شيطنة طرابلس “اليتيمة” مستمرّة: المحافظ يعتدي على رئيس البلدية

 

نسرين مرعب -أساس ميديا

لا يمكن فصل ما يقوم به محافظ الشمال رمزي نهرا، عن خلفيّته العونيّة. فصورته وهو يتظاهر دعمًا للنائب جبران باسيل، وخلفه لافتة كُتب عليها: “ما فيك تكون لبناني أصيل وتكون ضدّ باسيل”، ما زالت حاضرة في أذهان الطرابلسيين.

آخر فصول نهرا إهانة وجّهها الأربعاء إلى رئيس بلدية طرابلس رياض يمق، بعدما استدعاه  إلى مكتبه للتحقيق معه حول أحداث طرابلس الأخيرة، وحاول حجز حريته عبر منعه من الخروج من المكتب قبل تسليم الهاتف الذي صوّر به محضر التحقيق، وفق ما يؤكد نائب رئيس البلدية خالد الولي لـ”أساس”.

الوليّ يدعو إلى إجراء تحقيق في الموضوع، معتبرًا أنّ “من حقّ يمق تصوير محضر الجلسة، كونه إداريًّا وليس قانونيًّا”، ويؤكد أنّ “هذا التعامل غير طبيعي. فما حصل خطأ كبير، لأنّ رئيس البلدية منتخب من قِبل الشعب”.

في السياق نفسه كان الرئيس نجيب ميقاتي قد أجرى اتصالًا بوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، شاجبًا ما حصل، وداعيًا إلى “فتح تحقيق بما جرى، واتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على الأصول والأعراف وموقع رئيس بلدية طرابلس”.

وفي العودة إلى الحملة “العونية الأخيرة على طرابلس، يتحدّث الوليّ عن مؤامرة: “هناك مؤامرة على المدينة، وهذا الأمر ليس وليد اللحظة، هذه المدينة محرومة وتحارَب منذ زمن، ويتم فرض المشاريع عليها. اليوم هناك مرحلة تغييرية ومن الطبيعي أن نشهد كل هذه المحاولات”.

أما عضو البلدية سميح حلواني فيرى أنّه “كان على رئيس البلدية أن يأخذ معه محاميًا”، ويقول لـ”أساس”: “الريّس يمق كان على علم بالتحقيق، ووصلته مراسلة رسمية بهذا الشأن”، مشدّدًا على رفضه ما حصل في مكتب المحافظ “بغضّ النظر عن خلافي مع رئيس البلدية. فأنا أرفض التطاول عليه. لأنّ المحافظ مُعيّن تعيينًا ونحن نرفض التطاول من قِبله على شخص منتخب من الشعب”.

الاعتداء على يمق أثار موجة فعل غاضبة في طرابلس، وشهدت البلدية صباح أمس وقفة تضامنية معه. وكان لافتًا بيان أصدره الناشط الطرابلسي الدكتور خلدون الشريف، اعتبر أنّ ما جرى “اعتداء من مرافقي المحافظ على رئيس البلدية المنتخب شعبيًّا ليمثّل المدينة في المجلس البلدي، وقد تم تجاوز الحدود في التعامل معه”.

وأضاف الشريف: “قبل يومين تم الادّعاء بتهمة الإرهاب على موقوفي أحداث الشغب في طرابلس التي تخلّلها إحراق مرفوض لمبنى بلدية طرابلس ومبنى المحكمة الشرعية. هذه المؤشرات كلّها إنما تأتي لتخويف اللبنانيين، وهي محاولة مكشوفة لاستعادة التركيز على صورة نمطية رُسمت لطرابلس منذ زمن طويل لأسباب تآمرية، ضمن محاولة لاستمالة المجتمع الدولي أيضًا للوقوف ضدّ المدينة وأهلها، لكنّ المجتمع الدولي هذه المرّة لم يقتنع بهذه المحاولة الخبيثة بل على العكس، شعر أنّ افتراءً قيد الحياكة ضدّ طرابلس وأهلها ومحيطها”.

الشريف وفي اتصال مع “أساس”، أكّد وجود “محاولات دائمة ومنذ عقود لشيطنة طرابلس بشتّى الوسائل، وهاتان المحاولتان الأخيرتان تندرجان في إطار شيطنة طرابلس. لكن هذه المرة لم يكن الإخراج موفقًا في الحالتين، وعلينا دائمًا أن نكون حريصين لئلا نقع في الأفخاخ التي تُنصب لطرابلس وأهلها”.

وعن المعلومات التي ردّدها مطلّعون لـ”أساس”، عن ملفات عدّة أثيرت حول المحافظ وتورّطه في قضايا فساد، وآخرها تورّطه في موضوع مطمر طرابلس القديم والجديد، وانتقاده البعض عدم تحرّك القضاء حتّى الآن بشكل جدّي في هذا الإطار، في مقابل تحرّكه السريع لاتهام المتظاهرين بالإرهاب، يقول الشريف: “لا أعلم إن كان هناك ملف قانونيّ صلب ضدّ المحافظ. لا معلومات لديّ. لكن أدعو الإعلام إلى متابعة ملف مكبّ طرابلس القديم والمطمر الجديد لأنّ روائح عدّة تنبعث منه. هذا الملف اليوم لدى المدعي العام التمييزي الذي حوّله إلى المدعي العام في طرابلس، وعلى المجتمع الطرابلسي مواكبة هذا الملفّ للنيل من كل من ارتُكِب بحق طرابلس وأهلها وبيئتها وصحة أبنائها. ولنرى حينها من هو المسؤول”.

وبينما كانت الأجواء في طرابلس بمعظمها منحازة إلى رئيس البلدية. انتشر في المقابل بيان أصدره عضو المجلس البلدي  المهندس محمد نور الأيوبي، يوضح أنّ زميله في المجلس المهندس جميل جبلاوي كان “أوّل من اتهم رياض رمق بالتقصير”، وطالب بـ”عدم التطبيل والتزمير والتعمية على الأمر”.

جبلاوي وفي اتصال مع “أساس”، نفى أن يكون قد اتّهم رئيس البلدية بالتقصير: “في البداية الاجتماع الذي تحدث عنه الأيوبي كان مغلقًا. وليس من الأمانة تسريبه. في هذا الاجتماع أنا نقلت فقط وجهة نظر قائد الشرطة، المؤهل الأوّل في قوى الأمن الداخلي ربيع حافظ، وحصل تلاسن بيني وبين يمق، لكنّني لم أتّهمه بالتقصير ولم أحمّله المسؤولية”.

وأوضح جبلاوي، أنّ “الجلسة المذكورة نتج عنها قرارات عدّة من بينها قرار بالإجماع بإجراء تحقيق داخلي ووافق عليه رئيس البلدية”.

ولم يستغرب جبلاوي تصرّف المحافظ مع رئيس البلدية: “هذا نهج لدى المحافظ، واستعلاء وفوقيّة. وهذه ليست المرة الأولى التي لا يحترم المحافظ موقع رئاسة البلدية”، واتّهم نهرا بأنّه “لا يلعب دور المحافظ، بل يمثّل تيارًا سياسيًّا متهمًا بتشويه صورة طرابلس وحرمانها”.

وفي الختام اعتبر جبلاوي أن الحلّ يكون بمغادرة نهرا منصبه: “فراق بالمعروف”.

لاحقًا، عقد يمق مؤتمرًا صحافيًّا، ذكّر بأنّ “نهرا سبق أن تصرّف بالطريقة الميليشياوية نفسها مع الرئيس السابق أحمد قمر الدين، كما حاول ابتزاز رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، ومع الإعلامي عبد الكريم فياض عندما هدده ورفع عليه عصا مجهّزة بمسامير”، معتبرًا أنّ “التعاون معه صعب جدًّا”.

وكان مكتب نهرا، قد أصدر بيانًا ردًّا على ما أسماء “الأضاليل والافتراءات”، وقال إنّ “يمق وأثناء توقيعه على أقواله، عمد إلى تصوير أجزاء من محضر التحقيق، وتم تخييره ما بين مسح تلك الصور أو تدوين الواقعة في المحضر فاختار تدوينها. وهذا ما حصل بالفعل”.

إجماعٌ إذًا على أنّ المحافظ اعتدى على رئيس البلدية، في سياق حملة استفزاز طرابلس وأهلها واستعدائها ودفع أهلها إلى الانفجار ثم تصويرهم على أنّهم إرهابيون.

Exit mobile version