كتب المحرّر السياسيّ-البناء
أعلنت واشنطن نتائج تحقيقاتها حول ظروف قتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي، وفيها تحميل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية إصدار القرار بالعملية، وتلا الإعلان صدور تقارير عن عقوبات تطال عشرات المسؤولين السعوديين، والحرس الملك السعودي، وإشارة لتولي الكونغرس فتح تحقيق سيطرح إنزال عقوبات بولي العهد، بينما تحدّث وزير الخارجية عن محورية التحقيق في السياسة الخارجية الأميركية لجهة اتخاذه مدخلاً يمنح المصداقية لاعتماد محاسبة المسؤولين عن إلحاق الأذى بالصحافيين والمعارضين، فيما وصفته مصادر دبلوماسية بإطار المواجهة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ما يفرض على واشنطن رفع مستوى الملاحقة بحق المتورطين وفي مقدّمتهم ابن سلمان، لأن السقف الذي يرسم للملاحقة رغم المسؤولية المعلن عنها، سيرسم سقف استعمال قانون الملاحقة الذي قال وزير الخارجية الأميركية توني بلينكين، إنه سيحمل اسم “عقوبات الخاشقجي”. وأصدرت الخارجية السعودية بيانا بعد إعلان التحقيقات الأميركية، استنكرت فيه الاتهامات التي تضمنها لولي العهد واعتبرتها إساءة غير مقبولة للعلاقات الأميركية السعودية.
بالتوازي تفاعلت الغارة الأميركية التي استهدفت منطقة البوكمال السورية على الحدود مع العراق، بصفتها أول عملية عسكرية تنفذ بقرار من الرئيس الأميركي جو بايدن، وتؤشر على سياساته، سواء لجهة مصير الاحتلال الأميركي في سورية والعراق، أو لجهة اعتبار العمل العسكري ركناً من أركان هذه السياسة، أو لجهة النظر لمستقبل الحدود السورية والعراقية. وكان التعليق الصادر عن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف تعبيراً عن قراءة روسيا لخطورة العدوان الأميركي في رسم قواعد اتشباك ستحكم المرحلة المقبلة، خصوصاً مع إشارة لافروف التحذيرية لواشنطن من عواقب العملية واعتبارها نموذجاً لا يمكن أن يحدث، مذكراً واشنطن، بأن انتهاك السيادة السورية لن يمرّ كل مرة بسلام، ولدى سورية صواريخ أس أس 300، على القيادة الأميركية ان تضعها بحسابها في تحديد مخاطر ما سيترتب على تكرار هذه الاستفزازات، بينما قرأ الحزب السوري القومي الإجتماعي في العدوان الأميركي تأكيداً للعلاقة بين الاحتلال الأميركي والجماعات الإرهابية التي يتقدمها داعش، وما يمثله العدوان من دعم لداعش في إعادة تنظيم صفوفها.
لبنانياً، مع الجمود الحكومي المتواصل، واستمرار المساعي التي يتقدمها تحرك المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بالتنسيق مع بكركي، ينتظر أن تشهد بكركي حشداً لمناصري التدويل اليوم، وسط تحذيرات من تحوّل الحشد الى منصة تستخدم بكركي لتوجيه مواقف عدائية للمقاومة او لرئيس الجمهورية، بينما نجح تحرك جمعيات المودعين في رد الاعتبار للشارع المطلبي بعد الانحرافات التي اصابت الحراك بمحاولات التوظيف السياسي، ليشكل مع تحرك أولياء الطلاب المتعلمين في الخارج، وجمعية ضحايا تفجير المرفأ، نماذج شعبية مستقلة عن السفارات وعن محاولات التسييس، يمكن أن تردّ الاعتبار لحراك شعبي نظيف يُعيد تصويب المسار بعدما غاب الشعب عن الشارع اعتراضاً على ألاعيب السياسة.
أدان الحزب السوري القومي الاجتماعي العدوان الأميركي على منطقة الحدود السورية – العراقية، مؤكداً الوقوف إلى جانب الجيش السوري في مواجهة قوى العدوان والإرهاب.
ورأى الحزب في بيان لعمدة الإعلام، أن العدوان الأميركي الجديد، ليس منفصلاً عن سياق الحرب الإرهابية الكونية على سورية، وهو يؤكد بأنّ الولايات المتحدة الأميركية إضافة الى كونها قوة احتلال، تقود الحرب الكونية على سورية، وترعى الإرهاب وتفرض حصاراً اقتصادياً ظالماً وجائراً على السوريين، في انتهاك فاضح لحقوق الانسان واعتداء موصوف على المبادئ الانسانية المكفولة بالشرائع والمواثيق الدولية. ولفت إلى أنّ هذا العدوان الأميركي يثبت بأن من يرسم السياسات الأميركية ويتحكم بقرارات الادارات المتعاقبة، هم الرؤوس الحامية التي تمثل اللوبيات الصهيونية المسيطرة على القرار الأميركي، وهذا يظهر جلياً من خلال اتباع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني سلوكاً عدوانياً إرهابياً موحداً.
واعتبر الحزب أنّ الاحتلال الأميركي، يعزّز محيط قاعدته في التنف بعناصر تنظيم «داعش»، وهذا مؤشر على أنَّ الإدارة الأميركية تتجه نحو التصعيد، ما سيؤدي الى تداعيات خطيرة على الصعد كافة. لذا، يؤكد الحزب، وقوفه إلى جانب الجيش السوريّ في خندق مواجهة قوى العدوان والإرهاب، ويدعو أبناء شعبنا إلى الصمود ومقاومة كلّ أشكال الاحتلال وأدواته الإرهابية، لأنّ كلّ مآسي شعبنا وويلاته سببها الاحتلال والاستعمار المتمثل بالعدو الصهيوني وتركيا الأردوغانية والولايات المتحدة الأميركية وكل مَن يدور في فلكها.
في الشأن الداخلي بقيت الحركة السياسيّة التي يشهدها الصرح البطريركي في واجهة المشهد الداخلي، في حين تسعى قوى سياسية معروفة الانتماء والولاء إلى حشد تجمّع شعبي في بكركي لاتخاذها منبراً لإطلاق مواقفهم ورسائلهم السياسية، فيما أكدت مصادر الكنيسة المارونية أن «التجمع الشعبي الذي تستضيفه بكركي ليس سياسياً ولا يستهدف أي قوى سياسية أخرى ولا يمكن وضع بكركي في خانة سياسية ضد أخرى. فالكنيسة هي صرح مسيحي ووطني ويستقبل الجميع». إلا أن مصادر سياسية حذرت لـ»البناء» من «استخدام بعض الأطراف السياسية مواقف ودور البطريرك مار بشارة الراعي للاختباء خلفه وإطلاق النار السياسية ضد الخصوم السياسيين وتظهير الراعي على أنه مع طرف ضد آخر ووضع الكنيسة في موقع الخصومة مع العهد ورئاسة الجمهورية وحزب الله».
وأكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن للـ»او تي في» أن «علاقتنا ببكركي هذه الأيام عادية ولا نية للتصعيد من جهتنا وفي الوقت المناسب يزور وفد من حزب الله الصرح البطريركي».
ولفت الراعي خلال استقباله وفوداً سياسية أن «الأزمة اللبنانية بلغت من التعقيد ما باتت معه الأطراف المعنية نفسها غير مهيأة للتلاقي والحوار لابتكار الحلول. لذلك كان لا بدّ من التوجه إلى المجتمع الدولي، وهذا أمر مشروع لكون لبنان عضواً مؤسساً في الأمم المتحدة».
في المقابل لفتت أوساط سياسية لـ»البناء» إلى أن «موضوع حياد لبنان طرح في السابق وسقط ورفض من أغلب اللبنانيين وقد أثبت عدم جدواه كخيار لحماية لبنان والدفاع عن شعبه وسيادته وثرواته، فلماذا العودة الى طرحه من جديد طالما مَن يطرحونه يعرفون جيداً أنه خيار غير واقعي ويحتاج الى توافق وإجماعي وطني غير متوفر في الوقت الحالي، فضلاً عن أنه بعيد عن الواقع في ظل وجود لبنان بجوار عدوين اسرائيلي وإرهابي يستهدفان بمشاريعهما التوسعية والإرهابية شعوب ودول المنطقة»، واوضحت أن «من يحمي لبنان هي معادلة الشعب والجيش والمقاومة ومنظومة الصواريخ والقدرات العسكرية التي تمتلكها والتي تشكل مصدر الخوف والقلق الوحيد لدى اسرائيل». وتساءلت هل قادر الحياد أن يوقف الاعتداءات الاسرائيلية اليومية على لبنان وآخرها التسرب النفطي الذي تسبب به العدو الاسرائيلي وخلف تلوثاً في المياه الاقليمية اللبنانية؟ وفي هذا السياق أشارت مصادر وزارة الخارجية لـ»البناء» إلى أن « التحقيقات وجمع المعلومات مستمرة حول الحادث لمعرفة حجم الأضرار ومصدرها وآثارها لتحديد المسؤوليات وتثبيت الاعتداء ليصار الى تقديم شكوى الى الامم المتحدة ضد «إسرائيل»، كما سيطلب لبنان المؤازرة الدولية لتنظيف الشاطئ اللبناني من المواد الملوثة.
وجدد المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان تأكيد أن «سيادة لبنان وحمايته خط أحمر ولن نفرط بسيادة هذا البلد، ولا نقبل بانتداب أو وصاية أو تفريخ جمعيات أو برامج سم وعسل فوق سلطة الدولة أو مشاريع تطويب للخارج تحت أي اسم وشعار. فالذئب لا يصبح نعجة، والغش السياسي والديني حرام، والوطن عبارة عن شعب وتاريخ ونضال وعيش مشترك. والجوقات يجب تصويبها نحو مَن نهب البلد وصادر الدولة وليس باتجاه من يصر على منع تطويب لبنان للخارج، ويطالب بمحاسبة من نهب أو سكت أو شارك بفساد هذا البلد، نعم، الجريمة واضحة والمجرم معروف والجامع والكنيسة وظيفتهما حماية النعجة من الذئب».
وفيما أكدت مصادر بعبدا لـ»البناء» إلى أن «الملف الحكومي جامد ويراوح مكانه ولا اتصالات أو لقاءات على هذا الصعيد بانتظار الخطوات التي سيقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري»، لفتت المعلومات الى أن «التواصل مستمر بين البطريرك الراعي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وبالتنسيق مع الرئيس نبيه بري لمحاولة تذليل العقد بين بعبدا وبيت الوسط والاتفاق على آلية مشتركة لاختيار الوزراء».
وأمس زار بيت الوسط» السفير الروسي الكسندر روداكوف بحضور مستشاره للشؤون الدبلوماسية الدكتور باسم الشاب، وتناول اللقاء مجمل الأوضاع العامة والعقبات التي تعترض تشكيل الحكومة الجديدة. وسلم الحريري إلى السفير الروسي رسالة موجّهة إلى رئيس حكومة جمهورية روسيا الاتحادية ميخائيل ميشوستين.
وأفيد عن اتصال أجراه مساعد وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف برئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية ركّز على تسهيل تشكيل الحكومة وفق المبادرة الفرنسية، وللاطلاع على رؤية فرنجية للوضع اللبناني العام وللوضع الحكومي بشكل خاص، واكد خلاله بوغدانوف حرص روسيا على الاستقرار في لبنان. وتطرق البحث إلى دعم روسيا الممكن تقديمه للبنان بعد تشكيل الحكومة، إضافة إلى المساعدة الممكنة لمواجهة تفشي فيروس كورونا. وذكرت مصادر مطلعة على جو الاتصال، أن فرنجية يركز على برنامج الحكومة وضرورة تنفيذه بسرعة ليتمكن لبنان من حصد الدعم من الدول المانحة.
ودعت أوساط مراقبة إلى ترقب تطور العلاقات الأميركية – السعودية في ضوء تقرير الاستخبارات الأميركية الذي فضح تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بقتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي وتداعياته على هذه العلاقة وبالتالي على مستوى المنطقة ومنها لبنان، مشيرة لـ»البناء» الى أن «تعديل مواقع الحكم في السعودية ستنعكس ايجاباً على لبنان وتزيل التصلب السعودي إزاء الحريري والحكومة وربما نشهد انفراجات على هذا الصعيد».
إلا أن مصادر مالية رسمية وخبراء اقتصاديين شككوا بإمكانية صمود لبنان لأشهر إضافية ريثما تتألف الحكومة لا سيما مع نفاد الاحتياط النقدي في مصرف لبنان وتوجهه الى رفع الدعم أو ترشيده عن مواد وسلع حيوية واساسية، فيما يستفيق المواطن كل صباح على ارتفاع بسعر صرف الدولار الذي بلغ أمس 9600 ليرة وعلى ارتفاع في صفيحة البنزين وأسعار المواد الغذائية وربطة الخبز وتعرفة النقل، علماً أن رئيس اتحادات ونقابات النقل البري بسام طليس نفى الأمر في ظل توجه للاتحاد الى تنفيذ إضراب شامل في مختلف الاراضي اللبنانية في 15 آذار المقبل رفضاً لرفع اسعار المحروقات. فيما نفى نقيب أصحاب الأفران علي إبراهيم التوجه الى رفع إضافي لسعر ربطة الخبر ليصبح 3000 ليرة الأسبوع المقبل. فيما أشارت معلومات «البناء» الى أنه وبعد فتح البلد ستشهد سلسلة تحركات شعبية خلال الأيام القليلة المقبلة احتجاجاً على الاوضاع المعيشية الصعبة لا سيما في طرابلس.
على صعيد أزمة الكهرباء أفادت مصادر وزارة الطاقة لـ»البناء» الى أن «الوزارة تعمل على حل الأزمة سريعاً وزيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي بعد عطل نتيجة عدم فتح اعتمادات للشركات المستوردة». ووقّع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني أمس على فتح الاعتمادات لصالح مؤسسة كهرباء لبنان لزوم شحنة الفيول أويل. وأفاد أن وزارة المال وقّعت على كلّ الاعتمادات الواردة وليس لديها أي اعتمادات معلّقة.
ونفذت جمعية المودعين تحركاً مركزياً تحت عنوان: «لن ندفع الثمن… أموالنا عند المصارف وبدنا نسترجعها»، أمام السرايا الحكومية، بمشاركة مجموعات ناشطة في قضية استرداد حقوق المودعين من المصارف، وانطلق التحرك بمسيرة من ساحة رياض الصلح باتجاه مصرف لبنان، وسط إجراءات أمنية مشددة.
على صعيد آخر، رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، اجتماعًا للجنة الوزاريّة لمتابعة وباء «كورونا»، في السراي الحكومي. وبحسب ما علمت «البناء» فإن اللجنة ستجري تعديلات منذ الاثنين المقبل على خطة التنقل والأذونات المعتمدة بواسطة المنصة من خلال تقسيم القطاعات إلى ثلاث فئات من حيث خطورة انتشار الوباء مرتفعة، متوسطة، منخفضة، حيث يتطلب عمل القطاعات ذات الخطورة المرتفعة أذونات عمل للموظفين وأذونات تنقل للمستفيدين من خدماتها، في حين يتوجب عمل باقي القطاعات الاستحصال على أذونات عمل للموظفين فقط.
وكان دياب استقبل وفدًا من الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية جرى البحث في تطبيق قانون الدولار الطالبي 193 وإلزام المصارف بتحويل الأموال إلى الطلاب في الخارج. وأشارت مصادر الأهالي لـ»البناء» إلى أن «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير لم يلتزما بوعدهما أمام رئيس الحكومة في الاجتماعات السابقة ويتهربان من تنفيذ قانون الدولار الطالبي بحجج واهية وغير مقنعة ولا يتحملان مسؤوليتهما على هذا الصعيد»، ولفتت إلى أن «المصارف لطالما كانت تدّعي بأنها تطبق التعميم رقم 153 حتى يتم صدور قانون من مجلس النواب ينظم التحويلات المالية للخارج، لكن وبعد صدور القانون 193 لم تطبقه علماً أنها لم تكن تطبق التعميم 153 في الأصل ما يؤكد بوضوح مماطلة وتلكؤ هذه المصارف»، وأكد الأهالي أنهم «قرروا اتباع وسائل ضغط جديدة بالتوازي مع التحركات في الشارع وسيلجأون الى المسار القضائي اللبناني والدولي عبر تقديم شكاوى على عدد من المصارف التي تحتجز ودائعنا وتمنعنا من التحويل للخارج».