يلقي التحالف السعودي – الإماراتي بكلّ ثقله لوقف تقدُّم قوات صنعاء نحو مدينة مأرب، إلى حدّ الاستعانة بتنظيمَي «القاعدة» و«داعش»، الذي أعلن رسمياً مشاركته في المعارك. على رغم ذلك، تَفشل القوات الموالية لـ«التحالف» في استعادة زمام المبادرة في محيط المدينة، فيما يواصِل الجيش و«اللجان الشعبية» تقدُّمهما، وإن ببطء فرضته كثافة الغارات الجوّية، والتحشيد القتالي غير المسبوق إلى مأرب
وأوضحت مصادر قبلية في محافظة مأرب، في حديث إلى «الأخبار»، أن «المواجهات بين الطرفين جرت من المسافة صفر في عدد من جبهات صرواح غرب مدينة مأرب». وأشارت إلى أن «المعارك دارت في جنوب الطلعة الحمراء التي لم تَعُد تحت سيطرة أيّ طرف بسبب كثافة الغارات التي يشنّها طيران العدوان السعودي على الطلعة»، لافتة إلى تَمكُّن «قوات الجيش واللجان الشعبية من السيطرة على تبّة العصيدة الواقعة بعد الطلعة الحمراء شرق صرواح، بعدما توغّلت في مساحات واسعة واقعة في نطاق التبّة نفسها، وحاصرت عدداً من الوحدات العسكرية التابعة للمنطقة العسكرية الثالثة لقوات هادي في تلك المناطق». وتزامَن هذا التقدُّم مع آخر في جبهات غرب المدينة، حيث سيطر الجيش و«اللجان» على كامل منطقة دش الحقن الواقعة في محيط جبال الخشب التي تبعد 7 كيلومترات عن الأحياء الغربية لمدينة مأرب، فيما تحدّثت مصادر مطّلعة عن اشتداد المواجهات في وادي نخلا الواقع في نطاق قبيلة عبيدة من دون تسجيل تَقدُّم لأيّ طرف. وفي جبهات العلم شمال المحافظة، حاولت قوات هادي الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، وشنّت عملية ضدّ مواقع تابعة للجيش و«اللجان»، إلّا أنها فشلت في إحراز أيّ تقدُّم. وفي المقابل، تَمكّنت قوات صنعاء، فجر الخميس، من إحراز تقدُّم كبير نحو مركز مديرية رغوان غرب مأرب. ووفقاً لمصادر عسكرية، فإن التقدُّم في قرية أسداس وفي قرية آل زبع وعدد من المناطق الواقعة في نطاق مركز المديرية أدّى إلى التحام جبهتين من جبهات الجيش و«اللجان»، وهو ما من شأنه أن يُعزّز هجماتهما غرب مدينة مأرب. وبحسب مصادر مطّلعة، فقد تمكّنت قوات صنعاء، أمس، من نصب كمين لعدد من كتائب «اللواء 163» التابع لهادي، في أطراف جبل المشجح غرب مأرب، في حين لا يزال مصير اللواء غامضاً بعد محاصرته.
وبعد تلقّيها تعزيزات عسكرية كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، صَعّدت قوات هادي في جبهات آل أحمد في مديرية جبل مراد جنوب مأرب، ودفعت بالمئات من العناصر نحو جبهات غرب المدينة، إلا أنها فقدت المزيد من القيادات العليا في المعركة. فبعد أيّام من مقتل قائدَي «اللواء 203 – مشاة ميكا» و«اللواء 62 – مدرّع» في جبهات صرواح، اعترفت بمقتل قائد «لواء الصقور» الموالي لها، العميد أحمد الشرعبي، في جبهات الكسارة الخميس، كما تكتّمت عن استسلام الكتيبة الثانية في «اللواء 117» أول من أمس في جبهة شرق صرواح. وبعكس ما يحدث على الأرض، لجأت قوات هادي، منذ أيام، إلى بثّ إشاعات عن انتصارات لا وجود لها في الواقع، مُحاوِلةً بذلك رفع الروح المعنوية المنهارة لجنودها، والتكتُّم عن خسائرها العسكرية في المعركة التي مضى على انطلاقها أسبوعان، خشية فشل خطّة التحشيد التي تُنفّذها في مختلف المحافظات الجنوبية ومحافظة تعز تحت شعارات طائفية. وفي هذا الإطار، أكدت مصادر محلية في محافظة شبوة (شرق) توجيه سلطات حزب «الإصلاح»، المسيطِرة على المحافظة، جميع المساجد بتحريض المواطنين على التوجُّه للقتال في مأرب. ووفقاً للمصادر، فقد أطلق مكتب الأوقاف في شبوة حملة «الهبّة الشبوانية لنصرة محافظة مأرب»، والهادفة إلى حثّ المواطنين على التوجُّه شمالاً. وتأتي حملات التحريض هذه بالتزامن مع إعلان تنظيم «داعش»، رسمياً، الأربعاء، مشاركته في القتال في جبهات غرب مأرب إلى جانب قوات هادي، فضلاً عن قيام الأخيرة بمنح أحد قيادات تنظيم «القاعدة» في أبين، المدعو «أبو منيرة المرقشي»، رتبة عقيد، وتعيينه قائداً لجبهة الكسارة غرب مدينة مأرب. بالتوازي مع ذلك، وجّهت السعودية بتصعيد القتال في جبهات مريس وقعطبة في محافظة الضالع (جنوباً) الواقعة على الحدود مع محافظة إب (شمالاً)، لتخفيف الضغط العسكري عن مأرب.
إزاء ذلك، شدّد زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في خطابه أمس بمناسبة «جمعة رجب»، على أن «المعارك التي يخوضها الجيش واللجان الشعبية في مأرب والجوف والبيضاء وتعز والساحل وكلّ الاتجاهات، هي تصدٍّ للمعتدي الذي حارب الشعب اليمني، ويريد السيطرة والوصاية عليه»، مؤكداً أن «المعركة الحالية في مأرب أو في أيّ محافظة ليست مع أبناء المحافظة»، لافتاً إلى أن «قلّة قليلة من أبناء مأرب تقاتل تحت إمرة ضابط سعودي، ويحاولون فرض السيطرة السعودية في إطار الولاء لأمريكا والتطبيع مع إسرائيل». وكان المكتب السياسي لـ«أنصار الله» استهجن، الخميس، الضغوط الدولية لوقف تحرير مأرب، داعياً بدلاً من ذلك إلى وقف العدوان ورفع الحصار.