تفاصيل الاتصال بين السعودية و”إسرائيل”.. هل تنجح الرياض في كسب ود بايدن؟

الوقت_ يوم بعد آخر، تقترب الرياض من حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع العدو الصهيونيّ الغاشم، وتتأكّد رواية كيان الاحتلال الذي عبر عنها عبر رئيس جهاز استخباراته، يوسي كوهين، حول أنّ إعلان التطبيع السعوديّ معه بات وشيكاً، حيث كشف تقرير عبريّ، عن اتصالات جرت مؤخراً بين كبار المسؤولين في كل من الكيان المجرم والسعودية، وأشارت قناة “كان 11” الرسميّة، أنّ المحادثات الأخيرة بين الجانبين تركزت حول قلق آل سعود من تغير الإدارة في الولايات المتحدة، ومخاوفها من سياسة إدارة الرئيس جو بايدن، الذي سبق وأن هاجم السعودية، وتوعد بملاحقة قتلة الصحفيّ السعوديّ المعروف، جمال خاشقجي، في قنصليّة بلاده باسطنبول عام 2018، كما توعد بوقف العدوان السعوديّ المستمر على اليمن، ورفع الغطاء عن جرائم ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان.

قنوات اتصال

لم يمضِ أشهر على الخبر الذي نقلته إذاعة جيش العدو، والذي فضح زيارة رئيس الوزراء الصهيونيّ بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجيّة الأمريكيّ السابق مايك بومبيو، إلى السعودية، واجتماعهما مع وليّ العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، حيث أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة وقتها، إلى أنّ اللقاء الثلاثيّ جرى بعد أن استقل نتنياهو طائرة إلى مدينة “ناعوم” الساحليّة وأمضى هناك 3 ساعات، فيما رفض مكتب رئيس وزراء العدو التعليق على هذا الخبر.

وقد اعتدنا على أسلوب الصمت السعوديّ في مثل هكذا قضايا، فقد كررت السعوديّة صمتها لغياب أيّ مبرر سياسيّ أو أخلاقيّ أو دينيّ، للاتصال مع الصهاينة أو زيارتهم إلى بلاد الحرمين الشريفين، ويُعتقد أن تكون كل تلك المعلومات مسربة من تل أبيب نفسها، كما فعلت هيئة البث الرسميّة التابعة للعدو، عند زيارة الصهاينة للسعودية، ويومها أوضحت أنّ الرقابة العسكريّة سمحت ببث خبر زيارة نتنياهو وكوهين للسعودية، ما يشير إلى رغبة حكومة العدو بإلقاء الضوء على انجازاتهم مع النظام السعوديّ، الذي سيخفض من جديد أسهم المملكة الهابطة في الشارع العربيّ والإسلاميّ، عقب الاتصالات الأخيرة.

وفي هذا الصدد، أوضحت المصادر العبريّة أنّ قنوات الاتصال بين السعودية والكيان الصهيونيّ لا تزال مفتوحة، بما في ذلك مكالمات هاتفيّة بين مسؤولين كبار، حيث تم طرح مخاوف الرياض من سياسة بايدن خلال المحادثات مع المسؤولين الصهاينة، انطلاقاً من اعتقاد السعودية بأن الكيان الصهيونيّ يمكن أن يساعدها أمام الإدارة الأمريكيّة الجديدة.

وفي الوقت الذي تتشارك فيه السعودية والكيان الصهيونيّ المخاوف نفسها ولاسيما فيما يتعلق بسياسة بايدن تجاه عدة قضايا، فإن الرياض قلقة من التعامل المتشدد لإدارة بايدن بشأن ملف حقوق الإنسان في مملكة آل سعود، في ظل الأنباء التي تتحدث أنّ الاتصالات الأخيرة لم تكن إلا جزءاً من اتصالات مكثفة تجري بين الجانبين، حيث إن السفير السعوديّ في الأمم المتحدة، عبد الله المُعَلمي، أشار في وقت سابق، إلى استعداد الرياض لتطبيع العلاقات مع تل أبيب، إذا اعترف الكيان الصهيونيّ بتأسيس الدولة الفلسطينيّة وإنهاء الاحتلال، متناسيّاً الادعاءات التي أطلقتها الإمارات والبحرين بعد التطبيع والتي لم تفرز عن إيقاف ضم الأراضي الفلسطينيّة.

وبما أنّ الاتصال الأخير لم يكن الأول بين السعودية والكيان الغاصب، بالاستناد إلى أنّ محمد بن سلمان اجتمع عدة مرات مع نتنياهو، وفق تقارير إعلاميّة، ويُتوقع أنّ يكون الاتصال الأخير بين القيادات الصهيونيّة والسعوديّة مرتبطاً بأهم المواضيع المطروحة في المنطقة وهي العلاقة مع واشنطن المرتبطة بشكل وثيق مع ملفات أخرى، أهمها حقوق الإنسان في المملكة، والانجرار نحو التطبيع الذي تؤيّده وتدعمه السعودية التي أصبحت على وشك الانخراط فيه، والملف النوويّ الإيرانيّ والمساعي السعوديّة لزيادة الضغط على طهران مع الإدارة الأمريكيّة الجديدة، حيث تخشى الرياض من عودة الرئيس الأمريكي بايدن إلى الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015 والذي انسحب منه سابقه دونالد ترامب عام 2018 وأعاد فرض عقوبات صارمة على الجمهوريّة الإسلاميّة.

تطبيع وشيك

على الرغم من عدم وجود أيّ علاقات رسميّة مُعلنة بين السعودية الكيان الصهيونيّ، إلا أن كيان الاحتلال كشف عبر رئيس جهاز استخباراته، يوسي كوهين، قبل مدة، أنّ إعلان التطبيع السعوديّ مع الكيان الغاصب بات وشيكاً، فيما كشفت المملكة عبر وزير خارجيتها، فيصل بن فرحان، أنّ التطبيع مع تل أبيب “سيحدث بالفعل”.

وأعرب وزير الخارجيّة السعوديّ بكل وقاحة عن أمله بأن يكون لاتفاقات الخيانة بين العدو الصهيونيّ الغاصب وبعض دول الشرق الأوسط تأثير إيجابيّ، مضيفاً أنّ التوصل لاتفاق بين السعودية وتل أبيب يتوقف على تنفيذ ما أسماها “مبادرة التسوية العربيّة”، حيث اعتبرت تلك التصريحات خيانة واضحة من المملكة لدينها وأخلاقها وقيمها العربيّة والإنسانيّة.

ومؤخراً، كشفت وسائل إعلام عبريّة، عن دور وليّ العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، في إدخال الدول العربيّة إلى حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع الكيان الغاصب، وبالأخص في محادثات التطبيع الصهيونيّة – المغربيّة، ونيّته إلقاء بلاد الحرمين في هاوية التطبيع مع تل أبيب، بعد اكتمال فصول الاستسلام من قبل الدول المطَبّعة، وأوضحت المصادر أن ولي العهد شارك في محادثات مع ملك المغرب، محمد السادس بن الحسن، وأثّر في قرار استئناف العلاقات مع بين المغرب وتل أبيب، في الوقت الذي أكّد فيه أحد مستشاري الملك المغربيّ أنّ وليّ العهد السعوديّ يملك قائمة بالدول التي ستطبّع مع عدو العرب والمسلمين الأخطر ومغتصب أراضيهم.

ومن الجدير بالذكر أنّ السعودية انحازت إلى صف الاحتلال ضد أصحاب الأرض والمقدسات، فهل يمكن لأحد أن ينسى تصريحات رئيس استخبارات النظام السعوديّ السابق، بندر بن سلطان، الذي فضح نوايا السعوديّة تجاه القضيّة الفلسطينيّة، وعبّر بكل وقاحة عن غضب بلاده من تصريحات المسؤولين الفلسطينيين، وكأنّه كان ينتظر ترحيباً فلسطينيّاً بانخراط بعض الدول العربيّة في التحالف مع العدو الصهيونيّ.

وبما أنّ تطبيع العلاقات بين بعض الدول الإسلاميّة والعدو الغاصب يحتاج إلى فتوى شرعيّة، فإنّ مملكة آل سعود، حاولت شرعنة جريمة التطبيع من خلال رجال دينها الوهابيين، حيث أشار مفتي السعودية السابق وعضو هيئة كبار العلماء في البلاد، عبد العزيز بن باز، قبل مدة، إلى شرعية تكوين علاقات مع الصهاينة، مبرراً ذلك بأنّ كل دولة تنظر في مصلحتها وإذا ما رأت دولة ما ممثلة في حاكمها، أنّ مصلحة المسلمين في الصلح مع الصهاينة وتبادل السفراء والتعاون التجاريّ والمعاملات الأخرى التي يجيزها الشرع، فلا بأس في ذلك.

يشار إلى أنّ الرياض التي فتحت أبوابها للعدو الغاشم، شنّت حرباً ضروساً على اليمن ودمرته، وقطعت علاقاتها مع سوريا منذ بداية الحرب عليها، وأغلقت سفارتها في دمشق وطردت السفير السوري عام 2012، وانخرطت الرياض بالحرب على السوريين لمحاولة إسقاط الدولة هناك، تحت مسميات تَجهل معناها في بلادٍ لا يُعرف فيها إلا الطاعة للأمراء المالكين، وقد فشلت الرياض فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها بعد أن ساهمت بتدمير الشام واليمن.

يُذكر أنّ الملك السعوديّ، سلمان بن عبد العزيز، وجه رسالة سريّة إلى الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، يطلب فيها وقف نشر تقرير واشنطن السريّ عن جريمة قتل وتقطيع الصحافيّ السعوديّ المعروف جمال خاشقجي، وكشفت مواقع إخباريّة أنّ الرسالة تم نقلها عبر سفيرة السعودية في واشنطن، ريما بنت بندر بن سلطان، رئيس استخبارات النظام السعوديّ السابق الذي أمضى ثلث حياته سفيراً لبلاده في العاصمة الأمريكيّة.

وتتصاعد التنبؤات بزيادة تدهور العلاقة بين الإدارة الأمريكيّة والرياض، في حال أعطى بايدن أوامر بنشر المعلومات السريّة حول تقطيع خاشقجي ، في ظل غضب واضح من واشنطن من تصرفات محمد بن سلمان التي أماطت اللثام عن حقيقة أمريكا وخاصة في عهد دونالد ترامب، ففي رد على سؤال في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض نشرته شبكة cnn، حول دلالة أنّ بايدن لا يخطط للاتصال بولي العهد السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان، وما إذا كانت تلك الخطوة رمزيّة وكيف يمكن أن تتغير العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض، إلى أنّ الولايات المتحدة تقيم علاقاتها مع السعودية.

وفي الوقت الذي اعتبرت أنّه سيكون لدى بلادها اتصالات من نظير إلى نظير مع السعودية في تهميش علنيّ لولي العهد، أضافت: “نتوقع أن يجري بايدن محادثة مع الملك في الوقت المناسب”، مشيرة إلى وجدود مكونات أخرى للعلاقة بين البلدين، وبينها حقيقة أن جو بايدن على عكس الإدارة السابقة لن يتراجع أو يصمت عندما تكون لديه اعتراضات أو قلق بشأن قضايا مرتبطة بحقوق الإنسان وحرية التعبير أو أي شيء آخر، بحسب تعبيرها.

نتيجة لكل ذلك، لكي تكسب السعودية ود بايدن لابد لها أن تقدم الطاعة والكثير من التنازلات وأولها التطبيع، إضافة إلى المزيد من الدعم للولايات المتحدة، يضاهي ما قدمته الرياض لإدارة ترامب الذي قام بزيارتها بعيد انتخابه في أيار/ مايو عام 2017، وأقام مع قادتها وخصوصاً محمد بن سلمان علاقات وطيدة للغاية.

ورغم أنّ أول اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكيّ جو بايدن، ورئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، جرى بعد نحو شهر من تولّي بايدن منصبه، كما جرت العادة على أن يتصل أي رئيس أمريكي جديد برئيس وزراء الكيان الصهيونيّ بعد فترة ليست بطويلة من تنصيبه، باعتبار أن الكيان الغاصب يعد من أهم حلفاء واشنطن في المنطقة، إلا أنّه من غير المعقول أن تخنع السعودية لتل أبيب لولا تأثير هذا الكيان القاتل على السياسة الأمريكيّة.

Exit mobile version