كاتب إسرائيلي: العنف الداخلي ينتظرنا
أدليست: استبداد الأغلبية اليمينية في إسرائيل يفرض أيديولوجيتها بالقوة- جيتي
وأضاف ران أدليست في مقاله بصحيفة معاريف، ترجمته “عربي21” أن “المزاعم الإسرائيلية بأنها دولة ديمقراطية بسبب مظاهر الانتخابات، حرية التعبير، البرلمان، حرية الحركة، الحرية الأكاديمية، هي في حقيقتها مظاهر جوفاء في جوهرها، لأن ما تشهده إسرائيل في الحقيقة هي فقاعات من الحرية، في حين أن البحر الكبير الذي تهتز فيه هذه الفقاعات هو دولة تفرقة عنصرية مظلمة”.
وأشار إلى أن “العنف الناتج عن هذا الوضع جزء لا يتجزأ من تشكيل الواقع في الفترة التي تسبق الانتخابات الإسرائيلية، وهو يرتبط بحرمان الفلسطينيين من الحقوق الأساسية، لأن إسرائيل محكومة بالتفسير الراديكالي “للقبائل اليهودية” التي تبنت مواقع رئيسية فيها، وأنشأت تسلسلا هرميا للحقوق والواجبات فيها، فتأخذ هذه القبائل من اللوحة العامة بقدر ما يفرقها، على حساب قبائل المعارضة غير القريبة من المشهد السياسي”.
وأشار إلى أنه “من أجل البقاء في هذه البلاد بسلام وأقل توترا، تبدو فكرة الدولتين مع الفلسطينيين منطقية وصحيحة، وهناك فائدة من دفعها الآن مجددا إلى الواجهة من أجل تهدئة الروح المعنوية في المراحل الأولى من مفاوضات التسوية المتوقعة معهم، ولكن في النهاية في هذا المهد الجغرافي الاستراتيجي بين الأردن والبحر سيكون هناك كيان واحد يعمل اتحاديًا أو كونفدراليًا، يفصل بين القبائل، ويوحد مصالحها المشتركة”.
وأوضح أنه “في غضون ذلك، تقوم إسرائيل هذه الأيام بسبب قدراته العسكرية ببناء جدران دفاعية عسكرية ومادية ضد الفلسطينيين، وتبني داخلها جدرانًا عقلية وسياسية بين القبائل اليهودية نفسها، وتبدو إسرائيل اليوم ديمقراطية شكلية، حيث تسعى كل قبيلة للتحالف مع شركائها، وتدير أدواتها لتولي مناصب السلطة والميزانيات”.
وأضاف أن “استبداد الأغلبية اليمينية في إسرائيل يفرض أيديولوجيتها بالقوة، ويتجاهل حقوق الأقلية، اليهودية والعربية داخلها، مع خروج الفلسطينيين من اللعبة، فالائتلاف اليميني متدين، قومي، متشدد، ويهدف بصورة صريحة لإشعال النار بين الأشكنازيم والمزراحيم، الغربيين والشرقيين، مقابل معارضة تدعي أنها ليبرالية وديمقراطية وقومية وعلمانية”.
وشرح قائلا أن “إسرائيل تشهد المزيد من التقسيمات الفرعية لتحديد أكثر دقة مثل اليمين المسيحي القومي مقابل اليسار الديمقراطي الليبرالي، أو الفاشية الدينية مقابل الديمقراطية الاشتراكية، أو ببساطة أكثر: اليسار ضد اليمين، وهما القبيلتان الكبيرتان اللتان تقاتلان الآن من أجل نتائج الانتخابات، وهيكل الائتلاف الحكومي المقبل”.
وحذر أن “العلمانيين اليساريين في إسرائيل يعتمدون على البنية التحتية الدستورية الديمقراطية التي بناها الآباء المؤسسون، ويخوضون نضالهم من خلال هذه الأدوات الديمقراطية التي لا تزال تعمل، لكن ذلك بالنسبة لمكتب المدعي العام والشرطة والقضاء تحريض على العنف، والطريق المختصر وحجر الأساس للعنف الجسدي الذي سيؤثر على الحملة الانتخابية الإسرائيلية”.
وأضاف أن “الشهر الماضي شهد جملة من الأحداث العنيفة التي شنها اليمينيون اليهود ضد الجيش الإسرائيلي والشرطة والمتظاهرين اليساريين، مما يرسم صورة فوضوية لإسرائيل التي تعيش هذه الحالة من الفوضى، بمن فيهم المستوطنين الذين يدعمون ممارسات “فتيان التلال” المضرة بالفلسطينيين وقوات الأمن، والنتيجة هي فوضى متوحشة ضد محاولات حازمة على ما يبدو من قبل سلطات القانون والنظام”.
وأشار إلى أن “ما تشهده إسرائيل من تحريض على العنف يتم بعلم حكومتها، بالضبط مثلما رأى مثيرو الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في واشنطن، وهم متأكدون أن ترامب يقف معهم، مع أنه في بعض الأحيان ينتهي التحريض على العنف أخيرا بالقتل، كما حصل في اغتيال رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين، وهو أمر رهيب، له مغزى سياسي ووطني، رغم أنه حدث منفرد”.
وأكد أن “الواقع الحاصل اليوم أن نتنياهو وشركاءه يقودون لتحريض عنيف للإسرائيليين ضد بعضهم، مما سيكون له تداعيات على مستوى الدولة بأسرها، وسيحفز الإسرائيليين الخائفين على التصويت لصالح استمرار النظام القائم”.
وأوضح أن “المعركة المركزية والأيديولوجية الحاصلة في إسرائيل اليوم تأتي نتيجة الصراع بين القائم للسيطرة على مزيد من الأراضي والميزانيات ومواقع القوة، إنه صراع عنيف في جميع القطاعات الإسرائيلية، ليس فقط بمعنى تحريف القوانين والأعراف من خلال الأغلبية البرلمانية، ولكن أيضًا من خلال قوة مسلحة بمجموعة متنوعة من الأسلحة وعقيدة الحرب التي تُعرّف أحيانًا على أنها “عقيدة الملك”.
وأكد أن “هذا العنف وجد طريقه ضد العرب واليهود على حد سواء بسبب منشورات يكتبها حاخامات أدت بالفعل إلى احتمال حقيقي لارتكاب هذه الأعمال العنيفة، وهي منشورات وفتاوى تستبيح دماء العرب، بمن فيهم قتل الرضع والأطفال”.