علي ضاحي-الديار
مصادر قريبة من دار الفتوى: علاقة السعودية بلبنان اكبر من «فيزا للحج»
اكثر من ثلاثة أشهر قضاها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري مع عائلته في بلده، حيث غادر لبنان مطلع تشرين الثاني 2020 وعاد في 8 شباط الجاري، وسط تساؤلات عن سبب الغياب الطويل، وما حمله معه من بلاده من تعليمات او رسائل جديدة وتلائم المرحلة الجديدة في المنطقة، وان لم تتضح معالمها بعد، او كيفية تعاطي الادارة الاميركية الجديدة، مع العلاقة مع السعودية، والتفاهم النووي الايراني، وصولاً الى مقاربة ملفي سوريا ولبنان، وخصوصاً ان البخاري غادر وولاية الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب تلفظ انفاسها، وعاد بعد تسلم الرئيس الجديد جو بايدن لدفة القيادة في البيت الابيض.
هذه الاجواء تقرأ فيها اوساط بارزة في 8 آذار. وتقول لـ «الديار» ان حسب المعلومات مغادرة السفير السعودي لبنان كانت بسبب استفحال جائحة «كورونا» واغلاق البلد ضمن الاقفال الشامل وتسكير البلد مما يؤثر في العمل الدبلوماسي، وحرية حركة السفير ولقاءاته المعتادة وخصوصاً الاجتماعية منها، وتشير الى ان اي سفير لاي دولة كان وخصوصاً سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية وايران وسوريا، يأخذ في لبنان «شهرة» واضواء ويُركز عليه اهل الاعلام والسياسية، ويبني علاقات فوق «العادة» مع المجتمع والدولة والقوى اللبنانية الحزبية والسياسة ويصبح هو محور الارتكاز السياسي والامثلة كثيرة.
وتستغرب الاوساط ترويج بعض قوى 14 آذار او اعلام «القوات» ومعارضي حزب الله والعهد ان مغادرة السفير البخاري كانت لاسباب سياسية ولمقاطعة السعودية للبنان، وتكشف ان الدوائر الرسمية السعودية ابلغت عبر القنوات الدبلوماسية للدولة اللبنانية، ان الامر مرتبط حصراً بـ «كورونا» والاغلاق العام للعمل السياسي والدبلوماسي في البلد.
كما ابلغت هذه الجهات السعودية، ان لا توجه سعودياً لاي تبديل او تغيير في مستوى التمثيل او الحضور الكامل للسفارة السعودية في بيروت. كما ابلغت هذه القنوات الجهات اللبنانية المعنية ان البخاري لا يحمل اي رسائل جديدة او «غير مألوفة» او تعليمات جديدة.
ورغم ان اوساط 8 آذار تؤكد استمرار القطيعة بين ايران والسعودية من جهة وحزب الله والسعودية من جهة ثانية وان لا تبدل في هذه العلاقة، لم تخرج اللقاءات التي عقدها البخاري بعد عودته من السعودية مع كل من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وشيخ العقل الشيخ نعيم حسن، والبطريرك الماروني بشارة الراعي وسفيرتي اميركا دوروثي شيا، وفرنسا آن غريو عن التوجه القريب من السعودية، وان هذه الشخصيات تلتقي مع الرياض في مواجهة ايران وحزب الله والرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل ولو بحدود وتوجه كل منهم.
وتتوقف الاوساط عند زيارة البخاري للراعي، ولا سيما بعد خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ورفضه لمواقف الراعي عن الحياد والتدويل وقبل يومين من اطلالة النائب باسيل والتي رفض فيه ايضاً مواقف سيد بكركي عن التدويل والمؤتمر الدولي. وتقول واضح ان لها بعداً سياسياً بالاضافة الى شكلها الديني البروتوكولي وهدفها التأكيد ودعم هذه المواقف والتأكيد ان السعودية ماضية في الخصومة والعداء لحزب الله وعون وباسيل. علماً ان البخاري ابلغ الراعي ان السعودية تدعم الطائف ومتمسكة به ومع المبادرة العربية للسلام في منطقة الشرق الاوسط والتي اطلقت في قمة بيروت العربية في العام 2002.
كما تتوقف الاوساط عند عدم زيارة البخاري لكل من الرؤساء الثلاثة والرئيس المكلف حتى الساعة، ولا معلومات عن طلبه لقاءات جديدة، باستثناء اكمال الجولة الدينية في اتجاه المجلس الشيعي.
وفي حين تؤكد الاوساط، ان موقف السعودية من الحكومة ووجود حزب الله فيها وحتى رئاسة الحريري لهذه الحكومة معروف ورافض و«كلاسيكي» لجهة معزوفة السلاح وايران والحروب في المنطقة، الا انه ينتظر اعلان الموقف السعودي الواضح والعميق بعد او خلال زيارة الرئيس الفرنسي ايمانول ماكرون الى السعودية، وسط تكهنات عن موعد حصولها بين مطلع آذار او نهايته، بعد ان كان تردد انها بين 22 و28 شباط، وان زيارة ماكرون الى طهران ستلي زيارته السعودية، الا ان الامرين لم يحصلا حتى الآن.
في المقابل تكشف مصادر بارزة قريبة من دار الفتوى والحريري لـ «الديار» ان، غياب البخاري وعودته تقنية وليست سياسية ومرتبطة بجائحة «كورونا» والاغلاق، وان البخاري يقوم بجولة محدودة، ولها طابع بروتوكولي وديني وتواصل طبيعي مع اكثر من طرف وتشير الى ان بداية لقاءات البخاري بالمفتي دريان، طبيعية لاهمية وموقعية دار الفتوى، وما تمثله من بيت وطني واسلامي جامع، ولم يحمل البخاري اي رسائل، الى المفتي كما لم يغص اللقاء في اي تطورات سياسية او حكومية.
وتلفت المصادر نفسها الى ان من الطبيعي، ان تلقى عودة البخاري اهمية سياسية واعلامية، لكون السعودية دولة عربية وخليجية واقليمية واسلامية مؤثرة، ولها علاقاتها السياسية ودورها في لبنان.
وتقول ان علاقة السعودية بالمسلمين في لبنان سنة وشيعة ودروزاً، ليست علاقة «فيزا للحج» او باسبور وتأشيرة فقط، بل هي علاقة سياسية ايضاً ولا قطيعة مع اي طائفة لبنانية وخصوصاً مع الطائفة الشيعية وان كان الخلاف مع حزب الله سياسياً وليس مذهبي وطائفي.
وتكشف المصادر ان المساعدات السعودية الانسانية والمالية والغذائية توزع لجميع المناطق والطوائف عبر مرجعياتها الدينية وهي بحاجة لآلية واضحة لضمان وصول المساعدات. و بالتالي المساعدات للطائفة الشيعية تسلم للمجلس الشيعي ولا تمييز في الامر.