من التحريض إلى إطلاق التحذيرات .. هل تستطيع “إسرائيل” تحديد مصير الاتفاق النووي مع “إيران” ؟
كتابات- كتبت – نشوى الحفني :
على الجانب الآخر من محاولة الوصول لـ”اتفاق نووي” جديد مع “إيران”، تحاول “إسرائيل” عرقلة تلك الخطوة لتأمين نفسها، فمن تصريحات إلى اتصالات ورفع قدرات عسكرية لمواجهة “إيران”؛ تسير “تل أبيب”.
وكانت وكالة (رويترز)؛ قد نقلت عن مصدر مطلع أن إدارة الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، أبلغت “إسرائيل” مسبقًا بنية “الولايات المتحدة” إعلان استعداداها للتفاوض مع “إيران” حول العودة لـ”الاتفاق النووي”، وهو ما زاد من مخاوف “تل أبيب” بشدة.
ومؤخرًا؛ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، إن العودة إلى “الاتفاق النووي” تمهد الطريق أمام “إيران” لإمتلاك ترسانة نووية.
ووفقًا لبيان مكتب “نتانياهو”، فإن: “إسرائيل تتمسك بإلتزامها بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، وموقفها من الاتفاقية النووية لم يتغير”.
وأن: “إسرائيل تؤمن بأن العودة إلى الاتفاقية السابقة ستمهد فقط الطريق أمام إيران نحو امتلاك ترسانة نووية”.
وأشار البيان إلى أن: “إسرائيل تجري حوارًا متواصلاً مع الولايات المتحدة بهذا الشأن”.
كما أن تقديرات “إسرائيل” تشير إلى أن: “إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية ستدخلان في صدام إثر الخلافات الكبيرة بينهما في الموضوع الإيراني. فبايدن أعلن، خلال حملته الانتخابية، أنه سيدخل مفاوضات مع إيران وسيعود إلى الاتفاق النووي في حال عادت إيران إلى تطبيقه بشكل كامل، فيما يعتبر نتانياهو خطوة كهذه خطأ فادحًا”.
تغيير في قواعد اللعبة..
إلى ذلك، كشفت تقارير صحافية أن صفقة الأسلحة الجديدة، التي حصلت عليها “إسرائيل” من “واشنطن”، تُمثل تغييرًا في قواعد اللعبة، كونها تعزز التفوق العسكري الجوي الإسرائيلي ضد أعدائها في المنطقة، وخصوصًا “إيران”.
ووفقًا لصحيفة (غيروزاليم بوست)، فإن الصفقة التي تمت الموافقة عليها، يوم الثلاثاء الماضي، تتضمن حصول “إسرائيل” على طائرة من طراز (إف-35) (سكوادرون)، و4 ناقلات جوية من طراز ( KC-46a)، وهي طائرات صممت لنقل المعدات العسكرية وللتزود بالوقود جوًا، بالإضافة إلى 4 آلاف ذخيرة متطورة للطائرات المقاتلة، وذخائر منظومة “القبة الحديدية”، وصواريخ (آرو) طويلة المدى المضادة للصواريخ، وحساسات جديدة تعمل على تحديث نظام الدفاع الجوي ضد الصواريخ (الباليستية).
ونقلت الصحيفة، عن القائد السابق لقوات الدفاع الجوي الإسرائيلية، “زيفيكا هايموفيتش”، قوله إن: “الحصول على الناقلات الجوية الجديدة سيعزز قدرات القوات الجوية في شن عمليات واسعة النطاق، بطائرات مقاتلة في مناطق بعيدة، مثل إيران”.
وأكد أن أهمية تلك الناقلات تكمن في القتال على دوائر أوسع، وخاصة في المناطق بعيدة المدى، إذ تعمل على تعزيز الوقت بالنسبة للطائرات في الجو، وتدعم القدرة على الرد، وتوسع طول ذراع القوات الجوية.
وأشار إلى أن: “هذه الناقلات الجوية سيكون لها أهمية إستراتيجية، إذ يمكن أن تقوم بنقل 8 طائرات مقاتلة إلى دولة، تقع على بُعد 1500 إلى 2000 كيلومتر، بعيدًا عن إسرائيل، دون الحاجة إلى الهبوط أو التزود بالوقود في الطريق، خاصة أنه لا يوجد مكان لذلك بالفعل”.
200 صاروخ إيراني لمهاجمة إسرائيل..
وكانت “إسرائيل” قد أعربت عن قلقها، من إمكانية نشر “إيران” ما يصل إلى 200 صاروخ طويل المدى في “العراق”؛ يمكن استخدامها لمهاجمتها، في ظل تصاعد التورات بين “تل أبيب” و”طهران”.
وبحسب صحيفة (غيروزاليم بوست)، يُعتقد بالفعل أن “إيران” تمتلك مئات الصواريخ التي يمكنها الوصول إلى “إسرائيل”.
وترى الصحيفة العبرية أن المبرر المنطقي لنشر “إيران”، للصواريخ في “العراق”، وإطلاقها من هناك ضد “إسرائيل”؛ هو محاولة منع رد انتقامي مباشر للجيش الإسرائيلي ضد أهداف داخل الأراضي الإيرانية.
نتائج عكسية إلى إسرائيل..
وعن “الاتفاق النووي”، قال السفير “غلعاد إردان”، مبعوث إسرائيل لدى واشنطن، لراديو الجيش الإسرائيلي: “لن نتمكن من المشاركة في مثل هذه العملية، إذا عادت الإدارة الجديدة إلى ذلك الاتفاق”.
وفي أحاديث غير رسمية، أثار مساعدو “نتانياهو” تساؤلات حول ما إذا كان التواصل مع نظرائهم الأميركيين قد يأتي بنتائج عكسية على “إسرائيل”؛ من خلال إعطاء إشارة خاطئة بموافقتها على أي اتفاق جديد، في حين أنها تعارض ذلك.
ولم تكن “إسرائيل” طرفًا في اتفاق 2015، لكن لديها مؤيدون أقوياء داخل “الكونغرس” الأميركي، كما أن تهديدات “نتانياهو”، بعمل عسكري أحادي الجانب إزاء “إيران”، تدخل أيضًا في حسابات القوى العظمى.
وقال “إردان”: “نعتقد أنه إذا عادت الولايات المتحدة لنفس الاتفاق، الذي انسحبت منه بالفعل، فستفقد كل سطوتها”.
تشديد العقوبات..
وأضاف: “يبدو أن فرض عقوبات معرقلة – من خلال الإبقاء على العقوبات الحالية، بل وفرض عقوبات جديدة – إضافة إلى توجيه إنذار عسكري يُعتد به – وهو ما تخشاه إيران – هو ما يمكن أن يجلب إيران إلى مفاوضات حقيقية مع الدول الغربية؛ ربما تسفر في النهاية عن اتفاق قادر حقًا على منعها من المضي قدمًا” في إنتاج أسلحة نووية.
انتحار حقيقي !
فيما اعتبر وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، أن أي محاولة إسرائيلية لشن هجوم على “إيران”؛ هي: “انتحار”، زاعمًا أن: “الدعم الإسرائيلي للإرهاب لن يمر دون رد”.
وقال “ظريف”، في مقابلة مع قناة (المنار)، التابعة لـ (حزب الله) اللبناني، مساء أمس الأحد، إن: “أي هجوم عسكري إسرائيلي ضد إيران وبرنامجها النووي؛ سيكون بمثابة انتحار حقيقي، وهو يعني تدمير هذا النظام”.
ودافع “ظريف” عن وجود قوات إيرانية في “سوريا”، واصفًا هذا الوجود بأن هدفه: “محاربة الإرهاب”، مشيرًا إلى أن: “على إسرائيل أن تفهم أن سياستها في دعم مجموعاتها الإرهابية لن تمر دون رد”.
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن: “طهران مستعدة لمحادثات مع جيرانها، دون شروط مسبقة، وترغب في علاقات جيدة معهم”.
إجراءات تصحيحية من واشنطن..
وفي ما يتعلق بعودة “واشنطن”، لـ”الاتفاق النووي”، قال “ظريف”: “على الولايات المتحدة، كطرف منتهك للاتفاق النووي؛ أن تتخذ إجراءات تصحيحية، وسنرد على ذلك بشكل فوري وإيجابي”.
وبشأن تشكيل حكومة في “لبنان”، قال “ظريف”: “نحن نساعد اللبنانيين على التوصل إلى اتفاق في ما بينهم، ولا يمكننا أن نفرض اتفاقًا على لبنان، كما لا يستطيع أحد غيرنا فعل ذلك”.
وفي تصريحات سابقة، الأحد، قال “ظريف” إن “إيران” لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، وإن إنهاء عمليات التفتيش المفاجيء لـ”الوكالة الدولية للطاقة الذرية” لا ينتهك “الاتفاق النووي”.
وانتقد “ظريف”، في مقابلة أجراها معه التلفزيون الإيراني، إدارة الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، قائلاً: “في واقع الأمر؛ هم يتبعون سياسة الضغوط القصوى ذاتها”، التي انتهجها سلفه “دونالد ترامب”.
وأضاف أن “أميركا” تدمن فرض العقوبات، وأن “طهران” لن ترضخ للضغوط، منوهًا إلى أن الرئيس الأميركي، “بايدن”، لم يُغير سياسة “الضغوط القصوى”، التي انتهجها سلفه، “دونالد ترامب”، مع “طهران”.
استخدام إسرائيل قاعدة مركزية في الشرق الأوسط..
في هذا السياق، قال الخبير بالشؤون الإسرائيلية، “فضل طهبوب”؛ إن: “إسرائيل تحاول منع الإتفاق النووي وتُحرض ضد إيران، فسواء كان فهناك عودة للإتفاق أو لا يوجد، فهي تُحرض دائمًا ضد إيران حتى في عهد الرئيس، دونالد ترامب، وكانت تُحثه على الهجوم على إيران، علمًا بأن مهمة إسرائيل في المنطقة هي تدمير إيران وإمكانياتها الاقتصادية والعلمية، حتى تستطيع إسرائيل الهيمنة على الشرق الأوسط”.
وتابع أن هناك توافق “أميركي-إسرائيلي”؛ بأن تكون “إسرائيل” هي القاعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، وتجلى هذا الموقف واضحًا من خلال دفع الدول العربية للتطبيع مع “إسرائيل”، وهذا يصب في مصلحة “إسرائيل” اقتصاديًا وأمنيًا.
لا يمكنها تحديد مصير “الاتفاق النووي”..
على جانب آخر، قال رئيس مركز الدراسات العربية الإيرانية، “علي نوري زادة”؛ إن “إسرائيل” لا تستطيع أن تُقرر مصير “الاتفاق النووي” الإيراني، بل هناك دول كبرى (5+1)، هي التي تقرر ما مصير “الاتفاق النووي”، بالاتفاق مع “إيران”؛ وكذلك “وكالة الطاقة النووية”، هي التي تقرر أيضًا وليست “إسرائيل”؛ التي تمتلك هي نفسها أسلحة نووية، لذلك لا تستطيع “إسرائيل” أن تمنع أي اتفاق بين “إيران” والمجتمع الدولي.
وأضاف أنه إذا أرادت “إيران” رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية عنها؛ فيجب عليها التقليل من توقعاتها إلى مستوى مقبول والتوصل إلى تفاهمات مع “الاتحاد الأوروبي” و”الولايات المتحدة الأميركية”.