سجل سعر صفيحة البنزين بشقيها 95 و98 أوكتان زيادة بقيمة 1000 ليرة، وارتفع المازوت 900 ليرة والغاز 400 ليرة، وأصبحت الأسعار على الشكل الآتي: بنزين 95 أوكتان: 32200 ليرة، بنزين 98 أوكتان: 33200 ليرة، المازوت: 22300 ليرة، والغاز: 24800 ليرة. وكتبرير لهذا الإرتفاع، أوضحت وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط في بيان، الآلية المعتمدة أسبوعياً لتحديد أسعار مبيع المحروقات، ومنها البنزين والديزل أويل. وفي التفصيل فان جدول تركيب الأسعار يتكوّن من: المعدل الأسبوعي للأسعار العالمية للمشتقات النفطية وفق نشرات platts؛ وهو عنصر متغير، ويشكل أكثر من 70% من ثمن البضاعة. من ثم تضاف عناصر تشكل كلفة البضاعة من بلد المنشأ إلى الأراضي اللبنانية من نقل بحري، تأمين، مصاريف مصرفية، ربح وغيرها. وهذه العناصر منها ثابتة، ومنها تحتسب على أساس نسب مئوية ترتبط بحركة الأسعار العالمية للمشتقات النفطية platts. من بعدها تأتي عناصر ثابتة تحتسب بالليرة ومنها الرسوم والضرائب وهذه العناصر ثابتة ومحددة بالليرة اللبنانية. فيما يدعم مصرف لبنان ولا يزال حتى تاريخه شراء المشتقات النفطية بنسبة 90 في المئة، فتحتسب هذه النسبة على أساس سعر الصرف الرسمي، في حين يتم إحتساب نسبة الـ10 في المئة المتبقية على أساس سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
إتجاه النفط عالمياً
الإرتفاعات الأسبوعية الذي شهدتها أسعار المشتقات النفطية في الآونة الأخيرة، “في طريقها إلى التراجع مرحلياً، بالتزامن مع الإنخفاض المحتمل في سعر برميل النفط عالمياً”، بحسب الخبير النفطي الدولي رودي بارودي. “فمنذ أن بدأت عملية التلقيح ضد فيروس كورونا على المستوى العالمي، بدأت أسعار النفط بالإرتفاع. وهذا يعود لإعادة فتح الأسواق العالمية ومعاودة النشاط الإقتصادي. إلا انه في المقابل شهدت سوق الطيران تراجعاً ملحوظاً. حيث انخفض عدد الرحلات الجوية من حوالى 140 ألف رحلة في شهري آذار ونيسان من العام 2020، إلى حدود 30 ألف رحلة حالياً. وإذا استمر وضع سوق الطيران في الفترة القصيرة المقبلة على ما هو عليه اليوم، واستمر التراجع في الطلب على النفط، من القطاعات التي تعتمد على الطاقة بكثافة، فان سعر برميل النفط عالمياً سيعود وينخفض مرحلياً إلى ما بين 55 و62 دولاراً”. وهذا ما سيؤدي، برأي بارودي، “إلى تخفيف الضغط في السوق المحلي من أحد أهم عنصرين يشكلان الأسعار، أي أسعار النفط عالمياً، وسعر صرف الدولار. ومن وجهة نظر بارودي فان “هذه الانخفاضات العالمية في حال حدوثها ستكون موقتة. حيث من المنتظر ان تعاود أسعار النفط ارتفاعها مع استعادة الاقتصادات تدريجياً لعافيتها”.
دولار لبنان يبقى المعيار
لكن في حال استمر انهيار الليرة مقابل الدولار، فان قيمة الـ10 في المئة التي على المستوردين تأمينها بالعملة الصعبة سترتفع. الأمر الذي سيؤثر سلباً على الأسعار، ويحرم المواطنين من تراجع أسعار النفط عالمياً. هذا طبعاً، من دون أي حديث عن رفع الدعم أو حتى ترشيده. في ما يتعلّق بإرتفاع سعر الدولار في السوق السوداء وتأثيره على أسعار المحروقات، فإن دعم مصرف لبنان الذي لا يزال حتى اللحظة يؤمن دولار استيراد المحروقات بنسبة 90 في المئة سيكون قاصراً عن لجم الاسعار. إذ إن الإرتفاع الحتمي للأسعار عالمياً، وانهيار العملة الوطنية محلياً، واستمرار الغموض وعدم الوضوح في ما خص سياسة الدعم عوامل ثلاثة سترفع، بحسب بارودي، “سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وتؤدي إلى مزيد من ارتفاع الاسعار في المشتقات النفطية ومختلف السلع والخدمات”. ومن هنا لا يستبعد أن يصل سعر صفيحة البنزين إلى 50 ألف ليرة أو أكثر، لأن عملية تسعير المحروقات تستند إلى عدة عوامل ومنها سعر النفط العالمي، وطمع وإحتكار المستوردين، وشبهات الفساد في وزارة الطاقة، التي من الصعب حلّها في المدى المنظور.
الفقر ثم الفقر
الهمّ النفطي يأتي في الوقت الذي تتفاقم فيه معاناة اللبنانيين يوماً بعد آخر. فالمصير المجهول، وترقب المزيد من الإنهيار والتدهور في القادم من الايام، “يعززهما غياب حكومة تكون بخدمة الشعب”، يقول بارودي. “والبدء بتنفيذ السياسات الإصلاحية المطلوبة، فالمواطنون يقومون بواجباتهم كاملة، سواء بدفع الضرائب والرسوم أو الالتزام بالقوانين. لكن مع الاسف فان الدولة لا تقوم بواجباتها تجاههم. فالموضوع لا يتوقف فقط عند البنزين والمياه والكهرباء، فهناك شعب بأكمله يفتقر إلى الحصول على أدنى حقوقه”.
في المحصلة فان لبنان الغارق في رمال الدولار المتحركة وفساد الطبقة السياسية لن يتأثر ايجاباً من تراجع أسعار النفط عالمياً في الفترة القادمة. حيث من المتوقع الا ينخفض سعر صفيحة البنزين عن 30 ألف ليرة. وفي حال صدقت التوقعات بان يكون انخفاض سعر برميل النفط هو الهدوء الذي يسبق “عاصفة” الارتفاع بعد فتح الاسواق، فان سعر جميع المشتقات النفطية سيقفز في السوق الداخلية إلى معدلات قياسية. ذلك بالطبع من دون أن يكون هناك أي رفع أو حتى ترشيد للدعم، حيث إن أي تخفيض في الدعم مع ارتفاع السعر العالمي للنفط، سينتج عنه سعر، لن يكون بمتناول 95 في المئة من الشعب اللبناني.