–وكالة نيوز
لا تزال ليبيا غارقة بالفوضى الى يومنا هذا، و ذلك بعد مرور عشر سنوات من الثورة التي كان الناتو أبرز داعميها، و كانت نتيجتها الإطاحة بنطام معمر القذافي في عام 2011، و جعل ليبيا فريسة سهلة تتنافس عليها القوى الكبرى، و خصوصاً في ظل التدخلات الخارجية التي تنهش في هيكل الدولة الليبية.
و على الرغم من توقيع طرفي النزاع في ليببا على اتفاق وقف اطلاق النار الدائم، و ذلك في 23 من تشرين الاول/اكتوبر، و إفضاء المناقشات في جنيف، والتي دامت لخمسة أيام برعاية أممية، لتعيين عبد الحميد دبيبة رئيساً مؤقتاً للوزراء، و بجانبه مجلس رئاسي انتقالي مكون من ثلاثة أعضاء، تكمن مهمته في ضمان عملية الانتقال بعيد الانتخابات الوطنية المنتظر انعقادها في كانون الاول/ديسمبر من هذا العام، فإن جميع الظروف المحيطة توحي بإمكانية تأجيلها، او حتى مقاطعتها و ذلك لعدة مخاوف أبرزها أمنية، لا بل حتى على الصعيد الاجتماعي.
في خضم كل هذا لم تنفك القوى الخارجية بممارسة ألعابهم و تطبيق مصالحهم و لو كان ذلك على حساب مصلحة الشعب الليبي، و هذا يبدو منطقي فهم لا يريدون ان تتمع ليبيا باستقلاليتها، بل تسعى لفرض قوانينها و شخصيات لا تمثل إلا دمى لها، و اكبر مثال سيطرة الأخوان المسلمون على مقاعد منتدى الحوار السياسي الليبي، الذي تم بدعم من قبل بعثة ستيفاني ويليامز التي شكلت و بشكل استثنائي اكبر خدمة للأجندات الامريكية في ليبيا، و اما الآن في عهد إدارة بايدن ليس الوضع افضل مما كان عليه سابقاً، فهي الآن تطالب كل من روسيا و تركيا البدء في سحب قواتهما من ليبيا، بما يشمل القوات العسكرية و المرتزقة، و يأتي هذا الطلب من خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول النزاع الليبي، لكن هذا الطلب قوبل بالسخرية من المجتمع الدولي المدرك بشكل جيد لألاعيب الامريكيين في ليبيا، فمن المعروف تماماً ان أمريكا تسعى جاهدة لتنظيف الساحة الليبية من المنافسين، لكي تتفرد بالشأن الليبي و تفرض قوانينها بما يخدم ادارة بايدن.
و ها هي الخيوط الأولى للتحركات الأمريكية ومخططاتها في ليببا بدأت بالظهور، حيث استفاق الشعب الليبي على خبر مفاده نجاة وزير الداخلية الليبي ”فتحي باشاغا”يوم الأحد الماضي من محاولة اغتيال، على الطريق السريع قرب العاصمة طرابلس، باشاغا و الذي يعد من الشخصيات السياسية البارزة في ليبيا، جاءت تفاصيل محاولة اغتياله على الشكل التالي، و ذلك بحسب مصادر مقربة منه، أن موكب الوزير تعرض الأحد للرصاص الذي أطلق من سيارة مصفحة على الطريق السريع قرب العاصمة طرابلس وذلك في طريق العودة من زيارة روتينية لمقر وحدة أمنية جديدة تابعة لوزارته، فيما أردف المصدر نفسه إن ”موكب الشرطة الذي كان يتبع الوزير قام بالرد. وتم توقيف اثنين من المهاجمين، والثالث أدخل المستشفى. الوزير بخير”.
وفي سياق ما ذكر من الخبر، تبدو أنها محاولة جدية لاغيتال باشاغا، لكن إن تقصينا في الأمر و أخذنا بعين الاعتبار تصريح السفارة الأمريكية حول القضية، ستتضح لدينا العديد من الأمور و لعل أولها أن محاولة الإغتيال هذه، ليست إلا فيلم أمريكي الصنع كغيره من أفلام هوليود، لا وبل و منسق بشكل واضح، و و هذه الأمور التي تبينت ليست وليدة الأوهام بل إن السفارة أشارت إلى أن نورلاند (السفير الأمريكي بليبيا) قد تحدث مع باشاغا هاتفياً، مشددة على أن ”تركيز الوزير باشاغا على إنهاء نفوذ الميليشيات المارقة يحظى بدعمنا الكامل”، ودعت إلى إجراء تحقيق سريع لتقديم المسؤولين إلى العدالة.
الآن وبعد كل هذه المعلومات و المعطيات و بربط بسيط، أصبحت الأمور واضحة وضوح الشمس، فأمريكا وبعد انتخاب أعضاء الحكومة المؤقتة في ليبيا، تريد القضاء على الميليشيات و قادة الجماعات المسلحة، و ذلك بالتنسيق مع باشاغا لتمحو آثار جرائمها، علماً ان هذه الجماعات المسلحة هي ذاتها التي كانت منذ وقت قصير تدعمهم بالأموال و السلاح، بل و سمتهم ”الثوار” و ”أحرار” ليبيا.
أما الآن، تحاول أمريكا إنهاء نفوذ الميليشيات و قادتهم على غرار أسامة الجويلي، صلاح بادي ومصطفى قدور و غيرهم..بعد أن انتهت مدة صلاحيتهم وتم استبدالهم بدمى جديدة في ثوب سياسيين محترمين ووزراء مرموقين، و هذا ليس بالأمر الغريب على امريكا، فقد فعلته سابقاً مع بن لادن، و البغدادي وحركة طالبان.