مجيد صفاتاج في حديث لـ “الوقت”: التعددية في حركة فتح نتيجة للمطالبة بإنهاء مسار التسوية مع الكيان الصهيوني
الوقت – تفيد الأنباء التي نشرتها وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية، أن حركة فتح تتجه نحو أزمة سياسية بسبب الانقسامات والخلافات قبل انتخابات 1 حزيران 1400، بحيث فشلت اللجنة المركزية لهذه الحركة في “رام الله” في اجتماعها الأخير، في حل الكثير من الخلافات بشأن قضايا الانتخابات المقبلة.
مع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، هل يمكن للانقسامات الداخلية في حركة فتح أن تؤخر الانتخابات؟ كما أن العلاقة بين حماس وفتح من المحتمل أن تتأثر نتيجةً لهذا الاتجاه. ولمتابعة هذه القضايا، استطلع موقع “الوقت” آراء “مجيد صفاتاج” الخبير في الشؤون الفلسطينية.
تعارض القوى العملياتية داخل حركة فتح إرادة القيادة السياسية لتقديم تنازلات
فيما يتعلق بالأنباء عن احتمال تأجيل الانتخابات من قبل محمود عباس، بسبب الخلافات الداخلية في هذا التيار السياسي لتقديم قائمة مشتركة وانعكاسات ذلك على العملية الانتخابية، يرى “مجيد صفاتاج” الخبير في الشأن الفلسطيني أن جذور الخلافات الداخلية بين حركة فتح والسلطة الفلسطينية لا تتعلق فقط بتأسيس السلطة الفلسطينية، ولكن أيضاً بتطورات أوائل الخمسينيات. بعد تشكيل حركة فتح، حاولت الدول العربية إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية من أجل السيطرة على المقاومة الفلسطينية.
وأضاف إن “حركة فتح التي كانت أيضاً عضواً في منظمة التحرير الفلسطينية، غيرت بشكل تدريجي أسلوبها في القتال. وعليه، تحوَّل أساس الكفاح المسلح إلى التفاوض والنضال السياسي، الذي هو نفسه متأثر بمقاربة الأنظمة العربية التصالحية تجاه الغرب. ولذلك، يمكن رؤية جذور هذه المشكلة في حقيقة أن جزءًا من حركة فتح قد واجه تحوُّلاً نحو التصالح والتسوية، واستمرت هذه الخلافات منذ بدء المفاوضات الثنائية مع الكيان الصهيوني في السنوات التي تلت عام 1991، وتوقيع الاتفاق الذي وضع فتح فعليًا في قطار التسوية مع الكيان الصهيوني. وقد تسبب هذا الحدث دائماً في استياء واحتجاج بعض التيارات والشخصيات السياسية. في الواقع، كان جزء من قيادة وجسد حركة فتح ولا يزال يعارض هذا النهج التصالحي تجاه الكيان الصهيوني والتسوية معه”.
وتابع صفاتاج: “حتى بعد سيطرة حماس على قطاع غزة في عام 2005، دخل تيار التسوية والمصالحة في حركة فتح في الحرب مع هذه الحرکة. لكن تدريجياً، وعندما رأينا فشل وعود التسوية والتفاوض مع الکيان الصهيوني، فقدت السياسة القائمة على التسوية مصداقيتها أكثر فأكثر. في الواقع، بعد ما يقرب من 30 عامًا من المحادثات الثنائية، نری أنه لم يتم تحقيق أي شيء للفلسطينيين، والآن يعارض جزء كبير من حركة فتح هذه الممارسة. وفي الوضع الحالي، لا تهتم قوى فتح العملياتية كثيرًا بالتفكير التنظيمي واتباع السياسات القيادية لحركة فتح، ما جعل من الصعب تقديم قائمة مشتركة.
تسعى حماس إلى الحفاظ على صورتها الشعبية وشرعيتها لدى الفلسطينيين
في جزء آخر من تصريحاته بخصوص تصريحات قادة حماس بأنهم لا يسعون لرئاسة السلطة الفلسطينية، وعما إذا تم التوصل إلى اتفاق بين فتح وحماس، أكد الخبير في الشؤون الفلسطينية: “في البداية، من الضروري الانتباه إلى حقيقة أن حركة حماس ليس لديها شبكة تنظيمية متماسكة للغاية، بحيث تقدم مواقفها المحددة بشكل موحد. وفي المستوى الثاني، يجب ألا يغيب عن البال أن العلاقة بين حماس وفتح يمكن تفسيرها بشكل أكبر على شكل الصداقة والأخوة، رغم وجود اختلاف في المواقف دائمًا بين المجموعتين. تتشابه سياسة حماس الحالية مع سياسة حزب الله في لبنان، حيث حاولت لأسباب سياسية عدم الترشح مباشرةً للمناصب الإدارية”.
وقال صفاتاج: “حتى الآن، لم تقبل حماس العضوية في منظمة التحرير الفلسطينية. لأنه إذا دخلت هذه المنظمة، فيجب أن تقبل قواعد ومطالب هذه المنظمة، ومن بينها الاعتراف بالکيان الصهيوني. ولذلك، فإن حماس الآن غير راغبة في قيادة السلطة الفلسطينية، وقد أدى ذلك إلى حد ما إلى شعبية الحركة وشرعيتها بين المواطنين الفلسطينيين. وبالتالي، لا تنوي حركة حماس أن تفقد شعبيتها وشرعيتها بقبولها منصب رئيس السلطة الفلسطينية”.
نتيجة الانتخابات ستتعزز تيارات المقاومة الفلسطينية
وحول آثار الانتخابات على النضال الفلسطيني الداخلي والدولي ضد الاحتلال الإسرائيلي وعملية تطبيع العلاقات بين تل أبيب والدول العربية، قال صفاتاج: “من أجل تقييم هذا الموضوع بدقة، يجب مراجعة الانتخابات الفلسطينية الأخيرة. بالنظر إلى جميع الانتخابات التي جرت في التسعينيات، نرى بشكل أساسي أن هذه الانتخابات في فلسطين كانت على غرار حزب الله في لبنان، ومستوحاة من الثورة الإسلامية في إيران. ومن المرجح أيضًا أن يؤدي إجراء انتخابات جديدة في فلسطين إلى إضعاف موقع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتقوية موقع القوى الفلسطينية المناضلة. ولذلك، يمكن التأكيد بجرأة على أن إجراء أي انتخابات نيابية سيؤدي إلی تقوية محور المقاومة والعودة إلى أفكار الخمسينيات، عندما كان الكفاح المسلح هو الهدف الأساسي للفصائل الفلسطينية”.