الوقت – كشفت مصادر إخبارية عراقية وسورية، في الأيام الماضية، عن بدء تشييد قاعدة أمريكية جديدة في المثلث الحدودي بين سوريا والعراق وتركيا.
ووفق هذه المصادر، دخل رتل من القوات الأمريكية مؤلف من عشرات الشاحنات المحملة بمواد بناء ومعدات عسكرية ولوجستية ومعدات أخرى، إلى قرية “عين ديوار” بمنطقة “ديريك” شرقي مدينة القامشلي في سوريا، عبر معبر الوليد الحدودي مع العراق وسوريا.
ووفق موقع “جيوبوليتيكال فيوتشرز”، ستكون هذه القاعدة أحدث قاعدة للتحالف الدولي في منطقة الحسكة التي يسيطر عليها الأكراد، بالقرب من الحدود التركية العراقية.
وتأتي هذه الأنباء في أعقاب تقارير وردت في الأسابيع الأخيرة عن نقل القوات الأمريكية من منطقة “تل علو” إلى منطقة “اليعربية” قرب الحدود العراقية، وکذلك إنشاء عدة قواعد عسكرية أخرى حول حقول النفط في “الرميلان” شمال شرقي الحسكة.
تظهر تصرفات الإدارة الأمريكية الجديدة تغيراً في سياسة هذا البلد الخارجية تجاه سوريا مقارنةً برئاسة دونالد ترامب، ما جعل أهداف المحتلين الأمريكيين من إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في محافظة الحسكة، قضيةً مهمةً للمراقبين السياسيين.
قاعدة ديريك العسكرية.. الخطوة الأولى الملموسة في مراجعة الاستراتيجية العسكرية الأمريكية
يمكن ربط إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في منطقة “ديريك” الاستراتيجية شرقي القامشلي، بمراجعة الاستراتيجية السياسية والعسكرية الأمريكية. وفي هذا الصدد، أمر وزير الدفاع الأمريكي الجديد لويد أوستن من قبل بإجراء مراجعة كاملة لنشر القوات الأمريكية في جميع أنحاء العالم.
واللافت في الأمر هو أنه منذ بداية عام 2021، دخل 11 رتلًا عسكريًا للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش بقيادة الولايات المتحدة شمال سوريا.
وستتمركز القاعدة الأمريكية الجديدة من الناحية الجيوسياسية بمنطقة عين ديوار شمال شرق مدينة المالكية في المثلث الحدودي بين العراق وسوريا وتركيا، وفي أقصى شمال شرق الحسكة.
تقع هذه المنطقة بشكل أساسي في المثلث الحدودي بين العراق وسوريا وتركيا، وهي قريبة من ساحة العملية العسكرية التركية الأخيرة على الأراضي العراقية في محافظة دهوك.
بناء هذه القاعدة له أهمية استراتيجية في ثلاثة أبعاد. بادئ ذي بدء، تجدر الإشارة إلى أن بناء هذه القاعدة العسكرية في منطقة ديريك، يمكن أن يكون عائقاً أمام مواجهة عسكرية بين قوات سوريا الديمقراطية، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، مع تركيا والقوات التابعة لها.
وفي المستوى الثاني، تعتبر هذه القاعدة ذات أهمية كبيرة لواشنطن، في منع القوات الروسية والسورية من التقدم نحو المثلث الحدودي إلى قرية عين ديوار. کما ستسمح القاعدة الجديدة في شمال سوريا للقوات الأمريكية بالرد السريع على التهديدات الإقليمية.
أهداف أمريكية خاصة من إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في ديريك
فيما يتصل بأهداف الولايات المتحدة من إنشاء هذه القاعدة العسكرية الجديدة في منطقة ديريك التابعة لمدينة “القامشلي” في محافظة الحسكة السورية، يمكن ذكر ثلاثة أهداف مهمة.
يمكن اعتبار الهدف الأول للولايات المتحدة من إنشاء هذه القاعدة العسكرية، هو التمهيد لاستمرار وجودها في المنطقة بشكل لا يثير حساسية حكومتي العراق وسوريا.
تدرك واشنطن جيداً أن جيشها لن يكون له مكان في مستقبل العراق، ويجب أن يغادروا هذا البلد في القريب العاجل بناءً علی قرار مجلس النواب العراقي في 5 كانون الثاني/يناير 2020.
ولذلك، يبدو من الآن أن الأمريكيين يسعون إلى إقامة قاعدة بديلة لنقل قواتهم في المناطق المحاذية للحدود العراقية، وعلى امتداد منطقتي كردستان العراق وكردستان سوريا.
يمكن اعتبار الهدف الثاني للأمريكيين من إنشاء هذه القاعدة العسكرية، بأنه تمهيد الطريق لنقل وتعزيز تنظيم داعش الإرهابي على الحدود العراقية السورية.
فخلال السنوات الماضية، قام الأمريكيون دائمًا بنقل قوات داعش عبر الحدود العراقية السورية، للاستغلال السياسي وخلق انعدام الأمن في المنطقة.
أما الهدف الآخر لواشنطن في إنشاء هذه القاعدة العسكرية، فيمكن تقييمه من حيث استراتيجية زيادة إمكانات المساومة ضد الأطراف المنخرطة في الأزمة السورية، وخاصةً جمهورية إيران الإسلامية.
في الواقع، إن استمرار الوجود في سوريا سيفتح موطئ قدم لواشنطن في المنطقة، ويمكِّنها من استخدامه كأداة ضغط ضد خصومها، وخاصةً إيران التي زادت من نشاطها في سوريا.
کما أن إظهار الالتزام المستمر بدعم الأكراد السوريين لمنعهم من التحرك نحو حل الخلافات مع الحكومة المركزية والتعاون مع روسيا، إضافة إلى إعلان الالتزام بالدفاع عن مصالح الکيان الصهيوني في سوريا، هو جزء آخر من أهداف البيت الأبيض في الجولة الجديدة من بناء القواعد العسكرية في سوريا.