كتب المحرّر السياسيّ-البناء
تتسارع الخطوات التي تعبّر عن تقدّم المساعي نحو العودة الأميركية عن العقوبات المفروضة على إيران مقابل تراجع إيران عن الخطوات التصعيدية التي اتخذتها من خارج الاتفاق بعد انسحاب واشنطن منه وعجز أوروبا عن تنفيذ موجباتها، وصولاً لاستعادة الزخم للاتفاق من قلب منظومة الـ 5+1، وأبرز الخطوات المعلنة أمس، كان إعلان حكومة كوريا الجنوبيّة عن تمكين إيران من التصرّف بأموالها المجمّدة في مصارف سيول والبالغة 7 مليارات دولار من عائدات بيع إيران لمنتجاتها النفطية، وبالتوازي الإعلان عن إمكانية استخدام إيران أموالاً مجمّدة في المصارف العراقيّة من عائدات بيع الغاز والكهرباء للعراق، والخطوات تأتي استكمالاً للتفاهمات التي يقودها مفوّض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بين واشنطن وطهران، بصورة لا تعبّر عنها البيانات المنطلقة من خطاب الحقوق والمواقف الصادر في كل من العاصمتين.
التوقعات التي تقدّمها مصادر دبلوماسية أوروبية تضع انعقاد اجتماع غير رسميّ لمجموعة الـ 5+1 خلال النصف الأول من الشهر المقبل، تحضره كل من واشنطن وطهران، يفتح الباب لمناقشة مقاربات الطرفين ونظرتيهما للاتفاق النووي، وبدء نوع من التفاوض الأكثر قرباً بمشاركة الآخرين، بدلاً من التفاوض عن بُعد وعبر وسطاء، وإتاحة الفرصة لخلق مناخات إيجابية على المستوى الدولي والإقليمي تساهم في تسريع البحث عن خريطة طريق العودة الكاملة للاتفاق النووي، بينما تكون خطوات إعادة بناء الثقة قد بلغت مراحل متقدّمة، سواء بتجميد إيران خطواتها التصعيدية، وإزالة واشنطن للتعقيدات من طريق وصول إيران إلى أموالها المجمدة بفعل العقوبات، أو بعمليات إفراج متبادلة متوقعة عن موقوفين في البلدين.
لبنانياً، تستعدّ بيروت لتشييع المناضل الأمميّ والمفكر العربي أنيس النقاش بعد ظهر اليوم، بحيث يشارك الأهل والأصدقاء وعدد من الشخصيات السياسية في تشييع رمزيّ فرضته ظروف مواجهة كورونا، بعدما تحوّل رحيل النقاش إلى حدث لبنانيّ وعربيّ ودوليّ فكانت برقيّة تعزية معبّرة من الرئيس السوري بشار الأسد، وأخرى من مكتب مرشد الجمهورية الإسلاميّة الإمام علي الخامنئي، إضافة لنعي فصائل المقاومة في فلسطين وعدد من الهيئات العربيّة والدوليّة التحرريّة والمتضامنة مع القضية الفلسطينيّة.
في دمشق زار وفد قيادي من الحزب السوري القومي الاجتماعي نائب وزير الخارجية السورية بشار الجعفري مهنئاً بتسلّمه مسؤولياته الجديدة، مشيداً بأدائه في تمثيل سورية في الأمم المتحدة، ومؤكداً على حتمية نصر سورية، في ظل قيادة الرئيس بشار الأسد وتضحيات الشعب وبسالة الجيش السوري.
أكد الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ أنّ سورية صمدت وانتصرت بشجاعة وحكمة الرئيس السوري وبالقرار الحاسم بالمواجهة وبأداء وتماسك القيادة السياسية والدبلوماسية وببسالة الجيش السوري وتضحياته وبصمود الشعب، ما شكل عناصر قوة حاسمة في المواجهة التي خاضتها سورية ضدّ الإرهاب ورعاته الدوليين والإقليميين وبعض العرب.
جاء ذلك خلال زيارة قام بها وفد من قيادة «القومي» لنائب وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الجعفري. وضمّ الوفد رئيس المكتب السياسي للحزب عضو القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدميّة الدكتور صفوان سلمان، عضو المكتب السياسي عضو مجلس الشعب د. أحمد مرعي وعضو المكتب السياسي طارق الأحمد.
وهنّأ الوفد الجعفري بمنصبه الجديد، وأشاد بدوره خلال توليه مسؤولية مندوب سورية لدى الأمم المتحدة، حيث شكّل خط دفاع دبلوماسياً في المحافل الدولية عن السيادة والكرامة السورية، داحضاً الأضاليل والأباطيل والأكاذيب، وفاضحاً تورّط الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية في دعم الإرهاب والتطرّف، ورعاية الحرب الكونيّة على سورية.
من جهته شكر الجعفريّ الوفد على تهنئته، مؤكداً عمق العلاقة مع الحزب القومي وقيادته.
في غضون ذلك، وفيما لا تزال حكومة لبنان في الحجر السياسي، أثار حصول بعض النواب على اللقاح في المجلس النيابي جدلاً واسعاً، ما دفع البنك الدولي للتلويح بتعليق تمويل القرض المخصّص للبنان لاستيراد اللقاحات. وقال المدير الإقليمي للبنك الدولي، ساروج كومار جاه على تويتر: «في حال التأكد من المخالفة، قد يعلق البنك الدولي تمويل اللقاحات ودعم التصدي لكوفيد-19 في جميع أنحاء لبنان… أناشد الجميع، أعني الجميع، وبغضّ النظر عن منصبكم، أن تسجلوا أسماءكم وتنتظروا دوركم». إلا أنّ مصادر مطلعة لـ «البناء» استبعدت أن يعلق البنك الدولي دعمه للبنان أو القروض المخصّصة له لاستيراد اللقاحات، مشيرة الى أنّ «هناك اتفاقية قرض مع البنك الدولي ولا يمكن تجميدها»، مشيرة الى انّ «البنك الدولي سيضغط على المسؤولين اللبنانيين لإخضاع عملية التلقيح لمعايير الشفافية».
كما أثار هذا الأمر امتعاض رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري الذي لوّح أيضاً بالاستقالة من رئاسة اللجنة.
وفيما اعتبر بعض النواب وجهات سياسية تلقي النواب اللقاح في مجلس النواب خلافاً للقانون، أوضح الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر أنّ «عدد النواب الذين تلقوا اللقاح 16 بوجود فريق من وزارة الصحة والصليب الأحمر»، لافتاً إلى أنّ «كلّ أسماء النواب الذين تلقوا اللقاح موجودة على المنصة الرسمية وحسب الفئة العمرية، وحان دورهم. وهذا ما فعلناه باعتبار أنّ النواب هم الأكثر عملاً في القوانين واجتماعاتهم دائمة، وخوفاً من أن ينقلوا العدوى الى المجتمع إذا ما أصيبوا».
وأبدت مصادر نيابية استغرابها حيال الحملة التي يتعرّض لها المجلس النيابي والنواب الذين تلقوا اللقاح، متسائلة لـ «البناء»: وهل تلقيح عدد من النواب الذين يتعدّى أغلبهم سنّ السبعين عاماً يعتبر جريمة وطنية؟ علماً أنّ أغلب هؤلاء النواب مشمولين ضمن المرحلة الأولى للتلقيح ممن تتجاوز أعمارهم الـ 70 سنة والمصابين بأمراض مزمنة». مشيرة إلى أنّ الموضوع حمل أكثر مما يحتمل فيما 16 لقاحاً من أصل 36 ألف لقاح لن يؤثر على عملية التلقيح لا سيما أنّ دفعات إضافية ستأتي الى لبنان من روسيا وبريطانيا وأميركا.
وأوضح عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور ميشال موسى لـ «البناء» أنه تلقى «اللقاح الخميس الماضي في المستشفى الحكومي في صيدا بصفتي طبيباً وليس في المجلس النيابي كما يُشاع». ولفت موسى الى «أنني تقدّمت بطلب عبر نقابة الأطباء التي أرسلت الأسماء الى وزارة الصحة التي سجلت الأسماء بعد أيام عدة وتلقيت الطعم».
وأفيد أن أحد الصحافيين في وكالة رويترز هو الذي أثار الموضوع وأرسل رسالة الى المدير الإقليمي للبنك الدولي. وأشارت أوساط نيابية لـ «البناء» الى انّ «البنك الدولي هو الذي أثار هذا الموضوع في الإعلام ولم يكن موفقاً وتسرّع في موقفه ونضعه في إطار الفقاعة الإعلامية لا أكثر ولا أقلّ، وإذا كان هناك خلاف بين البنك ووزارة الصحة لا علاقة للمجلس النيابي».
وقد أثار الأمر أيضاً امتعاض رئاسة المجلس النيابي وقد أجرى أحد النواب بحسب ما علمت «البناء» اتصالاً بالبنك الدولي وحصلت مشادة لمدة ساعة وأصرّ النائب على ساروج كومار جاه «الاعتذار من المجلس النيابي أو مغادرة لبنان». وأضافت «كم جان عبيد يريدون أن يرحل لكي يسمحوا للنواب بتلقي اللقاح؟»، وأضاف: «لو تلقى جان عبيد اللقاح لكان أنقذ حياته وكان بيننا الآن».
وقال النائب نقولا نحاس لـ «البناء» «إنّ هناك 52 مركزاً للقاح في لبنان والمجلس النيابي هو المركز الـ 53 وسجلنا أسماءنا كنواب على المنصة الرسميّة واتصلوا بنا من وزارة الصحة وتقرّر تلقينا اللقاح في المجلس النيابي مع عائلاتنا، وبالتالي لم نخالف البروتوكول ولا القانون». ولفت نحاس الى أنّ «كلّ المتلقّحين الـ 16 هم فوق الـ 70 سنة ومنهم يعانون من أمراض مستعصية». ولفت نحاس إلى أنه لم يجر تلقيح عائلاتنا كما أنّ أكثر من نائب حضروا الى المجلس لتلقي اللقاح وبعدما تبيّن أنهم تحت سن الـ 70 كالنائب أيّوب حميّد مُنعوا من التلقيح».
وعُلم أنّ النائب ألان عون مصاب بوباء كورونا.
على صعيد آخر لم يسجّل الملف الحكومي أي جديد ولم يشهد قصر بعبدا ولا بيت الوسط أي حركة أو لقاءات ما دفع بمصادر التيار الوطني الحر لطرح علامات استفهام حول أسباب تمترس الرئيس المكلّف سعد الحريري على موقفه وعدم قيامه بأيّ حركة داخلية او مبادرة باتجاه بعبدا تتضمّن اقتراحات جديدة او تعديلاً على صيغته القائمة. ولفتت لـ»البناء» الى انّ جولتي الحريري الخارجيتين لم تحرزا أية نتائج إيجابية على المستوى الحكومي. في المقابل لم يخرج أي تعليق من بيت الوسط حيال كلام باسيل. وأشارت اوساط مستقبلية لـ»البناء» الى انّ الحريري لا يزال متمسكاً بصيغة الـ 18 وزيراً ولم يعُد لديه ما يقدّمه وليس بوارد تبديل او تعديل الطرح الذي قدّمه لعون ويعبّر عن جوهر المبادرة الفرنسية، وهو أيضاً ليس بوارد الاعتذار وهو قام بواجبه والكرة في ملعب بعبدا». فيما علمت «البناء» أنّ رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط أبلغ المعنيين رفضه صيغة الـ 22. فيما واصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحذيره من التأخير بتأليف الحكومة لما له من تداعيات خطيرة على الوضع الاقتصادي والمالي.
ولفتت مصادر نيابية ومطلعة على الوضع المالي لـ «البناء» الى أن لا حكومة في المدى المنظور وكلّ الكلام عن جهود ومبادرات وحراك لتأليف الحكومة غير جدي، محذّرة من انفجار اجتماعي قريب بعد رفع الدعم الذي بات محتماً، بحسب معطيات مصرف لبنان. ودعت المصادر الرئيسين عون والحريري إلى أخذ المبادرة والحوار والاتفاق على الحكومة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان الذي أبدى استعداده لمساعدة لبنان مالياً بعد تأليف حكومة قادرة على الإصلاح.
وفي سياق ذلك أشار مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية، النائب السابق أمل أبو زيد أن «روسيا تعتبر أن إطالة أمد الأزمة في لبنان له انعكاس سلبيّ على الواقع الاجتماعي والأمني والسياسي والاقتصادي، وهي تدعو دائماً القوى السياسية الى التوصل لاتفاق من أجل تشكيل الحكومة، وللأسف البعض يذهب الى روسيا من اجل تقديم الشكاوى». ولفت الى أنه «ليس هناك اي مبادرة روسية لحل الأزمة الحكومية، وبوغدانوف أوضح أن «روسيا تتمنى ان تقوم القوى السياسية في لبنان بالتنسيق في ما بينها من اجل الحصول على اتفاق بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وعون ليس من الأشخاص الذين نقوم بإعطائهم أوراقاً من أجل الحصول على إمضاء فقط».
واستغرب تكتل لبنان القويّ بعد اجتماعه الدوريّ إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل «عدم صدور أي ردود إيجابيّة من المعنيين في عملية التأليف تفتح أبواب النقاش المنطقي على المبادرة التي أطلقها رئيس التكتل على قاعدة العدالة والشراكة وعلى قاعدة الحكومة مقابل الإصلاحات».
وأعلن التكتل تأييده لما صدر عن لقاء خلدة برفض الإجحاف في تمثيل الطائفة الدرزية بوزير واحد والتعدّي على حقوقها في تكوين السلطة. كذلك أيّد موقف البطريرك ومطارنة طائفة الروم الكاثوليك بضرورة حفظ حق الطائفة في التمثيل الواجب بأكثر من وزير واحد في الحكومة.
وكان وفد من التيار الوطني الحر ضمّ النائب سيزار أبي خليل والوزير السابق منصور بطيش، زار السفير البابويّ في لبنان المونسنيور جوزف سپيتاري، ونقلا إليه مذكرة من باسيل وبحثا معه التطورات اللبنانية، وما تضمّنته كلمة البابا عن لبنان أمام السلك الدبلوماسي قبل أيام.
إلى ذلك، حذّرت المفوضية الأوروبية من أن الوضع في لبنان يتدهور ويجب تشكيل الحكومة من دون تأخير. وأشار الاتحاد الأوروبي الى «إجماع دوليّ حول استحالة دعم لبنان في غياب حكومة الإصلاح».
وأكد السفير السعودي وليد بخاري خلال لقائه السفيرة الأميركيّة دوروثي شيا «التزام المملكة بسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه وبشكل خاص على ضرورة الإسراع بتأليف حكومة قادرة على تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني».
في غضون ذلك، صدّق مجلس النواب مشروع قانون اتفاقية قرض البنك الدولي وأحاله الى الهيئة العامة للمجلس. وأعلن النائب إبراهيم كنعان بعد اللجان المشتركة عن إقرار اتفاقية القرض مع البنك الدوليّ مبدئياً مع الأخذ بملاحظات النواب والتزمت الحكومة بالتنفيذ. وتابع «ستكون هناك تقديمات نقديّة في ضوء قرض البنك الدولي والتعديل الذي طرحناه يحسّن شروط القرض». أضاف «سيُعاد تكوين قواعد البيانات للمستفيدين لتصحيح الشوائب وسيتم اعتماد مراجع محايدة في تحديدها». وتوقعت مصادر مجلسية أن يقرّ القانون في جلسة عامة سيدعو إليها رئيس المجلس خلال وقت قريب ومن ثم يوضع القرض موضع التنفيذ من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية ورئاسة الحكومة ووزارة الدفاع، بعد توحيد قاعدة البيانات بين الشؤون الاجتماعية والجيش اللبناني.