بولا مراد- الديار
طغت مستجدات ملف تفجير مرفأ بيروت على المشهد اللبناني العام بعد ساعات من الاعلان عن كف يد المحقق العدلي القاضي فادي صوان. فكما كان متوقعا لجأ أهالي الضحايا الى الشارع للتعبير عن امتعاضهم مهددين بخطوات تصعيدية مفاجئة وقطع شرايين حيوية مهمة في البلد. وانقسمت مواقفهم ما بين متمسك بإعادة صوان لقيادة التحقيق وبين داع لتكليف محقق جديد بأسرع وقت ممكن وما بين دافع لاحالة التحقيق ككل الى القـضاء الدولي.
ولم تتأخر وزيرة العدل المولجة قانونا بعرض اسم المحقق العدلي على مجلس القضاء الأعلى للسير به، باقتراح أول تضمن اسم القاضي سامر يونس الذي كانت قد اقترحته في وقت سابق قبل تعيين صوان وتم رفضه. وقد سارع مجلس القضاء لرد الاسم من جديد. واستغربت مصادر قضائية عبر «الديار» اصرار نجم على هذا الاسم الذي تعرف مسبقا انه لن يمر، وقالت: «بدل ان تحاول تسريع عملية تكليف قاض جديد استجابة لمطالب الشارع، يبدو انها ارتأت مجددا ان تراوغ وهي تعلم انه قد تم رفضه قبل 6 اشهر لكونه مقربا جدا من رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ويشارك في كل المناسبات التي يدعو اليها».
واعتبرت المصادر ان تحقيقات المرفأ ستذهب في مهب الريح باعتبار انه اصلا استلام محقق جديد الملف يعني وقف التحقيقات أقله لشهرين او 3 كي يقرأ كل الاوراق التي بين يديه ويضع تصوره سواء لجهة استكمال التحقيقات من حيث انتهى بها صوان او سلوك مسار جديد يركز على كيفية دخول النيترات الى بيروت لا على الاهمال والتقصير اللذين انطلق منهما صوان.
هذا و قرر مجلس القضاء الأعلى الموافقة على تعيين رئيس محكمة الجنايات في بيروت القاضي طارق بيطار محققاً عدلياً في قضية انفجار مرفأ بيروت وذلك بعد دعوته والاستماع إليه. وجاء ذلك بعد أن طرحت وزيرة العدل ماري كلود نجم على مجلس القضاء الاعلى اسم القاضي طارق البيطار.
وكان قرر أمس مجلس القضاء الذي عقد إجتماعا برئاسة القاضي سهيل عبود للبحث بقرار محكمة التمييز الجزائية بحق القاضي صوان ابقاء جلساته مفتوحة الى حين صدور القرار باختيار المحقق العدلي الجديد وتسلمه الملف. وتم التداول باسم أكثر من قاض لاستلام التحقيق.
وبالتزامن مع المستجدات القضائية، واصل أهالي ضحايا انفجار مرفأ تحركاتهم التي كانوا قد بدأوها مساء الخميس. فنفذوا اعتصاما أمام قصر العدل في بيروت، رافعين صور ابنائهم ويافطات منددة بالسلطة السياسية التي اتهموها بالتآمر عليهم وبتمييع الملف.ودعت الكلمات التي ألقيت خلال التحرك الى «تشكيل أدوات ضغط تؤدي الى تغيير المعادلة الحالية وتطلق مسارا تحويليا لإنقاذ لبنان وللتصدي واستمرار الاعتصامات حتى جلاء الحقيقة«. وطالبت بـ «ضرورة إجراء تحقيق دولي في انفجار المرفأ وتوفير حماية دولية توفر ضمانات دولية لكشف ومعاقبة مرتكبي هذه الكارثة الهائلة». ورغم الدعوات التي وجهتها مجموعات المجتمع المدني للانضمام الى أهالي الضحايا، بقيت الاعداد التي شاركت بالاعتصام المركزي بعد ظهر يوم أمس محدودة جدا.
موقف موحد اشتراكي ـ قواتي
سياسيا، وفيما غابت مواقف الكثير من الاحزاب التي بقيت مترددة بكيفية التعاطي مع الموضوع، برز موقفا «القوات» و«التقدمي الاشتراكي» اللذان انتقدا بــشدة تنحية صوان. ودعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمــال الى إرسال طلب فوري إلى الأمين العام للأمم المتحدة، يطالبان فيه بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية لكشف ملابسات جريمة المرفأ، مشيرا الى ان تكتل «الجمهورية القوية» سيقوم بتوقيع عريضة وتوجيهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة للغرض نفسه.، آسفا في بيان «لكف يد القاضي صوان بقضية المرفأ بعد ان وضعت العراقيل تباعا على طريقه، ولا يقنعنا أحد بان أي تحقيق محلي ممكن ان يوصلنا إلى أي نتيجة جدية في جريمة المرفأ… »
من جهته، اعتبر الحزب «التقدمي الاشتراكي» القرار الصادر عن محكمة التمييز الجزائية الغرفة السادسة، قرارا أسود في تاريخ القضاء اللبناني، وحثّ مجلس القضاء الأعلى إلى اتخاذ «موقف تاريخي مشرف عبر رفض الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف الجزائية وإعلان تبنيه لمطالعة القاضي فادي العريضي الذي خالف الحكم، وإعادة تسمية القاضي فادي صوان للمرة الثانية».
وعلى صعيد متصل، برز تطور اساسي في قضية الناشط الراحل لقمان سليم. اذ أفيد عن ارسال كل من رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي غريغوري ميكس، وعضو اللجنة مايكل مكول، مذكرة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم 18 شباط، طالباه بموجبها بمحاسبة قتلة لقمان سليم وفق قانون ماغنيتسكي، مع الإشارة الواضحة إلى كل من حكومتي لبنان وإيران.
باسيل يواصل التصعيد…
حكوميا، ظل الاستسلام لواقع عدم امكانية تحقيق اي خرق يذكر قبل اللقاء المرتقب للرئيس الفرنسي ايمــــانويل ماكرون بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سيد الموقف. وبانتظار عودة الرئيس المكـلف الى بيروت والمواقف عالية النبرة التي من المتوقع ان يعلنها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يوم غد الأحد، قالت مصادر «التيار» لـ «الديار» انه آن أوان ان يقر الجـــميع بأن لا علاقة لرئيس الجمهورية بتعطيل عـــملية تشـكيل الحكومة وبأن التأخير الحاصل مرتبط بالرئيس المكلف الذي ينتظر تطورات دولية وبشكل خاص ضوءا أخضر سعوديا لم يأتيه بعد». واستبعدت المصادر ان يشــهد الملف الحكومي اي خرق حقيقي قبل نهاية الشـهر الجاري، لافتة الى ان الروس سـيدخلون على الخط في وقت قريب اذا شعروا ان الفرنسيين غير قادرين على اعادة احياء مبادرتهم.
واستقبل الرئيس عون يوم امس رئيس حزب «التـــوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب الذي غرّد بعد اللقاء قائلا:» للحريري نقول تراجع عن حكومة ال 18 وإلا لن تشكل. للأستاذ وليد جنبلاط أقول إذا قبلنا بهذه المعادلة ستلعننا الأجيال المقبلة. نتنازل بحالة واحدة لصالح دولة مدنية فقط . فهل هذه الدولة اليوم هي دولة مدنية؟».
وكما كان متوقعا انعكست الاجواء الملبدة على سعر صرف الليرة، بحيث واصل الدولار تحليقه متخطيا عتبة الـ9500 ليرة. وقالت مصادر مالية لـ«الديار» انه من «المرجح ان يستمر سعر الصرف بالصعود ليلامس الـ10 آلاف حتى نهاية الشهر ليعود ويستقر نوعا ما على 9 آلاف ليرة مطلع الشهر المقبل».
22 الف مواطن يتلقحون ضد «كورونا»
أما على صعيد «كورونا» ففي الوقت الذي تواصلت عمليات التلقيح، عقدت للجنة الوزارية لمتابعة وباء الكورونا برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اجتماعا يوم أمس أقرت خلاله آلية تهدف إلى تحصين الموظفين من الإصابة بوباء كورونا استباقاً لإعادة الفتح التدريجي للقطاعات ابتداءً من الإثنين 1 آذار المقبل. وأعلن وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة تحديد القطاعات التجارية التي سيعاد فتحها على أن تعتمد الإجراءات التي طبقت على السوبرماركت والمصارف لكي يتسنى للموظفين إجراء فحوصات الـpcr.
من جهته، أشار مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية وليد خوري الى «أننا نسير على سكة تطبيق الخطة الموضوعة لادارة تلقي اللقاح مع ترقب تلقيح 22 ألف مواطن مع نهاية هذا الأسبوع». وتوقع خوري، في حديث إذاعي «تكثيفاً لعملية التلقيح مع نهاية آذار حيث من المنتظر وصول اللقاحات تباعاً»، مضيفاً «بعد تلقي اكثر من 17 الف شخص اللقاح لم تسجل أي مضاعفات جانبية». وأوضح «ألا اثبات على تلقي الفرد جرعة واحدة وفي لبنان ومستمرون باعتماد جرعتين لكل شخص».