نصر الله إلى الحلبة لضعف حليفه

وليد شقير-نداء الوطن

 

لم يحسب “حزب الله” حساباً لتصاعد الموقف المسيحي المعارض لهيمنته على القرار اللبناني ورهنه البلد للحسابات الإقليمية على الشكل الذي حصل حتى الآن. الحصان الذي ركبه من أجل تمتين قدرته على التأثير في القرار اللبناني، أي “التيار الوطني الحر” ورئاسة العماد ميشال عون، ليس قادراً على تحمل عبء تلك السياسة الإلحاقية للبلد، بمقتضيات استتباع لبنان كورقة قوة لمحور المقاومة.

فعلى رغم المنافع الكبرى التي جناها “التيار” من تحالفه مع الحزب إلى حد الالتصاق به، الأمر الذي كلفه العقوبات الأميركية على رئيسه جبران باسيل، يسعى الأخير إلى الحصول على الثلث المعطل في الحكومة من دون حليفه “حزب الله”، لأنه يرغب بالإيحاء للخارج وللرأي العام المسيحي بأنه يأخذ مسافة عنه من جهة، ولأنه يحضّر نفسه لخطوات لا يتفق مع الحزب عليها، إن بالنسبة إلى السياسة الخارجية أو بالنسبة إلى الاستحقاقات الداخلية، سواء الانتخابات الرئاسية، أو الانتخابات النيابية، من جهة ثانية.

اضطر الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله للنزول بثقله إلى حلبة السجال السياسي حول تدويل الحلول للأزمة اللبنانية، لأن حليفه لم يعد قادراً نتيجة تراجع شعبيته، على الوقوف في وجه دعوات البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي المتكررة إلى عقد مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان. ومع رفض رئيس الجمهورية لفكرة التدويل، تستمر بكركي في التشديد على دعوة المجتمع الدولي إلى حفظ لبنان من زوال هويته المهددة، ويواكبها في طروحاتها الفاتيكان عبر مواقفه العلنية واتصالاته.

المطالعة التي أدلى بها نصر الله الثلثاء ضد “أي شكل من أشكال التدويل، باعتباره مضراً بلبنان ودعوة إلى حرب، بل نراه خطراً على لبنان، و يتنافى مع السيادة، وقد يكون غطاء لاحتلال جديد”، جاء رداً على البطريرك الراعي، على رغم تجنبه تسميته، تفادياً لسجال مع المرجعية المسيحية الأولى في البلد، فإذا بالبطريرك يرد ويتمسك بموقفه وبدعوته الدول إلى إنقاذ البلد. بل ان الراعي أوحى على طريقته بقناعته بأن “دعوتي ليست للتهويل أو لحرب أهلية…لأننا نعيش حرباً أهلية من دون حرب”، وبأن غيره هو الذي يهدد بالحرب ويمارسها.

ومرة جديدة أسقط الراعي حجة فريق رئيس الجمهورية التي سانده فيها “حزب الله” على مدى السنوات الماضية، وواكبه فيها بعض مسؤولي الحزب وإعلامه في الأسابيع الأخيرة، في تبرير موقفه من طروحات الرئيس المكلف سعد الحريري بأنه دفاع عن حقوق المسيحيين وعن دور وصلاحيات رئيس الجمهورية في المشاركة في تأليف الحكومة، فشدد على أنه لا يميّز في حديثه بين مسلمين ومسيحيين إنما يتحدث باسم اللبنانيين، بصفته مواطناً لبنانياً وليس مواطناً مارونياً، لقناعته بأنّ تأمين حقوق اللبنانيين “يشمل المسيحي والمسلم” على حد سواء…. ويلاقيه في هذا التوجه قول رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إن “فريق الرئاسة خسر كل شيء ولم يبق أمامه إلا اللعب على الوتر الطائفي وطرح الملف الحكومي من زاوية حقوق المسيحيين التي تكون بقيام دولة قوية”، فضلاً عن ترحيبه بفرضية استقالة رئيس الجمهورية، واعتباره التهديدات لبكركي “عنتريات”.

لما قاله نصر الله تبعات مسيحياً. فهو حصر المشكلة حول الحكومة بين عون والحريري، فإذا بها بينه وبين البطريرك وبين الأخير وبين الحليف.

لم يعد اعتداد الفريق العوني بأنه الأقوى في طائفته، صالحاً كي يستند “حزب الله” إلى قوة حليفه كغطاء لسياساته في استخدام لبنان منصة للأهداف الإقليمية.

Exit mobile version