن حركة حماس جندت مواطنين اثنين هما رامي العامودي ورجب دقة بهدف جمع معلومات استخبارية في المجال الامني داخل البلاد تمهيداً لارتكاب عمليات إرهابية ضد اهداف ومصالح إسرائيلية وفق ما ورد في البيان.
وجاء في البيان كذلك انه تم الايعاز الى المتهم رجب دقة بتصوير قواعد عسكرية ومنشآت تابعة لشرطة الكيان الإسرائيلي ومواقع لمنظومات الدفاع الجوي المضادة للصواريخ “القبة الحديدية” ومكان سقوط قذائف صاروخية اطلقت من القطاع خلال التصعيد الأمني الأخير.
واستغلت حركة حماس كون الاثنين يعيشان مع عائلتيهما في القطاع في الماضي ويحملان الجنسية الإسرائيلية علماً بأن والدتيهما يهوديتان إسرائيليتان. وقدمت الى المحكمة المركزية في اللد ضد الاثنين لوائح تهم تنسبان اليهما ارتكاب جرائم امنية خطيرة.
وفي شهر نوفمبر الماضي، حُكم على مواطن فلسطيني آخر بالسجن لمدة سبع سنوات بعد إدانته بقيادة خلية تهريب عبر الحدود قامت بنقل آلاف الأطنان من الأسمنت والأنابيب والمعادن والمعدات الإلكترونية من الكيان الإسرائيلي إلى حركة حماس.
اختراقات دائمة لجنود الاحتلال
التفوق الفلسطيني بعمليات الاختراق والتجسس كان السبب لإجبار جيش الكيان الإسرائيلي على الاعتراف بالقدرات التقنية لحركة حماس ونجاح عناصرها في جمع معلومات عن جنوده ومواقع عسكرية في يوليو 2019، وذلك عبر حسابات مزيفة وتطبيق “واتساب” وشبكات التواصل الاجتماعي، ولكن جيش الكيان لم يقدم أي معلومات إضافية حول إذا ما تمكنت الحركة من الحصول على معلومات استخباراتية.
واختار عناصرحركة حماس، الذين يتقنون اللغة العبرية، أرقام هواتف جنود يخدمون في القواعد العسكرية والمواقع القريبة من القطاع والموجودة قرب غزة .وتحدثوا مع الجنود بالعبرية وعرفوا أنفسهم كجنود من وحدات عسكرية أخرى. فتجاوب معهم الجنود ودخلوا في حوار تضمن تفاصيل عن نشاطات جيش الاحتلال في قطاع غزة.
معلومات وفيديوهات سرية بحوزة حماس
حاول عناصر حركة حماس الحصول على معلومات سرية، وفق تسريبات عن الموضوع، وما أظهرته صور نشرها جيش الاحتلال، في محاولة لتوعية الجنود على خطر اختراق هواتفهم وإدارة أي حوار عبر تطبيق “واتساب”.
وبحسب جيش الكيان الصهيوني فإن المحاولات التي يقوم بها نشطاء حماس تستند إلى المكان الجغرافي للجنود الإسرائيليين، ومحاولة الحصول على أرقام هواتفهم من مجموعات علنية يكون الجندي عضواً فيها.
كما عبّر جيش الكيان الاسرائيلي عن قلقه من الاختراق عبر “واتساب”، حيث كشف تفاصيل حوار مع جندي في الكتيبة 890 التابعة لوحدة المظليين، الذي تلقى رسالة عبر التطبيق من رقم غير معروف وعرف المتصل عن نفسه بالعبرية، على أنه جندي من وحدة عسكرية أخرى وطلب معلومات حول جدول التدريبات العسكرية التي ستجريها كتيبته ونشاطات عملياتية عسكرية للكتيبة 890.
ويكمن قلق العدو الصهيوني في أن الحصول على معلومات كهذه، تشكل خطراً كبيراً على عناصر الوحدة، إذ إن تفاصيل مواعيد تحركات الكتيبة من بداية التدريبات حتى نهايتها باتت لدى حماس، ما يسهل أي عملية تخطط ضد جنود الكتيبة 890، علماً أن نسبة ليست قليلة من العمليات التي نفذت ضد جيش الكيان الإسرائيلي، وتم خلالها خطف جنود كانت في لحظات تبديل الكتائب لمواقعها مع كتائب أخرى، مثل اختطاف الجنود الإسرائيليين من قبل حزب الله عام 2006.
وفي سياق متصل، يحاول جيش الكيان معرفة إذا ما حصلت حركة حماس على فيديوهات مصورة لجنوده، في محاولة لاستخدامها مستقبلاً للمقايضة.
ونقلت صحيفة “هآرتس” العبرية، عن خبراء تقنيين أن التكنولوجيا التي استخدمتها حماس متطورة جداً، ونجحت في رفع تطبيقين على متجر “غوغل” الإلكتروني، إضافة إلى إعداد حسابات مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي بحرفية عالية ودقة، واستخدام لغة عبرية سليمة إلى حد ما. وبحسب توقعات الخبراء فإن حماس تمكنت، عبر تطبيقاتها المتطورة التي استخدمتها، من تحميل ملفات وإرسالها وشملت صوراً وفيديوهات مخزنة وتشغيل كاميرا التصوير والتحكم بها عن بعد.
هذه ليست المرة الأولى التي تنجح حماس أو تنظيمات أخرى في اختراق أجهزة هواتف جنود إسرائيليين، فقبل أكثر من سنة نجحت الحركة في استدراج ضباط في جيش الاحتلال والحصول على صور لقواعد عسكرية، كما نجحت في التنصت على مكالمات الجنود وسماع أحاديثهم، بالتالي الحصول على معلومات أمنية وعسكرية حساسة وخطيرة.
ويبدو أن عصر التفوق الاستراتيجي للكيان الصهيوني استخباراتياً و هندسياً قد ولى بلا رجعة وانعكست البوصلة وأصبح التفوق لحركات المقاومة بدءاً من تفوق حزب الله في عام 2006 ووصولاً إلى تفوق حركات المقاومة المحاصرة في قطاع غزة في مقاومتها للضربات المتكررة بل وتحقيق تقدم على أصعدة أخرى أيضاً.