أحمد عياش – أساس ميديا
تداولت أوساط سياسية معلومات حول مواقف اتخذتها الإدارة الأميركية، يتصل أحدها بـ”حزب الله”. وفي هذه المعلومات أنّ واشنطن بدأت مسار تغيير نهج اعتمدته الإدارة السابقة وأبرزها ما يتصل بحرب اليمن. أما السؤال عن صلة هذا التغيير بـ”حزب الله” فهو موضوع هذا المقال.
في 7 شباط الجاري، رحّبت جماعة “أنصار الله” الحوثيّة اليمنيّة، بقرار الولايات المتحدة الأميركية الرسمي، بدء إجراءات شطب الجماعة من لائحة الإرهاب. ووصف عبد الإله حجر، مستشار رئيس “المجلس السياسي الأعلى” للحوثيين، القرار الاميركي، بـ”الخطوة المتقدمة” باتجاه تحقيق السلام في اليمن.
بدوره أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أنّه جرى إبلاغ الكونغرس “رسميًّا” بنيّة وزير الخارجية أنتوني بلينكن “شطب الحوثيين من لائحة الإرهاب”. وستدخل هذه الخطوة حيّز التنفيذ قريبًا.
أين “حزب الله” من هذا التطور؟
تجيب الأوساط السياسية قائلةً إنّ الحزب، ومنذ اندلاع حرب اليمن في العام 2015 ، جرى تكليف أمينه العام حسن نصرالله بملفّها. وفي العودة إلى وثائق تلك المرحلة، يتبيّن أنّ قائد “فيلق القدس” السابق الجنرال قاسم سليماني، تولّى توزيع المسؤوليات في مناطق المواجهة التي خاضتها إيران. وفيما أخذ سليماني ملف العراق في عهدته، جرى نقل ملف اليمن إلى نصرالله الذي يمثّل بعد سليماني، الشخصية الأبرز على رأس هرم الفيلق التابع لـ”الحرس الثوري الايراني”، الدرع الحامي للنظام الإيراني.
تضيف هذه الأوساط أنّ نصرالله دأب منذ اندلاع حرب اليمن قبل ستة أعوام، على وضع هذه الحرب على قائمة المتابعة، كما ظهر في كل إطلالاته الإعلامية. وفي آخر كلمة له في 17 الجاري، أي قبل أسبوع، أفرد مساحة لملفّ اليمن. وكانت مناسبة الكلمة “الذكرى السنوية للقادة الشهداء”. من أبرز ما قاله :”الملف اليمني واضح حضوره بقوّة في الإقليم والمنطقة لأسباب عديدة، منها الأوضاع الميدانية، ومنها أيضًا الإدارة الجديدة”، أي المقصود الإدارة الأميركية. واعتبر أنّ “وقف الدعم في الحرب، وتعيين ممثل لليمن، والدعوة إلى إنهاء الحرب ولو بالشكل، يعني أمرًا إيجابيًّا وقد يفتح بعض الآفاق والأبواب”.
إذًا فالتطور اليمني بفعل التحوّل في السياسة الخارجية الأميركية، وجد صداه عند الأمين العام لـ”حزب الله”. لكنّ نصرالله سجل في كلمته “لفتة” إلى الداخل اللبناني، بحسب هذه الأوساط. وتمثّلت هذه اللفتة عندما وضع نصرالله نفسه في “منطقة وسطى” بين الرئيس المكلف سعد الحريري وبين رئيس الجمهورية ميشال عون. فقال إنّه “يتفهّم” أن يكون “هناك قلق مثلًا أو رفض من مواقع أساسية من رئيس الحكومة المكلف أو غيره، أنّه لا يصلح لحزب واحد أن يكون لديه ثلث معطل”. ثم قال في المقابل :”ما لا نتفهّمه الإصرار على 18 وزيرًا، فليكن 20 وزيرًا، أو 22، ولن تخرب الدنيا، طول عمرها الحكومات في لبنان 30 ، فلماذا الإصرار على 18؟ ” وهذا هو مطلب الرئيس عون.
فهل سيكون “التسهيل” في تشكيل الحكومة هو ردّ “التحيّة” في اليمن بمثلها في لبنان؟
لا يأتي طرح هذا السؤال من فراغ. ووفق المعلومات المشار إليها، فإنّ الخط النشط حاليًّا بين قصر الإليزيه وبين البيت الأبيض، يترك بصماته على أكثر من صعيد في المنطقة بما فيها لبنان. وتشير الأوساط السياسية إلى أنّ الرئيس جو بايدن لم يتأخر منذ الاتصال الأوّل بينه وبين الرئيس إيمانويل ماكرون، في منح دعمه لباريس كي تمضي قدمًا في مبادرتها بشأن الملف اللبناني. ومن أبرز معالم هذا الدعم، التصريح الذي أدلت به قبل أيام جيرالدين غريفيث، المتحدثة الإقليمية باسم الخارجية الأميركية. فهي صرّحت أنّ “قرار مشاركة “حزب الله” في الحكومة يعود للشعب”، مشيرة إلى أنّ “ما يهمنا هو أن تكون أيّ حكومة جديدة قوية وقادرة على تلبية احتياجات الشعب اللبناني، ومستعدة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة”. وهذه هي المرّة الأولى التي تعلن واشنطن أنّها لا تضع فيتو على مشاركة الحزب في الحكومة المقبلة، كما كانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب تجاهر بذلك.
لكنّ المتحدثة لم تغادر كليًّا مواقف الإدارة السابقة، فقالت إنّ واشنطن لن تغيّر موقفها وسياستها تجاه “حزب الله”، مؤكدة أنه سيظل “منظمة إرهابية”، وتابعت: “نسعى للحدّ من التدخل الإيراني في المنطقة سواء في لبنان أو في اليمن”.
وليس خافيًا أنّ باريس دفعت منذ انفجار المرفأ في 4 آب الماضي، إلى فتح آفاق عمل حكومي لا يستثني “حزب الله”. لكنّ هذا الموقف الفرنسي لم يلقَ تأييدًا طوال الفترة التي كان القرار فيها لإدارة ترامب. غير أنّ هذا التوجه الفرنسي، وفق المعلومات، طرأ عليه تعديل قد يكون نصرالله عبّر عنه في حديثه عن حكومة من 20 وزيرًا وما فوق. وهذا التعديل مستجدّ وعمره أيام فقط. ولفتت الأوساط السياسية إلى أنّ تمسّك الرئيس الحريري الذي أعلنه في كلمته في 14 شباط بصيغة حكومة من 18 وزيرًا، لم يتكرّر في الأيام الأخيرة. وظهر ذلك عندما ركّزت محطة “otv” الناطقة باسم “التيار الوطني الحر”، على أنّ المشاورات الحكومية تجاوزت تركيبة الـ18 وزيرًا، وأنّها تدور حول 22 أو 24 وزيرًا. لكنّ أوساط بيت الوسط أكدت عدم صحة المعلومات التي نُقلت عن موافقة الرئيس الحريري على حكومة من 22 وزيرًا، ووصفتها بأنّها مجرد تمنيات أو تحليلات بعيدة كليًّا عن الواقع.
هذا في التفاصيل. أما في العنوان العام، فهناك “هدية” تلقّاها نصرالله في اليمن. ودعت الأوساط المشار إليها، إلى مراقبة كيف سيجري التعامل مع هذه “الهدية” في لبنان.