الراعي يرفض “الثلث المعطّل” وسلوك المعطّلين… والمتاجرة بحقوق المسيحيين
يقوم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بجولة إتصالات جديدة لعلّ وعسى تؤدّي إلى تحقيق تقدّم في ملف تأليف الحكومة بعد تصلّب كل طرف بمواقفه.
لم ينفع لا التهويل ولا التهديد والوعيد مع سيّد الصرح، فالبطريرك الراعي الذي رافق البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير في مسيرة مواجهة الإحتلال السوري يعتبر نفسه مؤتمناً على مسيرة عمرها أكثر من 1500 سنة، لذلك لن يخضع لقوى تحاول تغيير وجه لبنان، ويُصرّ أكثر من أي وقت مضى على خوض معركة الحياد بحزم لأنها تُشكّل خشبة الخلاص لهذا البلد.
من هنا، يبرز نشاط الراعي المتواصل لتأمين استمرار عمل المؤسسات الدستوريّة في أحلك مرحلة في تاريخ الأمّة اللبنانية، ولن يستسلم أمام العراقيل التي توضع في مجال تأليف حكومة “المهمّة” على رغم أن أي طرف من الأطراف الفاعلة لم يُقدّم تنازلاً لمصلحة الشعب.
وفي السياق، يبرز رفض الراعي بأن يكون لأي طرف ثلث معطّل حسب مصادر كنسية، والتي تؤكّد لـ”نداء الوطن” أن كل هذا الجدل لا يُنقذ وطناً، بالأساس الحكومة يجب أن تكون حكومة مهمة تتألف من أشخاص إختصاصيين، فكيف حضرت حصص للأحزاب والقوى؟ ولماذا هذا التقاتل على تقاسم “الجبنة” في بلد منهوب بسبب تراكم السياسات الخاطئة؟ وتشير المصادر الكنسية إلى أن “حصول رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل أو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على الثلث المعطّل لا يردّ حقوق المسيحيين، فالزمن الآن هو زمن عمل وليس زمن تعطيل”.
وأمام الإستشراس من جانب “التيار العوني” للحصول على هذا الثلث وعدم دعم بكركي لهذا الموقف، والتخوّف من أن يشنّ “التيار” حملة على الصرح البطريركي واتّهامه بالتخلّي عن حقوق المسيحيين، تؤكّد المصادر الكنسية أن “الراعي يعمل على إنتاج حكومة إصلاحية، وعندما تنجح هذه الحكومة تتأمّن حقوق اللبنانيين جميعاً ومن ضمنهم المسيحيون، وكل الكلام الآخر مزايدات، فلا أحد حريص على حقوق اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، أكثر من البطريرك، لذلك فإن المعركة هي لإنقاذ البلد والشعب معاً لأنه ماذا تنفع الكراسي والوزارات إذا لم يعد هناك من شعب يعيش على هذه الأرض؟”.
وتلفت المصادر إلى أن “بكركي أكثر حرصاً على المؤسسات الدستورية ومن ضمنها رئاسة الجمهورية، وهي ترى أن صلاحية رئيس الجمهورية في تأليف الحكومة تتمثّل بإعطاء رأيه ورفض أو تأييد أي وزير يُقترح من كل الطوائف وإختيار الأنسب من بين الوزراء، أما حصر الرئيس بحصّة مسيحية لفئة واحدة من المجتمع المسيحي فهذا أكبر ضرب لصلاحيات الرئيس، لذلك فإن الرئيس أمام دور تاريخي وهو اختيار أنظف الوزراء بالشراكة مع رئيس الحكومة، ويجب ان يتدخّل في كل التسميات، لكن ليس من ضمن منطق المحاصصة بل من ضمن منطق إختيار الوزير المناسب في المكان المناسب”. وترى المصادر أن “معركة الصلاحيات مفتعلة”، وهنا تسأل: “إذا أخذ رئيس الجمهورية وزيراً بالزائد تصل للمسيحيين حقوقهم؟ وهل هذا الأمر يُعيد ما تدمّر من أحياء بيروت ويشفي الجرحى؟ وهل نيل الثلث المعطّل يوقف نزيف الهجرة المسيحية ويُعيد الأمل بالوطن؟ فإذا كان هذا الثلث يفعل كل ذلك فليكن”.
ومن جهة ثانية تسأل المصادر الرئيس المكلّف سعد الحريري: “هل خوض معركة الدفاع عن صلاحيات رئيس الحكومة يُطعم الفقراء السنّة في طرابلس وكل لبنان؟ وهل ادّعاء الدفاع عن حقوق السنة يُصلح الوضع الإقتصادي ويُنهي مظاهر مراكب الموت التي تُبحر من شواطئ هذا البلد؟ وهل الحصول على هذه الأمور يوقف عجلة الإنهيار وتعود حقوق الطائفة؟”.
وأمام كل هذه الوقائع، تدعو بكركي عون والحريري وكل القوى الأخرى إلى وقفة ضمير أمام الله والشعب وتأمين ولادة الحكومة والخروج من المتاريس الطائفية والنظر إلى وجع الناس، لأن الناس ستنتفض على الواقع وبكركي تقف إلى جانب الشعب المنتفض.