الوقت- قام تحالف العدوان السعودي الإماراتي قبل نحو ست سنوات بشن حرب بربرية على أبناء الشعب اليمني بحجة أنه يريد إعادة الشرعية للرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” ولكن بعد مرور وقت قصير تكشفت نوايا تلك الخبيثة، وخاصة أنهم كانوا يستخدمون الكثير من الأسلحة المحرمة دولياً لقتل أبناء الشعب اليمني وأصبح لا يخفى على أحد الدور الخبيث والمشبوه التي قامت به واشنطن بمساندتها لتحالف العدوان السعودي في عدوانه على أطفال اليمن خلال السنوات الماضية من خلال تقديم كل أشكال الدعم العسكري لها وبيعها قنابل عنقودية للرياض وأبوظبي، ولقد أصبح واضحاً، كالشمس في كبد السماء أن الولايات المتحدة هي من تعتدي على الشعب اليمني وتقتلهم وترتكب ابشع المجازر الوحشية بحقهم وإن اختلفت الوسائل فيما مضى ، فهي كانت تقتلهم، وما زالت تقتلهم بعدوانها الغاشم الذي اعُلن من واشنطن ولكن بصورة أكثر اجراماً ومجازر أكثر وحشية وعلى مرأى ومسمع الجميع بلا استثناء غير مكترثة بالمواثيق الدولية وقوانين حقوق الانسان التي ضربت بها عرض الحائط. ولقد كانت اليمن ضمن دائرة الاستهداف الأمريكي؛ لكونها تتمتعُ بمواصفات الموقع الاستراتيجي الذي يمنح واشنطن امتيازات السيطرة على أهم مفاصل طرق التجارة الدولية ونقل الطاقة، مضافاً إليها مخزون الثروات الهائلة فيها، فتضمن بذلك أوراق الضغط على تجارة الصين الذاهبة إلى القارة الإفريقية والأوروبية، كما تضمن بقاء دول أوروبا العظمى في دائرة التبعية لها، وبذلك تكون أمريكا صاحبة اليد العليا في التحكم بالمصير العالمي أمام أقوى الخصوم الدوليين.
ولإبعاد كل الشهبات عنها والتباكي على الاطفال والنساء الذين سقطوا خلال السنوات الماضية، أعلنت الخارجية الأمريكية مؤخراً أنها تتطلع للمشاركة في اجتماع دولي رفيع المستوى بشأن اليمن في الأول من مارس القادم وأكدت الخارجية الأمريكية، يوم الثلاثاء الماضي، أن الولايات المتحدة تسعى لرفع مستوى طموح المانحين في المؤتمر الذي تعقده الأمم المتحدة الإثنين المقبل لجمع تبرعات لمواجهة الأزمة الإنسانية في اليمن. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، “نيد برايس”، في مؤتمر صحفي:” نسعى لرفع مستوى الطموح، ليس فقط في هذا البلد ولكن من جانب شركائنا أيضا عندما يتعلق الأمر بما هم على استعداد للمساهمة به وما لديهم القدرة على المساهمة به، لإنهاء المحنة الإنسانية للشعب اليمني”.
وعلى صعيد متصل، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية أنه عقب تنصيب الرئيس “جو بايدن” كرئيس لأمريكا وعقب تولي هذا الاخير زمام الامور في البيت الابيض، انطلقت العديد من التظاهرات والفعاليات الحاشدة باليمن وعدد من عواصم العالم الحر داعية لوقف الحرب الكونية على اليمن منذ ستة أعوام التي أدت الى أكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم وبالفعل سارعت الإدارة الامريكية الجديدة إلى اتخاذ قرار بمراجعة قرارات “ترامب” المتهور المتعلق بوضع حركة “أنصار الله” اليمنية على قائمة الجماعات الإرهابية ومراجعة قرار يفضي بحظر بيع الاسلحة إلى الرياض وأبو ظبي ولكن هذا القرار الاخير بحظر بيع الاسلحة للسعودية ما كان سوى مسرحية هزلية أرادت الولايات المتحدة من ورائها إعطاء شرعية لمبيعاتها المستقبيلة من السلاح لدول الشرق الاوسط وعلى رأسها السعودية والإمارات.
وحول هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية أن إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” استهدفت ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” قبل عدة أيام عند حدود الاتهام بأنه أجاز عملية اختطاف أو قتل “جمال خاشقجي”، لكنها لم تمض في خطوات عملية لمعاقبته، في موقف اعتبر سياسيون ومحللون أن واشنطن راعت فيه مصالحها رغم كل ما بالغت فيه في الحديث عن حقوق الإنسان والعدالة، وذلك خوفا من أن يفضي استهداف الرجل القوي في المملكة إلى قطيعة مع الرياض تفسح المجال للروس والصينيين على أوسع الأبواب. وبعد ردة الفعل السعودية القوية التي عكسها بيان وزارة الخارجية، ظهر وزير الخارجية الأميركي “أنتوني بلينكن” ليقول إن بلاده تريد تغييرا وليس قطيعة مع السعودية، وهو ما يكشف أن الهدف من التقرير هو ممارسة الضغط على السعودية لتحصيل مكاسب تستطيع من خلالها إدارة بايدن شراء ودّ لوبيات حقوق الإنسان المتخصصة بتتبع أخطاء السعودية وتضخيمها، فيما تصمت عن نقد تجارب شبيهة أو أكثر حدة ضد حقوق الإنسان مثل إيران. وقال “بلينكن” في مؤتمر صحفي، يوم الجمعة الماضي، إن “الإجراءات التي أعلنت عنها بلاده وبينها وقف بيع أسلحة هجومية للسعودية، تهدف إلى منع تصرفات مستقبلية مماثلة من جانب السعودية بعد تقرير مقتل جمال خاشقجي”.
واعتبر مراقبون أن الإدارة الأمريكية الجديدة توقفت عند حدود التقرير والدور المفترض لولي العهد السعودي دون أن تتخذ عقوبات أو تلوّح بمحاكمة لأنها تعرف أن التصعيد سيدفع السعوديين إلى تصعيد مماثل، وخاصة أن الثقافة الوطنية الخليجية ترفض التدخل في شؤون الحكم من جهات خارجية، وهو ملف حساس يرتبط بتعقيدات دينية وثقافية وقبلية وأسرية. وأشار هؤلاء إلى أن إدارة “بايدن” ليست غافلة عن وزن السعودية الاقتصادي والأمني بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وكذلك الشركات الأمريكية الكبرى، ولذلك لن تغامر بتصعيد المواقف مع المملكة وإثارة غضب العائلة الحاكمة التي ستنظر إلى المساس بمن اختارته لولاية العهد كسابقة تمهد الطريق أمام تدخلات مستقبلية أخرى.
وعلى هذا المنوال نفسه، يرى العديد من الخبراء السياسيين أن النهج الجديد الذي تستعين به الإدارة الامريكية لإعادة مبيعاتها من الاسلحة للسعودية وقولها بأنها سوف تستمر في بيع الاسلحة الدفاعية للسعودية وذلك لكي تتمكن هذه الاخيرة من الدفاع عن نفسها من هجمات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، ما هي إلا مجرد أكاذيب تصوغ لها الإدارة الامريكية الجديدة لتعطي شرعية لمبيعاتها من الاسلحة لدول تحالف العدوان للأستمرار في قتل أبناء الشعب اليمني الأعزل.
وفي الختام يمكن القول إن الأسلحة الامريكية كانت إحدى الجرائم الشنيعة التي ارتكبها البيت الابيض في دعمه لتحالف العدوان في اليمن منذ ستة أعوام وحتى الآن، فمخلفات العدوان من قنابل عنقودية وصواريخ و ألغام وغيرها من المخلفات المحرمة استخدامها دوليا والتي يشنها على مساحات كبيرة من الأرضي اليمنية بطريقة ممنهجة ومقصودة جعلت من اغلب المحافظات موبوءة بهذه المخلفات ليخلق بذلك أكبر كارثة إنسانية تهدد حياة الملايين، وتحصد حياة الآلاف من الأبرياء وتتسبب بآلاف الإعاقات الدائمة لآخرين غالبيتهم من النساء والأطفال، ليثبت بذلك وحشيته وبربريته التي تعكس حقده الدفين والبغيض على شعب ووطن بأكمله ويعبر عن سقوطه الأخلاقي والإنساني والنهج الإجرامي الذي يتبعه في عدوانه. ونظراً للجرائم الوحشية التي قام بها تحالف العدوان السعودي الإماراتي خلال السنوات الماضية في حق أبناء الشعب اليمني، دعت المنظمات الحقوقية والإنسانية في توصياتهما إلى أنه يجب على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الاستماع إلى دعوات منظمات مثل “منظمة العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” ومنظمة “حملة ضد تجارة الأسلحة” لوقف إمداد التحالف الذي تقوده السعودية بالأسلحة حتى لا يعود هناك خطر حقيقي من استخدام هذه الأسلحة لتأجيج الصراع في اليمن.