الازمة الحكومية تفتح ابواب التوترات السياسية وعودة لعبة الشارع
محمد بلوط-الديار
محاولات داخلية وخارجية لصبّ الزيت على نار دعوة بكركي لمؤتمر دولي
يتمدد الانهيار والاهتراء على مساحة البلد في ظل الخلاف المستمر والمستحكم حول جنس الملائكة للحكومة الجديدة بين طرفي النزاع الاساسي. ولا يبدو ان هناك معطيات جديدة تبعث على التفاؤل بامكانية احداث الخرق اللازم للخروج من الازمة الحكومية في وقت قريب.
وتخشى الاوساط المراقبة من حصول مضاعفات وتداعيات سلبية خطيرة في حال استمرت هذه المراوحة القاتلة، لا سيما مع بروز عناصر جديدة تصب في اطار توتير الاوضاع وزيادة حدة الانقسامات والخلافات على غير صعيد.
وينظر مرجع سياسي بارز الى التطورات الاخيرة نظرة متشائمة، محذرا من اننا كلما تأخرنا في تأليف الحكومة كلما دخلنا اكثر في النفق المظلم ودفعنا جميعا اثمان الانهيار الكبير.
وحسب المعطيات المتوافرة فان استمرار الازمة الحكومية سيؤدي الى تداعيات كثيرة، وسيفتح الباب امام توترات سياسية وفي الشارع ايضا، ومن بينها:
استمرار التدهور الاقتصادي والنقدي في ظل غياب حكومة فاعلة وقادرة تحظى بثقة دولية لكسب الدعم اللازم.
توسع الاحتجاجات الشعبية واهتزاز الشارع مجددا بسبب الضغوط المعيشية التي يتعرض لها اللبنانيون.
مخاطر شلل القطاعات الحيوية والخدماتية ومنها على سبيل المثال الكهرباء التي تستنزف الخزينة في ظل عدم تحريك الحلول والمشاريع اللازمة للخروج من الوضع الراهن.
ارتفاع حدة الصراعات السياسية وانعكاساتها على الاستقرار العام . ويبرز في هذا المجال محاولات البعض صب الزيت على النار بعد دعوة بكركي الى مؤتمر دولي حول لبنان وموقف الامين العام لحزب الله الذي حذر من سلوك هذه المغامرة وانعكاسها الخطير على لبنان.
واللافت ان بعض القوى والجهات الداخلية والخارجية لا تتورع عن السعي الى استغلال هذا الامر لاخذ البلد الى مساحة صراع جديد، بدلا من التركيز على تشجيع اجتراح الحلول للازمة الحكومية التي تعتبر على رأس الاولويات للخروج من الازمة.
ويقول مصدر في ٨ آذار «ثمة من يريد ان يستخدم كارثة انفجار مرفأ بيروت والانهيار الحاصل منصة لاستثمار انزلاق بكركي الى الدعوة لمؤتمر دولي حول لبنان لدفع الوضح نحو الهاوية، ولخوض مغامرة قاتلة.»
«فمنذ رفع البطريرك الماروني شعار المؤتمر الدولي سارع هؤلاء باشارة واحدة الى العزف مجددا على وتر التدويل، بل تجاوزوا سقف موقف بكركي واخذوا يرفعون رايتها في معركة لا تريدها اصلا ولا تفكر في خوضها لانها تدرك انها ضربا من المقامرة».
«اما رفع العرائض باستعراضات ومؤتمرات فهي بالمناسبة موروثة من خصومهم اليوم، وهي مسار فاشل لاسباب موضوعية داخلية وخارجية».
فعلى الصعيد الداخلي يدرك هؤلاء قبل غيرهم ان موازين القوى السياسية ليست لصالح مشروعهم او مغامرتهم، كما انهم يدركون جيدا ان لا يملكون وسائل الضغط الشعبي الذي يؤهلهم لتغليب خياراتهم، لا بل ان هذا السلاح ليس لصالحهم في كل الاحوال. ان
ما نشهده في هذا الاطار من مواقف وحركات استعراضية ليس سوى مغامرة دونكيشوتية، وهي تندرج ايضا في اطار دفع الفواتير المحسوبة لبعض الخارج لا اكثر ولا اقل».
وفي هذا الاطار يقول المصدر» ان استغلال بعض القوى السياسية المعروفة لموقف البطريرك الراعي ليس جديدا فهذه القوى دأبت دائما على محاولة تسلق درج بكركي وسعت الى المترسة وراء جدرانها في صراعها مع الآخرين».
ويضيف» ان من يريد ان يخلص الشعب اللبناني من معاناته عليه اولا ان يسعى بكل جهد لتشكيل الحكومة التي تعبر المعبر نحو الخروج من الازمة والانهيار، لا ان يلعب لعبة المعارضة المطلقة رافعا شعار الاستقلالية وراكبا موجة الثورة بينما كان وما زال منغمسا حتى رأسه في لعبة السلطة».
«وهناك ايضا من يهرب الى الامام مفتعلا مواجهات ليست في محلها بدلا من ان يساهم ويساعد في الضغط على من يعرقل تشكيل الحكومة حتى الان».
ويرفض المصدر توجيه البوصلة الى حزب الله، محملا اياه مسؤولية الوضع الراهن. ويرى ان هذا الموقف لا يخدم الحلول ولا يعكس حقيقة الازمة واسبابها».
ويسأل» لماذا يلمح او يحمل هؤلاء الحزب مسؤولية عدم تاليف الحكومة؟ وما هي مصلحة الحزب في ذلك؟ اليس حزب الله اليوم في موقع افضل بعد رحيل ترامب وبدء مرحلة التفاوض الاميركي الايراني؟ اليس هذا المناخ الجديد يسجل لصالح حزب الله اكثر من الاوقات السابقة؟»
وترد مصادر مؤيدة للتدويل ان هذه المطالبة هي نتيجة للتدهور الخطير الذي وصل اليه لبنان، وان القوى التي تتسلم زمام الامور في البلاد هي المسؤولة عن هذا الوضع لا سيما انها اقفلت وتقفل ابواب الحلول وساهمت في ايصال البلد الى الهاوية.
وترى ان انسداد آفاق الحلول الداخلية واستمرار تعطيل المبادرة الفرنسي يدفعا اللبنانيين الى خيارات اخرى يمكن البناء عليها وفي مقدمها دعوة البطريرك الماروني لعقد مؤتمر دولي برعاية الامم المتحدة لانقاذ لبنان والتزام لبنان الحياد.
وتعتقد هذه المصادر ان المسار الذي نشهده لعملية تشكيل الحكومة يؤكد ان الاطراف التي تقود هذه العملية عاجزة بل مسؤولة عن الازمة الحكومية، ولا يجوز ان تتنصل او ترمي التهم على الآخرين.