لا تزال قضية تلقي مجموعة من النواب للقاح المضاد لفيروس كورونا تتفاعل سلبياً على الساحة الداخلية اللبنانية لا سيما في ضوء غياب ردود الفعل على مجريات الأمور. في هذا الوقت، ومع دخول أزمة التأليف الشهر الثالث من السنة الحالية، وبعد مرور أيام عدّة على عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت من جولة قادته إلى دولة الإمارات العربية، بقي الجمود سيّد الموقف، وانعدمت إشارات الأمل، في الخروج من الانسداد الحكومي المحكم.. مع تكشف سعي فريق بعبدا وراء مقايضات، للمساهمة في تسهيل عملية التأليف وفقاً للمبادرة الفرنسية.
الفضيحة.. تابع
اذاً لا تزال قضية لقاح كورونا تتوالى فصولاً واذا كانت “الجرعة الأولى” من فضيحة تهريب اللقاحات دفعت البنك الدولي الى الاكتفاء بالتحذير من امكان وقف تمويله للقاحات لمصلحة الدولة اللبنانية فان معلومات متوافرة ل”النهار” تفيد بان حالا من الذعر الجدي سادت امس مختلف الجهات الرسمية من القصر الجمهوري الى السرايا الحكومية الى مجلس النواب الى الوزارات المعنية بعمليات مكافحة وباء كورونا وفي مقدمها وزارة الصحة حيال التداعيات التي ستترتب على انكشاف هذه الفضيحة التي بدا ان كثيرين من المتورطين فيها تصرفوا بخفة بالغة واهمال فاضح للتقديرات التي جعلتهم لا يحسبون لوجود رقابة خارجية صارمة تمارسها الجهة المانحة للتمويل أي البنك الدولي لمسار الالية المتفق عليها مع الدولة. تلفت المعلومات الى ان محاولات احتواء التداعيات الفضائحية اصطدمت بمزيد من الحقائق الصادمة التي كشفت تسريب وتهريب عمليات تلقيح ترقى الى مستوى الخمسين في المئة واكثر خارج المنصة الرسمية بما يشكل ادانة ثابتة لوزارة الصحة في المقام الأول عن هذه الفضيحة الكارثية وما يمكن ان تؤدي اليه من اثار بالغة الأذى على لبنان واللبنانيين كما يصعب استبعاد مسؤولية بعض المستشفيات والمراكز الصحية المعتمدة للتلقيح التي شهدت انتهاكات مكشوفة فاضحة للآلية .
واعتبرت “اللواء” أن الأنكى، مع استعار الحملة القاسية على نواب الطبقة السياسية الذين تلقوا لقاحاً، خروج وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن عن صمته، والإعلان انه هو من أعطى القرار الذي وصفه “بالسيادي” إلى الفرق الطبية بالتوجه إلى مجلس النواب لتلقيح النواب “تقديراً لجهودهم لأن المجلس النيابي اجتمع خلال 7 أيام بشكل متتالٍ واقر قانون الاستخدام الطارئ للقاح”
الحكومة مكانك راوح
وفي موازاة ذلك، اعتبرت “الديار” الازمة الحكومية في الثلاجة حتى اشعار آخر، ولا شيء في الافق يؤشر الى حصول تطورات ايجابية او قرب الفرج، خصوصاً وانه لم يطرأ اي جديد على الوضع منذ المؤتمر الصحفي الاخير لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وعودة الرئيس الحريري من جولته الى قطر والامارات العربية المتحدة.
ووفقا للمعلومات المتوافرة، فإن موقف باسيل ورد الحريري عكسا مزيدا من التصلب والتشدد بين الطرفين تجاوز الاجواء الملبدة اصلا التي كانت سادت في اللقاء الاخير بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
في حين لفتت “اللواء” الى انه لم يخرق جمود ازمة تشكيل الحكومة أي لقاء علني بارز أو مساعي فاعلة للخروج من مأزق التشكيل باستثناء ماتردد من معلومات عن اتصال هاتفي جرى بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس المجلس النيابي نبيه بري بعيد عودة الحريري من زيارته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، تم خلاله التداول بالاوضاع وتبادل وجهات النظر.
الى بكركي درّ
الى ذلك ووسط الشلل السياسي المتصل بأزمة تعطيل تأليف الحكومة الجديدة تبدو بكركي مسرحا حصريا للحدث السياسي الداخلي في ظل الحركة الكثيفة التي تشهدها لقوى وأحزاب وشخصيات الامر الذي يشكل دلالة بارزة في تجسيد حجم واسع للتأييد الذي يحصده البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مواقفه الأخيرة خصوصا لجهة دعوته الى مؤتمر دولي يخصص للبنان .وحتى لو لم تكن مواقف بعض القوى متحمسة لهذا الطرح فان دلالات أخرى تكتسبها هذه الحركة من زاوية تأييد البطريرك ردا على الانتقادات والهجمات التي تعرض لها أخيرا من جهات معروفة ولذا اكتسب الدعم الذي جرى التعبير عنه امس من جانب معراب والمختارة أهمية خاصة.
وفي حين زارة وفد من القوات اللبنانية بكركي أمس، من المقرر ان يقوم وفد من التيار الوطني الحر بزيارة الصرح اليوم، عقب الرسالة التي سلمها وفد من كتلة التيار العوني باسم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى سفير الفاتيكان في لبنان وان لم تؤشر علانية الى الاستياء من مواقف البطريرك تجاه العهد الا أنها حملت في طياتها تجاوزا لدور بكركي ومحاولة مكشوفة للالتفاف على تحركات ومواقف البطريرك ولا سيما دعوته لعقد مؤتمر دولي لانقاذ لبنان وتحييده عن ملف صراعات المنطقة.
وفي حين لم يصدر اي موقف اوتعليق من بكركي عن موضوع رسالة باسيل للفاتيكان، بحسب “اللواء” الا ان مطلعين على فحوى الرسالة لاحظوا بوضوح انها صيغت باسلوب يجافي حقيقة الأوضاع المتردية جراء تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة وسوء ادارة السلطة من العهد ومسؤوليته المباشرة عن عرقلة تشكيل الحكومة ومحاولة قلب تردي الأوضاع العامة والازمة لتداعيات النزوح السوري واللاجئين الفلسطينيين، والاهم ماورد فيها مايتعلق بحقوق المسيحيين وما يتعرضون له من محاولات للتعدي على ماتبقى من هذه الحقوق والصلاحيات في السلطة وادارات الدولة ككل.
في حين لفتت “نداء الوطن” الى ان المذكرة تضمنت مناشدة باسيل للبابا وضع يده على الملف اللبناني ورعاية حل لأزمته انطلاقاً من كونها “أزمة وجودية مسيحية” تشكل تهديداً لحقوق المسيحيين في البلد، شاكياً في الوقت عينه إلى البابا مسألة النازحين واللاجئين وداعياً إياه إلى العمل مع المجتمع الدولي على إخراجهم من لبنان لكونهم يشكلون العبء الأثقل على خزينته العامة والتحدي الديموغرافي الأكبر لمسيحييه، ومتجاهلاً في الوقت نفسه ان حكومة حسان دياب الموالية للتيار و8 آذار لم تفعل شيئاً مع حليفتها دمشق في هذا الاطار.
في المقابل، ومن المرتقب ان يقوم وفد من كتلة المستقبل النيابية بدءا من اليوم بجولة على المرجعيات الروحية الإسلامية والمسيحية، يبداها بزيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بدار الفتوى وذلك لشرح مواقف الرئيس الحريري وتوجهاته من موضوع التشكيل والعوائق والعراقيل التي تعترض ولادة الحكومة الجديدة، والجهود والمساعي التي يقوم بها مع الدول الشقيقة والصديقة لدعم لبنان في مواجهة الازمة الحالية.