ابتسام شديد -الديار
جنبلاط فتح النار في موضوع التأليف ويتهم بعبدا باختراق الصف الدرزي وتحجيمه حكومياً
لم يتفاجأ كثيرون بالهجوم الذي شنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مؤخرا تحت عنوان «فلينتحر وحده» قاصدا العهد والرئيس ميشال عون، فما سبقه من مواقف وما سيليه لاحقا يؤكد ان الاشتباك لن تنتهي فصوله قريبا وعلى الأرجح سيمتد الى نهاية الولاية الرئاسية الحالية .
جولة العنف الأخيرة التي دعا فيها جنبلاط الرئيس للرحيل والاستقالة تلازم تصريحات المختارة ونوابها وقيادات الحزب التقدمي الاشتراكي واطلالاتهم التلفزيونية منذ فترة وهي اصبحت الخبز اليومي في تصريحاتهم وحياتهم السياسية،وتفسيرها الوحيد اليوم ان لا مجال للتعايش بين الطرفين، فهناك قناعة لدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ان هناك استهدافا شخصيا له في كل الملفات وقد تفاقم ذلك مع ما يجري على خط التأليف من اجل توسيع الحكومة وتحجيم جنبلاط بفتح وتفعيل جبهة خلدة الدرزية ضده لتقوية خصوم المختارة وخرق الصف الدرزي الواحد .
الخلاف بين كليمنصو وبعبدا لا يمكن ضبطه بسهولة او ان يشهد حلحلة فجنبلاط تجاوز كل الخطوط في علاقته ببعبدا، والخلاف بينهما صار خارج دائرة السيطرة على خلفية الحملات التي يشنها جنبلاط ضد العهد والوزير السابق جبران باسيل من دون مراعاة ضوابط للعلاقة.
صراع كليمنصو وبعبدا يتصل مزيج من الشخصي القديم الذي يعود الى سنوات حين وصف رئيس الحزب الاشتراكي عودة عون بالتسونامي وتتصل بالخلاف السياسي العميق والمحطات الخلافية في موضوع الحصص الحكومية والانتخابات النيابية وحادثة قبرشمون ، وقد شكل الملف الحكومي والضغط على الرئيس المكلف سعد الحريري في موضوع التأليف عاملا استفز المختارة، حيث يعتبر جنبلاط ان العهد يناور مع الحريري لجره الى شروط ووحدة المعايير، ولم يتردد جنبلاط بدعوة الحريري الى الاعتذار عن التشكيل بقوله» دعهم يشكلون وحدهم» في إشارته الى العهد وحزب الله ، إلا ان جنبلاط يحيد دائما حزب الله ويستثنيه من التصعيد وحفلة التنمر للعهد والصهر، كما تقول مصادر سياسية .
وتعتبر المصادر ايضا، ان الصراع يعود الى المرحلة الانتخابية الماضية وما حدث خلال الانتخابات في الجبل من استعادة مرشحي التيار الوطني مقاعد نيابية مسيحية إضافة الى الوضعية السياسية لكل من الاشتراكي والتيار الوطني الحر والعهد في الجبل والمعادلة المقبلة .
أقام الطرفا ن ربط نزاع هادىء سابق، إلا انه كان يتعرض دائما للانهيار والسبب هو الكيمياء السياسية المفقودة بين جنبلاط مع العهد ومع الصهر بالدرجة الأولى وقد شهدت العلاقة درجات عالية من النفور والمواجهة بين الجانبين وصلت في محطات الى نبش الماضي وحروب الجبل .
يستحيل ان تمضي فترة طويلة من الهدوء بين كليمنصو وبعبدا قبل ان تندلع مواجهة جديدة وهذا ما يحصل دائما في مراحل التعايش على مضض بين الفريقين وقد خرج الامتعاض العوني من أداء الزعيم الاشتراكي الى العلن في الحلقات الضيقة حيث يتحدث العونيون علنا عن علاقة هشة ومعقدة مع الحزب الاشتراكي الذي لا يجد من يرشقه الا العهد وفريقه وتوسعت حلقة الشكوى العونية من السياسة الى ممارسات الاشتراكيين الاستفزازية فالتحولات السريعة لجنبلاط بالتنسيق مع أخصام العهد وشخصيات تتناغم مع بعضها في العديد من المسائل والمصالح .
يؤكد رئيس الحزب الاشتراكي لمن يلتقيهم استحالة التفاهم والتواصل الى قواسم مشتركة مع العهد ورموزه، ويصفه بانهمن أسوأ العهود الرئاسية على الاطلاق و قد ذهب الى المطالبة بالتحقيق مع رئيس الجمهورية في قضية انفجار المرفأ على قاعدة محاكمة الجميع من دون استثناءات، بنظر جنبلاط ايضا العهد مأزوم و انتهى عمليا لأنه مطوق بالفشل والانهيارات ومع ذلك فهو يكابر ويريد ان يحصل التأليف وفق قواعده وشروطه فيما أوراق القوة هي ملك الحريري سواء انسحب من التأليف او شكل حكومة كما يريد قادرة على جلب المساعدات المالية والانقاذ.
الهجوم على العهد يختلف لدى جنبلاط عن التصعيد ضد حزب الله، فهو يركز الحملات السياسية على العهد من دون ان يسقط بصورة كاملة ربط النزاع مع حزب الله الذي يهاجمه بطريقة اكثر انضباطا على شكل تغريدات تتهمه بالأزمة الحالية وتنفيذ أجندات خارجية وولكن من ضمن حفظ خط الرجعة السياسية إذا ما تغيرت المعادلات وليس كما يحصل مع العهد الذي يصفه «بالمجرم والعبثي».