بولا مراد-الديار

وكأنه لا يكفي اللبنانيين النكبات التي تضربهم تباعا وهمومهم اليومية في كيفية تأمين حاجاتهم الاساسية بعد حجز المصارف على أموالهم، كما اضطرارهم للتأقلم مع الكوارث التي خلفها وباء «كورونا» ما أدى لفقدان مئات الآلاف وظائفهم ورزوح أكثر من نصفهم تحت خط الفقر، حتى أتى تهديد البنك الدولي بوقف اعطاء لقاحات «كورونا» للبنان على خلفية فضيحة تلقي 16 نائبا اللقاح بخرق واضح لشروط الخطة الوطنية، ليشكل صفعة مدوية بوجههم من المتوقع ان يكون لها صداها في الايام المقبلة خاصة وان معلومات تحدثت لـ»الديار» عن «استياء دولي كبير من هذا الخرق باعتبار ان المنظومة السياسية الحاكمة تؤكد مرة جديدة انها غير آبهة بالحصار الذي يتعرض له لبنان كما بالعقوبات التي طالت أكثر من شخصية سياسية وتتمادى بخروقاتها وارتكاباتها، ما يحتم مزيدا من الاجراءات المشددة بوجهها لردعها وانهاء بطشها المتمادي».

 

فضيحة النواب الـ16 

وانشغلت البلاد يوم أمس بما أعلنه المدير الإقليمي لدائرة المشرق في مجموعة البنك الدولي ساروج كومار، في تعليق له على مواقع التواصل الإجتماعي، عن تلقيه خبر تلقيح نواب وموظفي البرلمان الذين تزيد أعمارهم عن 75 عامًا، مهددا بوقف لقاحات كورونا بعد هذه المعلومات، معتبراً أن «هذا لا يتماشى مع الخطة الوطنية المتفق عليها مع البنك الدولي»، مضيفاً «سنسجل خرق الشروط والأحكام المتفق عليها معنا للتطعيم العادل والمنصف، فعلى الجميع التسجيل وانتظار دورهم»، موجهاً السؤال إلى وزير الصحة حمد حسن، ورئيس اللجنة الوطنية لإدارة اللقاح عبدالرحمن البزري.

ولم يتأخر البزري بالتلويح باستقالته قبل أن يعقد مؤتمرا صحافيا اعتذر فيه من اللبنانيين مؤكدا ان ما حصل «خرق لا يمكننا السكوت عنه وهو محاولة تمييز مجموعة من الناس نحترمها ونحترم دورها ولكن عندما نطلب من المواطنين النزول الى مراكز التطعيم فبالتالي لا يجوز التمييز». وأوضح البزري ان «البنك الدولي يراقب وسجّل الخرق اليوم وهو بصدد اتخاذ اجراء تجاهه».

من جهته، أوضح الامين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر أن «عدد النواب الذين تلقوا اللقاح 16 بوجود فريق من وزارة الصحة والصليب الاحمر»، لافتاً إلى أن «كل أسماء النواب الذين تلقوا اللقاح موجودة على المنصة الرسمية وحسب الفئة العمرية، وحان دورهم. وهذا ما فعلناه باعتبار ان النواب هم الاكثر عملا في القوانين واجتماعاتهم دائمة، وخوفا من ان ينقلوا العدوى الى المجتمع اذا ما أصيبوا».

وعُلم أن النواب الذين تلقوا اللقاح في مجلس النواب خلافاً للقانون هم:عبد الرحيم مراد، وهبة قاطيشا، مصطفى الحسيني، علي عسيران، نقولا نحاس، غازي زعيتر، ايلي الفرزلي، سليم سعادة، ياسين جابر، أنيس نصار، أسعد حردان، أنور الخليل، ميشال موسى، فايز غصن، البير منصور، إضافة الى 5 مديرين عامين وهم:عدنان ضاهر، رياض غنام، محمد موسى، نقولا منسى وسيمون معوض.

وفور شيوع الخبر، أوضح الصليب الأحمر اللبناني أن ليس له أي دور رقابي، تنظيمي أو عملاني في حملة التلقيح الوطنية.وقال في بيان: توضيحاً لأي مغالطات، يهمنا أن نؤكد أن فرقنا موجودة في كافة مراكز التلقيح حصراً لمساعدة أو إسعاف المواطنين من الفئة العمرية 75 وما فوق، وذلك في حال حدوث أي طارئ.وأكّد الصليب الأحمر التزامه بالواجب الإنساني لتقديم الدعم والاسعافات لكل إنسان في كل لبنان.

من جهته، أوضح رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل، في تصريح مسجل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انه «تلقى إتصالا من مجلس النواب، وطُلب منه بطاقة هويته وبطاقة هوية عائلته من أجل التسجيل وأخذ اللقاح من ضمن الدفعة الاولى». وأعلن الجميل أنه «رفض وعائلته التسجيل لانه لا تنطبق عليهم الاولويات لاخذ اللقاح»، مبيناً انه يتم الاتصال بكافة النواب والوزراء الحاليين والسابقين من أجل التسجيل وأخذ اللقاح.

دفع دولي للنزول عن الشجرة

وبالرغم من ان فضيحة النواب و»كورونا» طغت على المشهد، الا انه كان لافتا بالأمس الحركة والمواقف الدبلوماسية الدافعة لتشكيل سريع للحكومة اللبنانية. وقالت مصادر مطلعة لـ»الديار» ان هناك «دفعا دوليا غير مسبوق لحل الازمة الحكومية»، لافتة الى «مجموعة مخارج يتم التداول بها لانزال رئيس الجمهورية كما رئيس الحكومة المكلف عن الشجرة بعدما رفعا في الآونة الاخيرة كثيرا السقف فبات اي طرح يصور على انه تنازل يقوم به احدهما». وأضافت المصادر:»المخارج الاساسية التي يتم التداول بها هي رفع عدد وزراء الحكومة الى 22 مقابل تخلي عون عن الثلث المعطل»، لافتة الى انه «وبالرغم من ان الطرفين المعنيين يصران على نفي التوصل الى اي اتفاق او تفاهم في ها المجال، لكن يبدو ان هناك جوا دوليا يدفع في هذا الاتجاه من المفترض ان يتبلور بعد الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى السعودية».

ويوم أمس، حذرت المفوضية الأوروبية من ان الوضع في لبنان يتدهور ويجب تشكيل الحكومة من دون تأخير. واشار الاتحاد الاوروبي الى «إجماع دولي حول استحالة دعم لبنان في غياب حكومة الإصلاح».

ولفت اللقاء الذي جمع السفير السعودي وليد بخاري بالسفيرة الأميركيّة دوروثي شيا. وقد قال بخاري بعد اللقاء ان «الموقف السعودي يشدد على التزام المملكة بسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه وبشكل خاص على ضرورة الإسراع بتأليف حكومة قادرة على تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني».

كذلك التقى سفير لبنان في فرنسا رامي عدوان بنظيره السعودي فهد الرويلي، وتمّ التداول بتطورات العلاقات الثنائية والإقليمية انطلاقاً من مكانة المملكة في منطقة الشرق الأوسط، والتأكيد على علاقات الودّ والأخوة بين البلدين، كما وعلى حرص المملكة على مواكبة جهود اللبنانيين في نهضة بلدهم ونموّه في شتّى المجالات.

وباطار الحركة الدبلوماسية التي شهدها لبنان يوم امس، التقت القائمة بأعمال مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وتم البحث، بحسب بيان لمركز الاعلام في الامم المتحدة، «في آخر المستجدات في لبنان، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة وتأثيرها على الشعب اللبناني. واستمعت رشدي إلى طرح وآراء البطريرك الراعي بشأن عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان».

وأشار البيان الى أن «رشدي جددت دعم الأمم المتحدة الطويل الأمد والمستمر للبنان، بالتعاون مع شركاء دوليين آخرين، بما في ذلك من خلال الدعم الإنساني والمساعدة على التعافي وإعادة الإعمار في أعقاب انفجار مرفأ بيروت المأساوي العام الماضي، وكذلك أثناء حالة الطوارىء الصحية الناجمة عن انتشار وباء كورونا واثناء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة. ولقد أعيد التأكيد على هذا الدعم في المؤتمر الدولي الذي عقد في 2 كانون الأول الماضي برئاسة فرنسا والأمم المتحدة لدعم الشعب اللبناني».

ولفت البيان الى أن «الأمم المتحدة تأمل أن يعطي قادة لبنان الأولوية للمصلحة الوطنية اللبنانية وأن يتجاوزوا بسرعة، خلافاتهم لتشكيل حكومة جديدة لمعالجة التحديات العديدة في البلاد وتلبية تطلعات الشعب اللبناني وتطبيق الإصلاحات اللازمة. كما أكدت التزامها بدعم لبنان واستقراره واستقلاله السياسي وسيادته».

وباطار المساعي لتأمين مزيد من الغطاء السياسي لطروحات البطريرك الماروني بشارة الراعي، عقد يوم أمس اجتماع موسع بين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وأركان لقاء سيدة الجبل وحركة المبادرة الوطنية عبر المنصة الالكترونية «زوم» بمشاركة المنسق العام للقاء النائب السابق فارس سعيد، النائب السابق أحمد فتفت، النائب السابق انطوان اندراوس، مستشار رئيس الحزب رامي الريس وعدد كبير من الشخصيات الثقافية والإعلامية المنضوية في المؤسستين.

ومن المرتقب ان يزور وفد من تكتل «الجمهوريّة القويّة» البطريرك الراعي في بكركي «للتضامن معه والوقوف إلى جانبه في دعوته إلى حياد لبنان عن الأزمات الإقليميّة والدوليّة وإلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لمساعدة لبنان على إعادة إنتاج السلطة واستعادة سيادته الوطنية الكاملة». في وقت تستمر التحضيرات لتحرك شعبي موسع باتجاه بكركي يوم السبت ولتأمين مزيد من الدعم الدولي.

 فرعية نكاية بعون؟ 

في هذا الوقت، لفتت حركة وزير الداخلية العميد محمد فهمي بين بعبدا وعين التينة. وأفاد مكتب رئاسة الجمهورية بأن الرئيس عون عرض مع فهمي يوم امس الأوضاع الأمنية في البلاد في ضوء التقارير التي ترد من الأجهزة الأمنية خصوصا في ظل حال التعبئة العامة المفروضة نتيجة انتشار وباء « كورونا». كذلك تطرق البحث الى موضوع الانتخابات النيابية الفرعية لملء المقاعد العشرة الشاغرة في مجلس النواب. كذلك افيد عن لقاء مماثل جمع فهمي برئيس المجلس النيابي نبيه بري. وشككت مصادر مطلعة بنية المنظومة السياسية اجراء الانتخابات الفرعية مرجحة عبر «الديار» ان ما يحصل محاولة من قبل بري الحرتقة على عون باطار الكباش المتواصل بينهما وبخاصة مؤخرا على خلفية الملف الحكومي والثلث المعطل، خاصة وان معظم النواب الذين يفترض ملء مقاعدهم هم من المسيحيين.