باسيل: ما بدي اتفق مع حدن
“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر
بين “بلا حكي فاضي” و”بعدو عايش بلالا لاند” مرّ يوم الأحد ليقفل على نقطة سلبية في بورصة تشكيل الحكومة، في عملية تكرار لمواقف معروفة، نسفت معها بعض الأجواء الإيجابية التي جرى ضخّها خلال الساعات الماضية. فماذا يمكن أن تغيّر هذه الإطلالة في المشهد السياسي، وهل كانت مجرّد دفاع عن موقع رئاسة الجمهورية؟
كلام باسيل الذي أتى بعد مرور شهر ونصف على الحملات الموجّهة ضد الرئيس ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، لجهة وضع العصي في دواليب التشكيلة الحكومية، وأسبوع واحد على “كلام سعد الحريري” الذي تضمّن جملة مغالطات، بحسب العونيين، جاء بلغة أكثر من صريحة وواضحة من تلك التي اعتمدها الرئيس المكلّف، حيث ذهب النائب البتروني ليلامس بكلامه “الوقاحة الجريئة”، في حديث أعاد عقارب الساعة سنوات إلى الوراء، فاتحاً جروح الإحباط المسيحي، مثبّتاً للرأي العام أن الوثيقة التي أبرزها الشيخ سعد “بعمل غير أخلاقي” تدينه.
بلهجة هادئة نسبياً، لم تخلُ من بعض التعابير والتوصيفات العالية السقف، فتح رئيس “التيار الوطني” النار في كل الإتجاهات، وإن بعيارات مختلفة، مواربة ومباشرة، باتجاه بكركي، صوب الضاحية، دون أن يُسقط المسيحيين من مرمى نيرانه، مصوّباً سهامه “عالناشف” ضد “المستقبل” وحلفائه من عين التينة إلى المختارة.
وإذا كان السرد والحجج التي ارتكز إليها الوزير السابق للخارجية، والتي بسياقها العام معروفة، إلا أنها أخفت بين طيّاتها، مواقف تطرح علامات استفهام حول جوهر الكيان والنظام وعلاقة الأطراف السياسية، وأبرزها:
فتح النار على الأطراف المسيحية كلها دون استثناء، بعد أن كان حيّدهم المرّة الماضية، مذكّراً “القوات اللبنانية” بما حصل في التسعينات “لمّا خسِرنا خِسروا ولمّا انّفينا انسجنوا”.
الردّ بطريقة غير مباشرة على بكركي في موضوع المؤتمر الدولي، وإن كانت في مكان ما تفتح دعوته لإعادة النظر بالنظام السياسي، الباب أمام الإستنتاج، وذلك في ظل عدم تحديده آلية السير بهذا الخيار.
في مسالة المرفأ، أعاد باسيل تكرار مواقف أمين عام “حزب الله” متبنّياً المنطق نفسه في المقاربة.
تحذيره من أن العمل على توافق سنّي – شيعي في المنطقة، لن يكون على حساب لبنان، لذلك “لا يحلم أحد بإعادة استنساخ تجربة الحلف الرباعي”.
تصويبه على الرئيس سعد الحريري، من بوابة “وَقف العَدّ”، معيباً عليه الحديث بهذا المنطق، و”تربيح الجميلة”، معتبراً أن مفتاح المناصفة هو في الجهة التي تعيّن الحصة المسيحية.
زَرَك باسيل، “الرئيس المكلّف، وإطلاقه مبادرة “ملعونة” على قاعدة “خذوا الحكومة واعطونا الإصلاحات”، في مسألة مقايضته للإصلاح مقابل إعطاء الثقة، علماً أن ما طلبه مرتبط بقوانين “نائمة” في المجلس النيابي، فضلاً عن السير بالتحقيق الجنائي المالي “سَلَف” بعيداً عن الوعود والعهود. وهنا، كان واضحاً تصويبه على رئيس مجلس النواب بوصفه شريكاً للحريري.
فالنائب البتروني يعرف جيداً أن الإصلاح الذي يريده كفيل بالإطاحة بالحريري وشركائه.
مع الإشارة إلى أن مسألة عدم إعطاء “البرتقالي” الثقة للحكومة، وفي حال امتناع “القوات” والكتائب، فإن الحكومة الجديدة ستكون أمام معضلة الميثاقية.
نقل معركة الثلث الضامن، الذي تملكه جميع أطراف الحكومة، إلى اتهام الحريري بالسعي للحصول على النصف زائد واحد، باعتبارها حكومة العهد الأخيرة التي قد تستمر بعد نهايته.
إستشهاده اللافت بكلام الرئيس السوري، والذي عابه عليه معارضوه. فالأسد تعلّم من الماضي فيما الرئيس المكلّف لم يتعلّم، فشعاره لبنان أولاً ستار للإستقواء بالخارج، ولتكريس الإحباط المسيحي وتهجير المسيحيين وللهيمنة على قرارهم.
مغازلته الواضحة ل “حزب الله” واعتبار الضاحية الطرف الوحيد، الذي وقف إلى جانب الرئيس في معاركه السياسية لاستعادة الحقوق، رغم مطالبته الرئيس الحريري بمعاملة “التيار” وفقاً لنفس المعايير التي يتعامل فيها مع الحزب. فمن باب الهجوم دافع عن حارة حريك وسيّدها. فهل فعل كلام السيد فعله؟
توصيفه الخطير لسبب هجوم الحريري على “التيار” ورئيس الجمهورية، والذي يأتي للتغطية على تفاهمه مع الحزب أمام جمهوره. فهل أراد بذلك زرع “الفتنة” بين الشيخ سعد وجمهوره المعادي للحزب؟
الكلام الذي يبدو أنه أوجع تيار “المستقبل”، دفع بالأخير إلى الردّ رسمياً بسرعة لافتة، مستعيضاً عن استراتيجيته السابقة بتجيير التعليق إلى نواب الأزرق، ناعياً تشكيل الحكومة ومكرّراً مواقفه السابقة عن “الهيمنة على بعبدا ومصادرة قرارها ونقل صلاحياتها إلى ميرنا الشالوحي”، فيما كان البرتقاليون يحتفلون ويشربون “كأس” رئيسهم بعد جرعة “حليب السباع” التي حقنهم فيها، حيث اعتبرت مصادرهم، أن “زعيمهم” كشف الحقائق، بغضّ النظر عمّن سيصدّق، و”مهمّتنا إيصال الحقيقة للناس ولن نرضخ أو نتراجع، وسيجد الفريق الثاني نفسه مُحرَجاً بعد كلام باسيل وليس العكس”. لتكرّ بعد ردّ “الأزرق”، سبحة الردود الإشتراكية والقواتية، التي سألت باسيل”ماذا أصلحت”.
“ماتش” المصارعة بين ميرنا الشالوحي وبيت الوسط مستمر، سلاحه وأدواته المثل اللبناني المعبّر “الصهر سندة الضهر”، وقد صحّ ذلك تماماً بالأمس،رغم اعتبار الكثيرين أنه “جاب آخرتو للعهد”.
أمّا بالنسبة لـ “المستقبل” “مع جبران فالج ما تعالج”. فيما “الشاطر حسن” بمكان آخر، “طُبّ البريق عا تِمّو بيطلع الصهر لعَمّو”، هكذا بدا جبران باسيل في مؤتمره الصحافي على صورة ومثال “الجنرال”.