برّي والإنتخابات الفرعية: شكلاً ومضموناً مع إجرائها إلّا إذا…
عبد الكافي الصمد-سفير الشمال
بعد الإتصال اللافت الذي أجراه، الأسبوع الماضي، رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، ودعاه فيه إلى تحديد موعد لإجراء الإنتخابات النيابية الفرعية بهدف ملء الشغور في 10 مقاعد شاغرة في المجلس، زار فهمي أمس برّي في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث عرض معه، وفق المكتب الإعلامي في الرئاسة الثانية، ″الأوضاع الأمنية، وموضوع الإنتخابات النيابية الفرعية″، إلا أنّ فهمي غادر من دون الإدلاء بتصريح، في حين لم يصدر عن رئيس المجلس أي شيء عن مضمون اللقاء.
موضوع الإنتخابات الفرعية لملء المقاعد النيابية الشاغرة كان محل تداول منذ استقالة ثمانية نواب من المجلس بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، والتي اعتبرها المجلس النيابي سارية بعد 9 أيام من تقديم النوّاب إستقالاتهم، وهم: مروان حمادة، هنري حلو، بولا يعقوبيان، نديم الجميل، سامي الجميل، إلياس حنكش، نعمة أفرام وميشال معوض، قبل أن يرتفع عدد المقاعد النيابية الشاغرة إلى عشرة، بوفاة النائبين ميشال المر في 31 كانون الثاني الماضي، وجان عبيد في 8 شباط الجاري.
خلال اتصال برّي بفهمي، وفق المعلومات المتداولة، أوضح رئيس المجلس له أنّ “التخلّف عن إنجاز هذا الإستحقاق يُشكّل مخالفة للمادة 41 من الدستور”، وأن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال قد “وعده بدعوة الهيئات الناخبة في مهلة أقصاها أواخر شهر آذار المقبل، على أن تُجرى الإنتخابات في شهر حزيران المقبل، أي قبل أقل من عام على انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي”.
إتصال برّي بفهمي لهذه الغاية لم يكن الوحيد الذي أجراه رئيس المجلس، بل اتصل أيضاً برئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، لكن الأخير تردّد في الموافقة على إجراء الإنتخابات النيابية الفرعية لأسباب عدّة، أبرزها مخاطر تفشّي فيروس كورونا، لأن إجراء إنتخابات وحملات إنتخابية يتطلب الإلتزام بتدابير وقائية سيكون صعباً جدّاً توفيرها، فضلاً عن التكلفة المالية لإجراء إنتخابات في بلد بات شبه مفلس.
إصرار برّي على إجراء الإنتخابات النيابية الفرعية، في الشّكل، تردّه أوساط سياسية إلى تشديده على ممارسته مهامه الدستورية من جهة، ولأنّه رئيساً لمجلس “سيّد نفسه”، ومن جهة أخرى رفعه المسؤولية عنه، بعد اتهامات عدّة وُجّهت إليه بأنّه متقاعس في إجرائها، وأنّ ميثاقية المجلس باتت على المحكّ، لأن المقاعد النيابية العشرة الشاغرة تعود إلى تسعة نوّاب مسيحيين ونائب مسلم، ورميها على كاهل الحكومة.
أمّا في المضمون، فإنّ برّي بإصراره على إجراء الإنتخابات الفرعية، إلا إذا فرضت ظروف طارئة وقاهرة تأجيلها، فإنّه يهدف من ورائها إلى توجيه رسائل سياسية عدّة، أهمها:
أولاً: الردّ على دعوات للإستقالة الجماعية من المجلس تمهّد لإجراء إنتخابات مبكرة، وهو ما قام به حزب الكتائب ويدعو إليه حزب القوات اللبناينة، وبالتالي فإنّ بري يبدو وكأنه يقول إنّ أيّ إستقالات محتملة لن تؤدي إلى تقصير ولاية مجلس النواب وفرض إنتخابات نيابية مبكرة، وأنّ أيّ حركة مماثلة سيكون مصيرها الفشل.
ثانياً: حشر رئيس الجمهورية ميشال عون والتيّار الوطني الحرّ، ذلك أنّ برّي يعي أنّ عون وتيّاره لا يمكنهما الإعتراض على إجراء إنتخابات فرعية لأنّهما سيسجلان بذلك مخالفة دستورية، كما أنّ هذه الإنتخابات ستجري في ملعب التيّار البرتقالي، لأن سبعة نوّاب من بين النواب العشرة الشاغرة مقاعدهم موارنة، وبعض من استقالوا مقربين أو حلفاء له، ما يعني أنّ عون وتيّاره سيكونان محشورين في استحقاق قد يكشف تراجعاً في شعبيتهما، لا يرغبانه، قبل استحقاق إنتخابات 2022.