ابراهيم النجّار
لُعبَة مكشوفة كأصحابها فريقها معروف ومُصَنَّف برتبة عميل وجلموق وأبواقها رخاص الأنفُس اختاروهم من نسيج أشرف الناس ولكنهم بِلا شرف ولا يشبهون أولئكَ الناس.
فصول الحكاية ابتدأت مع محاولات ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت من قِبَل شركة جهاد العرَب، بإيعاز إسرائيلي للسعودية التي تَوَلَّت نقل الطلب للعَرب عبر أسياده، وتصدىَ حزب الله للمشروع بقوة، لأنه اعتبرهُ تدميراً لقدرة المرفأ على استقبال السفن العملاقة،وكونه يشكل أعمق حوض بحري في المنطقة، فقاموا بعدها بتفجير المرفأ وبدأت الحملة بالتلميح الى مسؤولية حزب الله، وما لبثت إن فشلت بعدما عجزوا عن تقديم دليل واضح، لتنتقل بعدها رحلات السفن التجارية منه إلى ميناء حيفا الصهيوني في خطوة مدروسة تسبق التطبيع الخليجي الصهيوني.
بعد التفجير مباشرَةً كان القرار الأميركي بفرض عقوبات على المصارف التي يملكها رجال أعمال شيعة وإفلاسها على غرار البنك الكندي، وما لبثت إن طالت العقوبات شخصيات شيعية ومسيحية موالية للخط المقاوم، ثُمَّ تدحرجت الأمور نحو تدخل حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف بشكل مباشر بالمؤامرة التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية، وكانوا على علم بكافة التفاصيل ويحفظون عن غيب الدور المنوط بهم كَون رياض سلامة أحد أكبر رجال عائلة روتشيلد وروكفلر ثقة في لبنان ويحفظ عن ظهر قلب الدور الذي يجب عليه القيام به.
اجتاح الشعبَ اللبناني غضبٌ كبير، بسبب حجز الأموال المُودعَة في المصارف والتي لم تستثنِ مواطناً عن آخر أو طائفة عن أخرىَ إنما طالت كافة المودعين، من كل الطوائف على حدٍ سواء، بينما كبار المودعين من سياسيين ومصرفيين كانوا على علم بالمخطط، فقاموا بتهريب أموالهم وأكثر من نصف أموال المودعين التي نهبوها للخارج، وبدأ رياض سلامة وجمعية المصارف ونقابة الصرافين لعبتهم القذرة، برفع سعر الدولار مقابل الليرة حتى لامس العشرة الآف ليرة لبنانية.
لَم يركع حزب الله لأن عناصره ومقاتليه يتقاضون رواتبهم بالدولار الأميركي من خارج لعبة المصارف، أما بيئته التي تأثرت، منها مَن تلقىَ المساعدات، ومنها مَن هو قادر ومُكتفٍ، ومنهم مَن يعاني من الضيق الِاقتصادي والمادي، لكنهم فَضَّلوا الضيق على الذُل، ولا يخلو الأمر من بعض الناس الذين بدأت نقمتهم على الحزب ترتفع، بسبب الوضع المالي الضيق، لكن الشعب اللبناني بكل أطيافه يعاني من ذلك، ومن ضمنهم حلفاء أميركا التي لم تميز بعقوباتها بين عدو أو صديق.
انتفضت بكركي بسبب الأزمة التي طالت المسيحيين أيضاً، وأرسلت برسائل الى المسؤولين الأميركيين تطالبهم فيها برفع العقوبات عن الشعب اللبناني الذي تضررَ بِرُمَّتهِ، بينما المستهدف حزب الله إزدهرت أيامهم مع ارتفاع سعر صرف الدولار وأصبحَ مقاتلوه يعيشون في بحبوحة أفضل، وعندما لمست بكركي أنه لا مجال لإقناع القيادة الأميركية، بتخفيف العقوبات ومحاولة التمييز بين الحزب والمتضررين، وبعدما شرحت لهم بأن كبار التجار وأصحاب الوكالات الحصرية هم من الطائفة المسيحية، ولَم يتلقوا أي جواب إبجابي, بدأ الحديث بشكل علني عن اللامركزية الإدارية، ثم تطور الى التلميح بالتقسيم على لسان النائب بطرس حرب، ثم بدأ الحديث عن الأمر يكبر أكثر وأصبحَ الحديث عنه ينتشر في الكواليس، وخاصةً أعداء المقاومة في الجانب المسيحي الذين واجهوا اعتراضاً مسيحياً ذا وجهٍ آخر أجبرهم على وقف الحديث فيه.
لَم تيأس جوقة العمالة والخِسَة، بل انتقل شياطينها إلى التحريض في المحافل الدولية، من أجل تدويل الأزمة اللبنانية ونقلها إلى أروقة أداة الصهيونية وأميركا الأمم المتحدة، في محاولة جديدة منهم للضغط على حزب الله، مدعومين من ودائع أميركا لدى 8 آذار التي تشكل الخنجر المسموم في خاصرَة المقاومة، والتي نفثت سمومها سراً ضدها أكثر مما نفثت جوقة 14 آذار سمومها لدى السفارات وأجهزة الِاستخبارات العالمية في محاولة خسيسة منهم لجلب الوصاية الخارجية.
في أواخر الشهر الأخير من العام 2020، وبعد أخذ الضوء الأخضر من مشغّليهم السياسيين، أُجرِيَت مروحَة اتصالات بين بعض النواب في البرلمان اللبناني والسياسيين الحزبيين والمستقلين من غلمان السفارات، من فريقَي 8 و 14 آذار
كانت بداية التحرُك الرامي إلى تدويل الأزمَة حيث شعر حزب الله بأنه بدأ يتحاصر من كل الجهات، لدرجة أنه أصبح لا يعرف العدو من الصديق، لكثرة ما اختلطت الأمور وكثُرَت التصريحات، وكانت وسائل التواصل الِاجتماعي ساحة معارك بين الموالين والخصوم للمقاومة، وحصلت أحداث غير مألوفة ولأسباب تافهة في بعض المناطق أدخلت الريبة إلى صدور الناس جميعاً، مقابلة الصحافي قاسم قصير على شاشة الـ NBN ومهاجمته المقاومة من دون أي اعتراض من قِبَل المحاورة سوسن صفا، وضعت الف علامة استفهام حول ما يجري داخل البيت الشيعي.
ثم تَلاها اعتذار قناة المنار من السيدة بُشرَى الخليل، وعدم استطاعتها السماح لها بإطلالة على شاشتها ضمن برنامج حديث الساعة الذي يقدمه عماد مرمل، نتيجة اعتراض فريق مُعيَّن على مشاركتها، وتلقي إدارة القناة اتصالاً يتمنى عدم مشاركتها وإلَّا فإنه لا ضمانه من رد فعل الجمهور على ذلك.
تحرَّكَ حزب الله في كل الِاتجاهات وعلى كل الساحات اللبنانية الصديقة والعدوَة، وأرسلَ رسائله الصريحة والواضحة والحاسمة بلا مواربَة، ولأول مرة، وكل ذلك كان ضمن الغرف المقفلَة، كما اعتادَ أن يفعل وكما عَوَّدَ جمهوره وكان مفادها أن اليَد التي تؤلمنا ويمسكنا البعض منها، شُفيَت تماماً اليوم ولم تعُد كما كانت، ولم يعُد مسموحاً لأي أحد بأن يهددنا لا بحرب أهليه، ولا بحرب شيعيه شيعيه، وإذا اقتضى الأمر أن تبقى المقاومة وجمهورها دون الجميع، فإن ذلك لَن يغير من مجريات الأمور أي شيء، فهذه المقاومة قوية وقادرة ومقتدرة ومستعدة لكل الِاحتمالات، وعلى كل الجبهات داخلياً وخارجياً في الوقت نفسه.
من هنا كان لا بُد لسماحة السيد حسن نصرالله من أن يخرج للبنانيين، ويخاطبهم بتلك الصراحة التي أعتادوها من سيد المقاومة، حيث قال: الدعوة للتدويل هي دعوة لِاستجلاب الوصاية المباشرة والِاستعمار،بما معناه دعوة للحرب.
ووجه للعدو الرئيسي محرك زبانية الداخل رسالة واضحة مفادها، أنه في حال نشوب حرب فإنّ معادلة القرية بالمستوطنة، والمدينة بالمدينة قائمة والبادي أظلم، وأن أيّ حرب لن تكون معدودة الأيام وستتدحرج، محذراً الجميع بوقف اللعب بالنار، داخلياً وخارجياً أعداء ومَن يَدَّعون أنهم أصدقاء.
عَلَّهُم فهموا الرسالة؟
أقلام حرة
المصدر: ابراهيم النجار