من الواضح ان بايدن واعضاء ادارته، وعلى نقيض ما يتم تسريبه في الصحافة الامريكية، حول عدم توصلهم بعد الى صيغة بديلة لسياسة ترامب ازاء الاتفاق النووي، او وجود اختلافات في وجهات النظر بين اعضاء هذه الادارة وطريقة العودة الى الاتفاق، بسبب وجود صقور وحمائم داخل الادارة، او وجود معارضين للاتفاق سواء في الكونغرس الامريكي وداخل اميركا والمنطقة ، فانهم يعملون وفق استراتيجية واضحة المعالم وهي استراتيجية “المراوغة”، القائمة على المراهنة على عامل الوقت، إعتقادا منهم انه يمر ضاغطا على إيران، بسبب إرث ترامب وضغوطه القصوى، وفي حال اضيف اليه عامل “تحييد” الموقف الاوروبي، او “جعل هذا الموقف اكثر التصاقا” بالموقف الامريكي من الاتفاق، وهو ما سيدفع ايران في النهائية الى تقديم تنازلات.
معرفة ايران بحقيقة السياسة الامريكية القائمة على القوة المجردة والعنجهية والمرواغة والكذب والنكث بالعهود والوعود والمواثيق، هو الذي دفعها الى عدم الثقة حتى بالوعود الانتخابية التي كررها بايدن مرارا خلال حملته الانتخابية، ومنها عودته الفورية الى الاتفاق النووي في حال فوزه بالانتخابات، لذلك بدأت ايران خطواتها في تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي، دون انتظار دخول بايدن الى البيت الابيض، وتنفيذ وعده بالعودة الى الاتفاق النووي. فتقليص ايران لهذه الالتزامات ثلم نصل سيف الوقت الذي كانت ايران واثقة بان بايدن سيستخدمه ضدها، تحت ذريعة انه لم يتوصل الى صيغة بديلة لصيغة ترامب في التعامل مع الاتفاق النووي.
ايران لم تثلم سيف الوقت الذي بنى عليه بايدن الامال العريضة لدفع ايران الى تقديم تنازلات، بل انها ومن خلال قانون صيانة مصالح الشعب الايراني والغاء الحظر الذي اقره مجلس الشورى الاسلامي، تمكنت من شحذ نصل سيف الوقت الذي بيدها ورفعه في وجه بايدن والاوربيين المراوغين، الذين باتوا يتعرضون لضغط الوقت الذي بات يمر عليهم كمرور نصل السيف على رقابهم، فايران عاقدة العزم على وقف تنفيذ البروتوكول الاضافي في 23 من الشهر الحالي، ولن تنفع المراوغين زيارة المدير العام للوكالة الدولية رافايل غروسي الى ايران، فهذه الزيارة لا صلة لها بقرار ايران منع المفتشين الدوليين من تفتيش منشآتها النووية وفقا للبتروكول الاضافي، فقرار وقف تنفيذ البرتوكول اتخذ وانتهى الامر.
ان على بايدن المرواغ ورفاقه الاوروبيين الذين سبقوه في لعبة المراوغة، ان يعلموا ان ايران تعاملت بحسن نية في موضوع الاتفاق النووي، فقد نفذت التزاماتها تماما حتى الى ما بعد سنة كاملة من خروج اميركا من الاتفاق، والتقارير الـ15 للوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤيد تنفيذ ايران لالتزاماتها، وانها امتثلت لطلب الاوربيين بالبقاء في الاتفاق النووي على ان يقوموا بتعويضها عن خروج اميركا، وتعهدوا بتنفيذ 11 التزاما ولكنهم لم يفوا بوعودهم، وعلى المراوغين اليوم ان يدفعوا ثمن مراوغتهم ، التي مازالوا يراهنون عليها، فإيران التي لم تتنازل عن حقوقها المشروعة في ظل الضغوط القصوى في عهد المعتوه ترامب، لن تتنازل عن هذه الحقوق في ظل المفاوضات في عهد المرواغ بايدن.