في ظل بايدن والتهديد الإيراني.. قراءة في مستقبل “إسرائيل”
المصدر:24
رأى رئيس معهد المساءلة الحكومية الأميركي بيتر شفايتزر، وهو أحد كبار الزملاء في معهد جيتستون الأميركي للأبحاث والدراسات، أن السياسة الأميركية تجاه إسرائيل تظل ثابتة إلى حد ما، رغم تغيير الإدارات الأميركية. وقال شفايتزر في تقرير نشره معهد جيتستون: “حتى بعد جولة الاعتذار للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، إلى العالم العربي في وقت مبكر من رئاسته الأولى، ومحاولته في اللحظات الأخيرة لإقامة دولة فلسطينية من خلال قرار مجلس الأمن الأممي رقم 2334، لم تتغير السياسة الأميركية الرسمية تجاه إسرائيل بشكل ملحوظ”.
ورغم جهود أوباما والكراهية الشخصية الملموسة بينه وبين الزعيم الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، حددت السياسة الأميركية تجاه جيران إسرائيل، طبيعة علاقة كل إدارة بالدولة اليهودية، بحسب ما كتبه شفايتزر في تقريره.
وقال شفايتزر إن “إدارة أوباما كانت حريصة على تحسين مكانة أميركا بين الدول الإسلامية في الشرق الأوسط، وتفاوضت إدارته على إبرام اتفاق نووي مع الزعماء الإيرانيين، ولكنه كان سيئاً للولايات المتحدة لأنها رأت أنه يضفي الشرعية فقط على النظام الذي وصفته وزارة الخارجية الأميركية بأسوأ دولة راعية للإرهاب في العالم، وسيئاً أيضا لإسرائيل لأنه سيسمح لإيران بأن تصبح قوة نووية شاملة بعد بضعة أعوام”.
وكان الاتفاق واحداً من الأسباب الكثيرة وراء نجاح الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب في 2016، إذن، ماذا تعني الإدارة الجديدة في ظل حكم الرئيس جو بايدن، الذي شغل من قبل منصب نائب الرئيس الأسبق أوباما، لمستقبل إسرائيل؟.
يقول الكاتب الأميركي شفايتزر: “في البداية، تعني هذه الإدارة حياة ثانية للاتفاق الإيراني غير النافع”، ووعدت إدارة بايدن بالفعل بإعادة الولايات المتحدة إلى “خطة العمل الشاملة المشتركة”، شريطة أن توافق إيران من جديد على الالتزام بشروطها.
ويتركز الموقف الحالي للإدارة الأميركية من الاتفاق النووي على عودة الإيرانيين، الذين انتهكوا منذ فترة طويلة القواعد الخاصة بحدود تخصيب اليورانيوم التي فرضها الاتفاق، إلى الامتثال للشروط التي وافق عليها أوباما قبل أن تسمح الولايات المتحدة بتخفيف للعقوبات التي فرضها ترامب.
ومن جانبها، تصر طهران على رفع العقوبات أولاً، وتحاول تجميع بعض أوراق الضغط أو النفوذ لإجبار بايدن على ذلك، وكثفت تخصيب اليورانيوم وبدأت إنتاج معدن اليورانيوم الذي يستخدم في صنع القنابل الذرية.
ويقول شفايتزر، إن “الإيرانيين لن يحترموا على الأرجح تلك الشروط، استناداً إلى سجلهم الحافل”، مضيفاً “من المؤكد أن ذلك سيخلق احتكاكاً، ليس فقط مع إسرائيل، التي لها كل ما تخشاه، من عدو لدود مسلح نووياً وقريب جداً من حدودها، ولكن أيضاً مع العديد من جيران إيران من الدول السنية، التي تشعر بالقلق من هيمنة شيعية طموحة ذات سلاح نووي في المنطقة”.
وتتناول الصحف الإسرائيلية حالياً تجهيزات الجيش الإسرائيلي لخطط من أجل خيار عسكري محتمل، لتقويض الجهود الإيرانية النووية، أو إذا لزم الأمر، لمواجهة العدوان الإيراني، ستعرض على الحكومة قريباً”.
وحملت السلطات الإيرانية صراحة إسرائيل مسؤولية اغتيال العالم النووي الايراني البارز، محسن فخري زاده، في ضواحي طهران، بما وصفه الإيرانيون بمدفع آلي موجه بالأقمار الصناعية، بعد 3 أسابيع فقط من انتخاب بايدن.
ومن جانبها، ترى إسرائيل بوضوح أنها تتعرض للتهديد بسبب سعي إيران لتخصيب اليورانيوم بمستويات تجاوزت بكثير المستويات المحددة في الاتفاق النووي للاستخدامات المدنية.
وسيحدد تعامل بايدن وفريقه الدبلوماسي المقبل مع هذا الاختبار المبكر، الكثير من أولوياتهم والقضايا التي ستستحوذ على تركيزهم، ومن الواضح أن بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، لن يرغبا في تحويل انتباههما عن باقي القضايا في أجندتهما، بسبب الحرب بين إسرائيل وإيران، أو بسبب أي شخص آخر.
ويوضح شفايتزر أنه “إلى جانب الخطر الإيراني، تواجه إسرائيل على عادتها مشكلتها مع القضية الفلسطينية”، مضيفاً أن العديد من المراقبين يتوقعون أن تبدو سياسة بايدن الرسمية تجاه الفلسطينيين، أشبه إلى حد كبير بسياسة أوباما، أو الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون.
ولم ينجح كلينتون ولا أوباما في أتباع أي طريقة مستدامة، ولكن بالنسبة للديمقراطيين الذين سئموا كل شيء مرتبط بترامب، قد يبدو الفشل في إحراز أي تقدم طويل الأمد، أفضل من الاستمرار في بناء تحالف ناجح في المنطقة.
ويواجه الرئيس بايدن قوى مؤيدة للفلسطينيين ومعادية لإسرائيل، داخل حزبه، بصورة أكبر مما واجهه أسلافه من الديمقراطيين، ولا تزال هناك الكثير من المشاكل المحلية التي تنتظر أن يوليها بايدن الاهتمام، بداية من التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا، وصولاً إلى التوترات العرقية من جانب المتطرفين من اليسار، واليمين.